متابعات فجر اليوم //
عبارة وحيدة تصدّرت مشهد الحرب في أوكرانيا في الأيام الماضية، ألا وهي “القنبلة القذرة”، فماذا نعني بذلك وما مخاطرها؟
القنبلة القذرة” مصطلحٌ جديد، دخل في سباق التصعيد والتحذير، المتبادَلين، بين روسيا وأوكرانيا والغرب. إذ أعلنت وزارة الدفاع الروسية أنّ وزير دفاعها سيرغي شويغو، تناول في 3 اتصالاتٍ هاتفية منفصلة، مع كل من نظيره الفرنسي والتركي والبريطاني، خطر استخدام كييف المحتمل “قنبلة قذرة”.
داخل أروقة مبنى وزارة الدفاع الروسية، كشفت مصادر أنّ نظام كييف يستعد لاستفزاز على أراضيه يتمثل في تفجير ما يسمّى “القنبلة القذرة”، أو الأسلحة النووية منخفضة القوة.
تهدف هذه الاستهدافات وفق المصادر إلى “اتهام روسيا باستخدام أسلحة دمار شامل في مسرح العمليات الأوكراني، وتالياً شن حملة قوية على روسيا في العالم تهدف إلى تقويض الثقة بموسكو”.
أما عن مُنفّذ هذه الاستفزازات، فأشارت المصادر الروسية إلى أنّه “بالنيابة عن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، يقوم موظفو مكتبه من دائرته المقربة بإجراء اتصالات سرية بممثلي المملكة المتحدة بشأن إمكان نقل مكوّنات أسلحة نووية إلى سلطات كييف”.
ووضعت روسيا، اليوم الاثنين، قوات الحماية الإشعاعية والكيميائية والبيولوجية في حال تأهب نظراً إلى خطر تفجير “قنبلة قذرة”.
ما هي “القنبلة القذرة”؟
ھي عبارة عن مزیج من المتفجرات، مثل الدینامیت والمسحوق الإشعاعي والرصاصات، وتُعرف أیضاً باسم جھاز تشتیت الإشعاع (RDD).
صُمّمت القنبلة القذرة لتلويث منطقة واسعة بموادّ مُشعة، ما يجعلها خطرة على المدنيين، إلا أنها لا تنطوي على انفجار نووي، فهي لا تشبه القنبلة التي أطلقت على هيروشيما وناغازاكي قبل عقود، والتي تنفجر جراء انقسام الذرات.
وتعد القنابل القذرة واحداً من الأسلحة واسعة التدمير، التي قد تلجأ إليها أطراف خلال العمليات العسكرية، من أجل إحداث تلوّث إشعاعي، لذلك تدخل في مجموعة أسلحة الدمار الشامل.
“القنبلة القذرة” لا تقلّ سوءاً عن النووية
وعن الاختلاف بين القنبلتين الذرية والقذرة، يقول الخبير العسكري قسطنطين سيفكوف إنّ الهدف من “القنبلة القذرة” ليس تدمير المنطقة التي تصيبها، فيما يمكن أن يكون انفجار قنبلة ذرية عادية أقوى بآلاف أو حتى ملايين المرّات من انفجار قنبلة ذرية “قذرة”.
ومن الممكن أن تكون القنبلة القذرة مجرّد حاوية لمواد مُشعّة تُركّت في مكانٍ عام. أو غبار نثره طائرة على مدينة، مثل المبيدات الحشرية التي تنتشر فوق الحقول، وحتى محطة الطاقة النووية المتضررة يمكن إدراجها في خانة السلاح، وفق سيفكوف.
ووفقاً لـمجلس التنظيم النووي الأميركي، فإنّ القنبلة القذرة ليست “سلاح دمار شامل” ولكنها “سلاح اضطراب شامل”، حيث التلوث والقلق هما الهدفان الرئيسان منها.
ما المخاطر الرئيسة لـ”القنبلة القذرة”؟
الخطر الأكبر في “القنبلة القذرة” يكمن في إشعاعها الذي لا يمكن رؤيته أو شمه أو الشعور به أو تذوقه، لذلك تنصح المراكز الصحية عامة باتخاذ إجراءات حماية فورية، أهمها تغطية الأنف والفم، وغسل اليدين فوراً إذا جرى لمس مواد لُوّثت بالإشعاع.
ومع أنّ أثرها الإشعاعي محدود، إلا أنّ انتشارها يتأثر بالظروف الجوية، وتترك آثاراً على المدى الطويل، وقد يتطلب التطهير اللاحق للمنطقة المصابة وقتاً وتكلفة كبيرة، لذلك فهي تقتل ببطء وبصمت أكبر.
بدوره، يوضح مركز السيطرة على الأمراض، أنّ القريبين جداً من موقع الانفجار قد یتعرّضون لقدر كافٍ من الإشعاع، وهذا يسبب أمراضاً خطرة على الفور.
ويشرح المركز أنّ الذين إذا تناولوا طعاماً ملوثاً أو شربوا ماء ملوثاً سیحتاجون حتماً إلى رعایة طبیة.
طرق الحماية
يمكن حماية النفس من آثار “القنبلة القذرة” من خلال تقليل وقت التعرّض للمواد المشعة والابتعاد عنها، والتحصّن في مكانٍ آمن من نواتج التفجير، إضافةً إلى عدم استنشاق المواد المشعة.
نماذج بدائية فاشلة لاستخدام “القنبلة القذرة”
كانت المحاولة الأولى عام 1995 حين اتصلت مجموعة انفصالية في الشيشان بمحطة تلفزيون روسية، وأبلغوها أنّها زرعت “قنبلة قذرة” تتكون من الديناميت و”سيزيوم 137″ في حديقة إسماعيلوفسكي في موسكو، لكنّهم أخفقوا في تفجيرها.
وفي عام 1998، أبطلت الاستخبارات الشيشانية بالتعاون مع روسيا مفعول قنبلة قذرة كانت موضوعة قرب خط السكة الحديد في الشيشان.
وفي عام 2002، قبضت الولايات المتحدة على خوسيه باديلا في شيكاغو الذي كان على اتصالٍ مكثّف بـ”تنظيم القاعدة”، وذلك بتهمة التآمر لبناء وتفجير “قنبلة قذرة” في مدينة أميركية.
وفي عام 2003، عثر عملاء الاستخبارات البريطانية وخبراء الأسلحة على رسوم تخطيطية ووثائق مفصّلة في أفغانستان تُشير إلى أنّ “القاعدة” ربما نجحت في صنع “قنبلة قذرة”.
وفي عام 2004، قبضت القوات البريطانية على ديرين باروت وهو عضو في تنظيم القاعدة اتهم بالتخطيط لهجمات في الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا، وهذه الاتهامات تشمل تفجير “قنبلة قذرة”.