الأخبار

زيلينسكي يريد طرد روسيا من الأمم المتحدة.. فهل ينجح؟ ولماذا إتخذ هذا القرار بعد عودته من واشنطن مباشرة؟ ولماذا نصدّق إتهام بوتين لأمريكا بالعمل على تقسيم روسيا أليس ما يحدث في سورية وإعلان حفتر انفصال الشرق والجنوب في لبنان أحد الأمثلة؟

زيلينسكي يريد طرد روسيا من الأمم المتحدة.. فهل ينجح؟ ولماذا إتخذ هذا القرار بعد عودته من واشنطن مباشرة؟ ولماذا نصدّق إتهام بوتين لأمريكا بالعمل على تقسيم روسيا أليس ما يحدث في سورية وإعلان حفتر انفصال الشرق والجنوب في لبنان أحد الأمثلة؟

عبد الباري عطوان//

تقدمت وزارة الخارجية الأوكرانية اليوم الاثنين بطلب رسمي الى الأمانة العام للأمم المتحدة تطالب فيه باستبعاد روسيا من المنظمة الدولية، ومجلس أمنها بسبب غزو قواتها لأراضيها، وضمها لأربعة أقاليم الى جانب شبه جزيرة القرم، وارتكاب جرائم حرب”.
تزامن هذا الطلب مع عودة فولوديمير زيلينسكي الرئيس الاوكراني من زيارته الخارجية الأولى الى واشنطن بعد عشر أشهر من بداية الحرب لم يكن صدفة، والأمر المؤكد ان الرئيس جو بايدن هو الذي اوعز له بالتقدم بهذا الطلب في إطار خطة تصعيدية جديدة ضد روسيا.
فرص نجاح هذه الخطوة تبدو محدودة، ان لم يكن معدومة كليا، لان روسيا تستطيع وبسهولة، وأده لامتلاكها حق النقض “الفيتو”، والشيء نفسه ستفعله الصين التي صوتت ضد قرار بتجميد عضوية روسيا في مجلس حقوق الانسان التابع للمنظمة الدولية قبل بضعة أشهر، لكن يظل هذا الطلب الاوكراني مقدمة لحملة دبلوماسية جديدة، ومحاولة تحشيد يائسة، للعديد من الدول خلفه على غرار حملة إبعاد روسيا من مجلس حقوق الانسان المذكور آنفا حيث صوتت لصالحه 93 دولة، وعارضته 24 وامتنعت عن التصويت 58 دولة من مجموع 193 دولة عضو.
***
لا بد من الاعتراف بأن القوات الروسية اجتاحت أوكرانيا في شهر شباط (فبراير) الماضي في انتهاك للقانون الدولي، ولكن لها أسبابها، خاصة بعد ان كشفت السيدة انجيلا ميركل المستشارة الألمانية السابقة انها وقادة آخرون في حلف الناتو (على رأسهم أمريكا) خدعوا الاتحاد الروسي بتوقيعهم اتفاق “مينسك” عام 2014 بشأن وقف اضطهاد الاوكرانيين من اصل روسي شرق وجنوب البلاد والاعتداءات عليهم من قبل النازيين الجدد ووقف اعمال القتل ضدهم، وكانت النوايا، وحسب اقوال ميركل لصحيفة المانية، اتخاذ هذا الاتفاق كتغطية لمخطط متفق عليه يهدف الى تعزيز القدرات العسكرية للجيش الاوكراني استعدادا للحرب مع نظيره الروسي في الوقت المناسب.

هذه الخطوة الأوكرانية شكلا، وامريكية فعلا، تدفعنا الى طرح سؤال مهم، وهو لماذا لم نسمع او نرى أي طلب بطرد أمريكا من المنظمة الدولية لغزوها العراق واحتلاله، بذريعة امتلاكه لأسلحة الدمار الشامل غير الموجودة؟

ولماذا لم نر أي تحرك في هذا الاتجاه بعد تدخل حلف الناتو عسكريا وقصفه لليبيا وقتل عشرات الآلاف من أبنائها وتحويلها الى دولة فاشلة، والامثلة كثيرة، ولا ننسى التعريج على دولة الاحتلال الإسرائيلي التي قامت بقرار من الأمم المتحدة وعلى حساب الشعب الفلسطيني، وغزت لبنان واحتلت الضفة الغربية وقطاع غزة وهضبة الجولان، وارتكبت العديد من المجازر وعلى رأسها مجزرة صبرا وشاتيلا.

هذه الضغوط الامريكية على روسيا، سواء جاءت دبلوماسية، او عسكرية، لن تعطي ثمارها، بل ربما تعطي نتائج عكسية تماما، فروسيا ليست العراق، ولا ليبيا، وانما دولة عظمى تملك اكثر من ستة آلاف رأس نووي، وفشلت العقوبات الامريكية في تركيعها مثلما تصور الرئيس “الذكي” جو بايدن ومستشاروه الأكثر غباءا.
إتهام الرئيس بوتين للولايات المتحدة في خطابه الذي القاه امس بمناسبة أعياد الميلاد بالعمل على تقسيم روسيا كان صحيحا، والتاريخ الأمريكي حافل بالأمثلة، ابتداء من كوريا، ومرورا بسورية، وانتهاء بليبيا، وها هو “المشير” خليفة حفتر احد ابرز رجالها يستعد لإعلان الحكم الذاتي في برقة (بنغازي) في الشرق، وفزان في الجنوب، كخطوة اولى لطلاق نهائي مع طرابلس الضلع الثالث في المثلث الليبي، ولا نعتقد ان الولايات المتحدة تعارض هذه الخطوة، بل ربما هي التي حرضت عليها وشجعتها.
***

هيمنة الولايات المتحدة على المنظمة الأممية أضعفت هذه المنظمة، وقوضت ميثاقها والاهداف التي تأسست من اجلها، وهي حفظ السلام والامن في العالم، ولعل توظيفها الراهن، والقصير النظر للأمم المتحدة في الازمة الأوكرانية قد يمثل رصاصة الرحمة التي تقضي على المنظمة الدولية، مثلما حدث مع “عصبة الأمم” وهيئات دولية أخرى مماثلة، هذه اذا لم تفن الحرب النووية العالم بأسره او معظمه.

جميع الحروب، والمؤامرات الامريكية، انتهت بالفشل، والخسائر السياسية والعسكرية المهنية، ولعل الهروب الأمريكي الفاضح من أفغانستان هو أحد الأدلة في هذا الصدد، ومن غير المستبعد ان يكون الدور قادم على أوكرانيا، طال أمد هذه الحرب او قصر، فصواريخ “الباتريوت” الامريكية التي يعول عليها الرئيس زيلينسكي لهزيمة روسيا وحماية أوكرانيا، فشلت في حرب اليمن، ودفعت السعودية الى فك الارتباط تدريجيا مع الحليف الأمريكي، والاتجاه الى الصين وروسيا، ولذلك قد تواجه الفشل نفسه في الحرب الأوكرانية، وربما سيتم تدميرها في مرابطها، وقبل استخدامها، مثلما توعد الرئيس بوتين في خطابه امس.. والأيام بيننا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى