فجر اليوم //
العلاقة بين السعودية وإيران كانت عادية إلى حدٍ ما في زمن الشاة بل أنها في الكثير من الأوقات كانت طيبة جدًا لأن كلا البلدين كانا حليفين للدول الغربية ومعاديان للدول والأنظمة الأشتراكية الموجودة في المنطقة (النظام المصري والعراقي والسوري المقربات من الأتحاد السوفييتي).
لكن بعد الثورة الإسلامية في إيران تغير كل هذا حيث أتخذت الحكومة الجديدة في إيران موقفًا معاديًا بشكل كبير من الدول الغربية وحلفائها في المنطقة حتى أن إيران بدأت تسمي الولايات المتحدة “بالشيطان الأكبر” وأعتبرت جميع حلفاء الولايات المتحدة عبارةً عن “أذناب” أو “عملاء” في المنطقة مثل نظام الشاة.
رسمة معادية لأمريكا في طهران أو كما يسميها المسؤلين الإيرانيين الشيطان الأكبر.
ولم يكن هذا هو السبب الوحيد لتدهور العلاقات الإيرانية السعودية بعد الثورة، السبب الآخر هو أن قادة الثورة الإيرانية كانوا يعتبرون ثورتهم ثورة عالمية وعابرة للحدود، وأعتبروا إيران زعيمة العالم الإسلامي التي من واجباتها نشر الفكر الثوري واسقاط جميع الأنظمة العميلة والكافرة.
فكرة “تصدير الثورة” التي تبنتها إيران لم تقلق السعودية وحدها بل أقلقت كل الدول التي أحتوت على أعداد كبيرة من الشيعة خاصةً العراق الذي يتكون أغلب سكانة من المسلمين الشيعة، لذلك وبسبب أعمال عدائية وعوامل تاريخية آخرى أطلق صدام حسين بعد أن أكد له مجموعة من الضباط الإيرانيين المنشقين أن النظام ضعيف وسيسقط حملة عسكرية عام 1980 تهدف للسيطرة على محافظة خوزستان التي تنتج أكثر من 50% من النفط الإيراني، رأى صدام إنه إذا نجحت العملية فهذا سيعني إما سقوط النظام إما أن النظام ستقلم مخالبه إلى الأبد.
لكن الخطة فشلت واستمرت الحرب لثمانية سنوات آخرى، وقتها دعمت السعودية ودول الخليج العراق ماديًا ومعنويًا طيلة سنوات الحرب الثمانية بشكلٍ كبير من ما أغضب إيران التي دخلت في أشتباك جوي مع السعودية عام 1986.
بوستر إيراني لتشجيع الشباب على المشاركة في الحرب (لا أدري لماذا أول ما رأيت الصورة أعتقدت إن الملة الموجود فيها شيطان😅)
هذه الحرب أثرت على طريقة تفكير المسؤلين الإيرانيين حيث أنهم رؤى الدول التي دعمت العراق على أنهم أعداء في الأصل لكن بعد الغزو العراقي للكويت وجد البلدين نفسيهما يتشاركان نفس العدو وهو حزب البعث في العراق، لذلك وإلى اليوم يسمى عقد التسعينات ب “ربيع العلاقات الإيرانية والسعودية”.
إلا إن العلاقات سرعان ما تدهورت من جديد بعد غزو العراق، لأن إيران وبعد الحرب العراقية الإيرانية لم تتخلى عن فكرة “تصدير الثورة” لكنها غيرت الأسلوب حيث أدرك المسؤلين الإيرانيين أنهم لن يستطيعوا تصدير ثورتهم عن طريق العمل العسكري المباشر لذا بدؤا بدعم المليشيات والقوى الغير نظامية في المنطقة.
على ضوء ذلك بدأ النظام الإيراني بدعم مليشيات شيعية في العراق من ما أغضب السعودية التي أعتبرت النظام العراقي الجديد عبارة عن ذراع إيرانية في المنطقة حتى أذكر أن السفير الأمريكي السابق ذكر في مذكراته أن السعوديين كانوا يسلمونه كل فترة تقارير أستخباراتية تظهر جرائم المليشيات الشيعية ونظام المالكي بحق السنة في العراق.
2011 وثورات الربيع العربي.
عندما بدأ الربيع العربي عام 2011 بدأت ثورة شعبية في البحرين ذات الأغلبية الشيعية لأسقاط الملك، السعودية رأت أن هذه الثورة ستحول البحرين إلى منطقة تحت النفوذ الإيراني لذا تدخلت عسكريًا في البحرين لأفشالها وأنقاذ العائلة المالكة.
إما سوريا فقد تحولت لحلبة صراع بين القوى المدعومة من إيران متمثلةً بالنظام السوري وحزب الله وبين الثوار السنة المدعومين من السعودية.
إما في اليمن وبعد أنقلاب الحوثي فقد تدخلت السعودية في ذلك البلد بشكل مباشر ولا تزال تقصف بالحوثيين حتى اليوم.
الصراع السعودي الإيراني تحول اليوم إلى نزاع سني_ شيعي حيث تدعم إيران القوى الشيعية في المنطقة وتدعم السعودية القوى السنية.
النزاع شيء غير جيد للبلدين لأن منطقة الشرق الأوسط رغم الموارد البشرية والطبيعية فيها إلا أنها تعتبر من أسوء مناطق العالم مع ذلك يضيع البلدين مواردهما في حرب باردة غير مفيدة خصوصًا إيران.