عطوان : ما هي الورقة الأقوى التي في يد فصائل المقاومة ولم تظهر بعد في معركة غزة.. ولماذا لن تنجح حرب الاغتيالات في إضعاف الجهاد الإسلامي بل العكس؟ وكيف “أدبت” الصواريخ نتنياهو وجيشه وفضحت القبب الحديدية؟
ما هي الورقة الأقوى التي في يد فصائل المقاومة ولم تظهر بعد في معركة غزة.. ولماذا لن تنجح حرب الاغتيالات في إضعاف الجهاد الإسلامي بل العكس؟ وكيف “أدبت” الصواريخ نتنياهو وجيشه وفضحت القبب الحديدية؟
عبد الباري عطوان// فجر اليوم//
بعد إغتيالها الشهيد علي حسن أبو غالي مسؤول قطاع الصواريخ وعضو المجلس العسكري في حركة “الجهاد الإسلامي”، و”سرايا القدس” جناحها العسكري، وبعد يومين من اغتيال ثلاثة من قادتها الميدانيين، بات واضحا ان حكومة بنيامين نتنياهو تشن الحرب الحالية على أمل القضاء كليا على هذه الحركة “الصغيرة” عددا و”الكبيرة” بأسا، لأنها هي التي تطلق رشقات الصواريخ منذ بداية المعركة، ورجالها هم الذين يسقطون شهداء، ولكن النتائج ستكون مزلزلة للاحتلال وجيشه وقيادته.
عندما يذهب محمد الهندي مسؤول الدائرة السياسية في الحركة الى القاهرة بدعوة رسمية من الحكومة المصرية التي تقوم بدور الوساطة على أمل التوصل الى هدنة ووقف لإطلاق الصواريخ، فهذا يؤكد ان ما ذكرناه سابقا، أي ان حركته هي المستهدفة حتى الآن، ولكن هذا لا ينفي حقيقة ان اطلاقها أكثر من 600 صاروخا على المستوطنات الإسرائيلية في سدروت واسدود وعسقلان حتى الآن، جاء في إطار توزيع الأدوار بين فصائل غرفة العمليات المشتركة، ولا نستبعد ان تكون حركة “حماس” التي أعطت الضوء الأخضر لحركة “الجهاد” لتولي مهمة الرد، “توفر” قوتها للمواجهة الأكبر، التي قد تنفجر الأسبوع المقبل، اذا ما أقدم المستوطنون وبحماية من الجيش، على تنظيم مسيرة الاعلام في القدس المحتلة.***نجاح صمود حركة “الجهاد” في ميادين القتال، وتمسكها بشروطها الثلاثة الرئيسية بعدم وقف اطلاق الصواريخ دون تلبيتها (دولة الاحتلال) وقف كامل للاغتيالات الإسرائيلية في القطاع والضفة، وتسليم جثمان الشهيد خضر عدنان، وإلغاء مسيرة الاعلام والاجتياحات للمسجد الاقصى وباحاته، هذا النجاح الاولي يؤكد انها صاحبة قرار وقف هذه الحرب وصياغة بنود أي اتفاق هدنة.اذا كان رهان الجيش الإسرائيلي من وراء هذا الهجوم هو إضعاف حركة “الجهاد الإسلامي” وشل حركتها، وتقليص قوة الردع التي تمتلكها، وارهابها، فان هذا الرهان خاسر، لان الحركة تثبت يوما بعد يوم انها ما زالت قوية، وان ترسانتها من الصواريخ أضخم بكثير مما يعتقده الخبراء العسكريين الإسرائيليين، وان قوة الإرادة في ذروتها.مصدر قوة فصائل المقاومة في قطاع غزة، هو إطالة أمد الحرب، لان دولة الاحتلال، وبعد فرار عشرات الآلاف من مستوطني غلاف القطاع شمالا، ولجوء عشرات، وربما مئات الآلاف الآخرين الى الملاجئ، ومن بينهم وزراء، وتعطل شبه كامل للملاحة الجوية، لا تستطيع العيش في ظل هذه التطورات وهي الدولة التي تدعي انها الأقوى في منطقة الشرق الأوسط، ولا بد ان قادة الفصائل وممثليهم في غرفة القيادة المشتركة على دراية كاملة بهذه الحقيقة.
الأخطر من ذلك، انه كلما طال أمد هذه الحرب، ويبدو انه سيطول، ستزداد الضغوط على حركة “حماس” لإلقاء كل ثقلها فيها، الى جانب حركة “الجهاد الإسلامي” وذراعها العسكري، واغلاق الأبواب امام جميع الوسطاء العرب، فصواريخ “حماس” تتمتع بدرجة عالية من الدقة، الى جانب وجود مسيّرات واسلحة جديدة، قد تشكل صدمة لنتنياهو ورهطه.اغتيال الشهيد علي حسن غالي وزملائه بقصف صاروخي على شقتهم في مدينة خان يونس جاء إهانة لهؤلاء الوسطاء العرب، وخاصة الدولة المصرية التي تتصدر هذه المهمة، وتأكيدا إضافيا على عدم احترام دولة الاحتلال لجميع تعهداتها لها، أي مصر، في وساطات سابقة، بالتوقف عن عمليات الاغتيال.لا نعرف مدى صحة التسريبات الإسرائيلية التي تقول بأن وقف تصنيع الصواريخ في قطاع غزة أحد أبرز شروط نتنياهو لوقف اطلاق النار، والتوصل الى هدنة، ولكنها محاولة يائسة، وشروط بائسة، ومجرد طرحها، سيؤدي الى اتساع دائرة القتال وإطلاق الآلاف وليس المئات من الصواريخ في الأيام القليلة المقبلة.استمرار هذه المواجهة، ودخولها اليوم الرابع هو هزيمة لدولة الاحتلال الإسرائيلي، وصفعة قوية لحكومة نتنياهو ستظهر آثارها وابعادها بعد أيام قليلة من أي اتفاق لوقف رشقات الصواريخ من قطاع غزة.
ما لا يدركه نتنياهو ان تصنيع الصواريخ وتطويرها لن يتوقف مطلقا، بل ربما تنتقل هذه الصناعة والتكنولوجيا الى الضفة الغربية، واقرب مما تتوقعه القيادة العسكرية لدولة الاحتلال.
وحدة الساحات والجبهات تكرست، والآن جاء الدور لوحدة السلاح، والصواريخ والمسيّرات تحديدا، وتثبت الأيام انه بعد كل جولة عسكرية يتفاقم الرعب الإسرائيلي، وتتآكل قدراته الردعية، لمصلحة تطور نظيرتها لدى المقاومة الفلسطينية.
بإختصار شديد، صواريخ قطاع غزة “أدبت” نتنياهو وجيش الاحتلال الذي يقوده، وسنسمع عواءه من الألم في الأيام القليلة المقبلة، فهذه المعركة لم “تشل” حركة “الجهاد الإسلامي”، بل دولة الاحتلال ومستوطنيها، وزعزعت أمنها واستقرارها، ومثلما هرول نتنياهو الى جو بايدن مستجديا التدخل لوقف اطلاق الصواريخ اثناء معركة “سيف القدس” التي نعيش ذكراها الثانية، سيهرول اليه مرة أخرى خلال أيام قادمة مستجديا تدخله لدى الوسطاء العرب لوقف الصواريخ.اعتقد ان مشهد الفوضى في مطار كابول بات تكراره وشيكا في مطار اللد (بن غوريون).. والأيام بيننا.