
من عاش على وعود أغنى دول العالم، لا يملك حق مهاجمة من يصلح بواقعية، بهذا العنوان العريض، تتكشف المفارقة النقدية في اليمن، فحكومة عدن التي عاشت سنوات على وعود التحالف الخليجي والدعم الدولي من أغنى دول العالم، لم تنتج سوى انهيار مالي، بينما صنعاء، المحاصرة والمنكوبة، تطلق خطوات إصلاحية واقعية تعيد الاعتبار للريال اليمني
منذ 2015، تلقت حكومة “الشرعية” دعما ماليا وسياسيا من السعودية والإمارات، ومن مؤسسات دولية كالبنك الدولي والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، لكن هذا الدعم لم يترجم إلى استقرار نقدي أو صرف مرتبات أو حتى إصدار فئات نقدية صغيرة تخدم المواطن.كل ما قدم كان وعودا متكررة، ولقاءات دبلوماسية، وبرامج “بناء قدرات” لا يعرف المواطن أين انتهت، بينما الدولار في عدن تجاوز حاجز 2850 ريالا، في مقابل 535 ريالا في صنعاء.
أصدر البنك المركزي في صنعاء عملتين جديدتين عملة معدنية فئة 50 ريالا لتسهيل المعاملات اليومية واستبدال الأوراق التالفة، وورقة نقدية فئة 200 ريال بطباعة حديثة ومعايير أمنية عالية، دون إضافة للكتلة النقدية أو تأثير على أسعار الصرف.هذه الخطوات جاءت ضمن خطة إصلاح نقدي واقعية، بينما بنك عدن المركزي يكتفي بالتحذير من “الانقسام المالي”، دون أن يقدم بديلا أو يصدر فئة واحدة تخدم السوق المحلي، واكتفي رشاد العليمي، رئيس “مجلس القيادة الرئاسي”، بوصف إصدار العملات في صنعاء بأنه “تدمير ممنهج”، متجاهلا أن حكومته لم تصدر أي فئة نقدية جديدة مجدية توقف انهيار الريال في مناطق انتشار التحالف، ولم تفعل أدوات الرقابة، ولم تصرف المرتبات، ولم تحافظ على الريال رغم امتلاكها الموانئ والمصافي وعائدات النفط قبل أن تمنع صنعاء تصديره، حيث كانت عائداته تدخل في حسابات خارج البلاد في البنك الأهلي السعودي وإلى حسابات شخصية للفاسدين.في المقابل، صنعاء تخاطب الناس بلغتهم، وتصدر نقدا محسوبا، وتعيد الثقة بالريال اليمني، أما عدن تخاطب السفراء وتنتظر وعودا جديدة.