غادر سكان مباني الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية بيروت على حين غرّة، لم يتمكنوا حتى من حمل أغراضهم الأساسية وأوراقهم الثبوتية، لكنهم حملوا معهم صدمات نفسية كثيرة أبرزها مقولة أنهم يعيشون فوق خطر مؤكد، علماً أن لا معلومات مؤكدة عن وجود صواريخ أو أماكن تصنيع أسلحة تحت المباني.
مضى هؤلاء نحو الطرق والأرصفة في شوارع بيروت والمدن اللبنانية الشمالية، بحثاً عن مأوى لهم يحميهم من القصف الإسرائيلي تحت الجسور وبين الأزقة وحتى على أرصفة الجادات وكورنيش البحر
الصدمة سيدة الموقف
في جولة ميدانية لموقع سكاي نيوز عربية على بعض العائلات التي اتخذت من كورنيش المنارة عند بحر بيروت مقرا لها في العراء قالت زينب (ربة أسرة): “نعيش صدمات نفسية غريبة، فبعد إذاعة إنذار ليلة الاثنين الماضي التي وجهها الجيش الإسرائيلي ودعا خلالها لمغادرة المبنى الذي كنا نسكنه لسنوات طوال وإعلامنا أن ثمة صواريخ وأسلحة تحت هذا المبنى، كانت المفاجأة التي صدمتنا ولم نتمكن حتى من حمل جوازات سفرنا”.
وتابعت “أتينا البحر ليلاً، بتنا في العراء، ومضينا بحثاً عن مكان آمن يؤينا”
وقال الشاب عبد الرزاق حلال (19 سنة) لموقع سكاي نيوز عربية “لم نكن نتوقع يوماً أن نكون حراساً لمواد متفجرة، كنا نذهب الى الجامعات ونعود منها دون التفكير بذلك”.
وأضاف حلال “كل ما نعرفه منذ ولادتنا هنا في الضاحية الجنوبية أن مصنعاً لصناعة الألعاب البلاستيكية والأدوات المنزلية كان يشغل الطابق السفلي من المبنى المؤلف من 9 طبقات وفي كل طبقة 3 عائلات”.
وبحسب محمود أحد سكان منطقة برج البراجنة “بمجرد سماع الإنذار توجهت مع عائلتي الى شاطئ البحر حاملاً أطفالي على ظهري”.
وأضاف محمود لموقع سكاي نيوز عربية “شاهدت بيتي والمبنى ينهار أرضاً دون أن أستطيع الجزم ما إذا كنا نعيش فوق ترسانة صواريخ، إلا أن مشاهد الغارات التي رافقها مفرقعات ونيران بكل الأشكال والألوان جعلتنا نشك بذلك”.
وتساءل” كيف كنا نعيش فوق الأسلحة فعلاً لسنا ندري! نحن في صدمة”.
يرفضون الفكرة
وبدوره، شكك عبد الأمير فقيه بزعم الجيش الإسرائيلي بوجود صواريخ تحت المباني السكنية، وقال مستغربا “أرفض هذا الادعاء، لا يمكن أن يستخدمنا الحزب كدروع بشرية ونحن الذي بذلنا أرواحنا لأجله”.
وفي إحدى مدارس بيروت وفي جولة لموقع سكاي نيوز عربية بين النازحين تقف عناية مستندة إلى عامود مكتوفة اليدين، وتجيب “أكثر من 20 سنة قضيتها مع زوجي في بلاد الاغتراب لأتملك المنزل الذي كنت أسكنه في منطقة الحدت بالضاحية الجنوبية لبيروت”.
وتتابع “لم أصدق كيف هدمت أحلامنا بثواني، ولكن ما يعزينا أن الأسلحة التي قيل أنها تحت رؤوسنا لم تنفجر بنا”.
ويروي أحد الشبان الذي لم يرغب بذكر اسمه فيقول لسكاي نيوز عربية: “من يتابع شاشات التلفزة يدرك جيدا أن المباني كانت مخابئ للأسلحة الثقيلة نظراً لمشاهد النيران المشتعلة والأصوات التي تسمع من مسافات بعيدة عن مكان القصف”.
وأضاف “من الطبيعي أن تكون الأسلحة في منطقة الضاحية أو مناطق نفوذ الحزب، ولكن كنا نعتقد أنها في أنفاق خارج المناطق السكنية”.
وقال “من سيعوض على هذه العائلات التي لا تزال تحت وقع الصدمة”.
وتقول حياة جابر لموقع سكاي نيوز عربية “نحن تحت تأثير صدمات عديدة، لكن أبرزها اننا كنا طيلة هذه الفترة نعيش بخدعة وبخطر على أطفالنا وحياتنا”.
في سياق متصل، غردت زينة إحدى الشابات على منصّة “إكس” فدونت “قرّرتُ أن أحمل بعض الذكريات معي لترافقني في رحلة النزوح هذه بحثاً عن أمان مرتقب في مكان آخر”.
وتابعت” أن تترك كلّ شيء خلفك وتذهب، يعني أن تترك جزءاً من حياتك وعمرك هناك وتغادر إلى أجلٍ غير مسمّى”.