أمام معادلة فرض الحرب على لبنان، جاء خطاب الأمين العام لحزب الله اللبناني السيد نصر الله، بحسب محللون، ليحمل في طياته رسائلَ واضحةِ المحددات، إلى الكيان الصهيوني، مفادها أن المقاومة اللبنانية لا تبحث عن مواجهة معه، لكنها مستعدة دائماً لأي حرب قد تفرض عليها، وأن على “تل أبيب” أن تدرك جاهزية المقاومة وقدرتها على التصدي والمواجهة.
ففي إطار الرد على كل التهديدات الصهيونية أكد الأمين العام لحزب الله في كلمته الأخيرة في الاحتفال التأبيني الذي أقامه حزب الله الأربعاء، تكريماً للقائد طالب عبدالله (أبو طالب)، أن “التهديد بالحرب على مدى ثمانية أشهر لا يخيفنا، وهناك أناسٌ يقيّمون هذا الاحتمال على أنه جدي، نحن بوصفنا مقاومة حضّرنا أنفسنا لأسوأ الأيام والعدو يعلم ما ينتظره ولذلك بقي مرتدعًا”.
وقال السيد نصر الله: إنه “إذا فرضت الحرب على لبنان فإن المقاومة ستقاتل بلا ضوابط وبلا قواعد وبلا سقف”.. مؤكدًا أن “العدو الصهيوني يعرف أن ما ينتظره أيضًا في البحر المتوسط كبير جدًا وكل سواحله وبواخره وسفنه ستُستهدف”.
وشدد على امتلاك الحزب “ساعات طويلة عن تصوير حيفا وجوارها وبعدها وما بعد بعدها”.. مهددًا بأن “احتمال اقتحام الجليل يبقى قائمًا وواردًا في إطار أي حرب قد تفرض على لبنان”.
كماةأكد أن “قوة المقاومة اليوم في لبنان لم يسبق لها مثيل، وتجاوزت المائة ألف مقاتل، وتملك عددًا كبيرًا من الصواريخ والمسيّرات المتطورة التي ستظهر في الميدان والتي نقوم نحن بصناعتها”.
وتابع السيد نصر الله قائلا: “قاتلنا بجزء من سلاحنا حتى الآن وحصلنا على أسلحة جديدة ستظهر في الميدان وطورنا أسلحتنا واستخدمنا أسلحة جديدة في هذه المعركة ولدينا عدد كبير وفير من المُسيّرات لأننا نصنعها”.
وشدد الأمين العام لحزب الله على أن “الضغط الكبير من جبهة جنوب لبنان إضافة للجبهات الأخرى يؤثر على جبهة التفاوض بشأن نتيجة الحرب”.. لافتًا إلى أن “جبهة لبنان المُساندة تواصل عملياتها وتُلحق الخسائر البشرية والمادية والمعنوية والنفسية بالعدو وتُقدّم التضحيات أيضًا”.
وقال: إن “جيش العدو يخفي خسائره في جبهة الشمال كيلا يتعرض لمزيد من الضغوط”.. مضيفا: “بحسب قادة العدو، جبهة لبنان أشغلت أكثر من 100 ألف جندي وعدة فرق ولولاها لكانت قد توفرت القوات الكافية لهزيمة غزة، إن جبهة لبنان حجبت قوات العدو عن المشاركة في غزة، وجزء منها قوات نخبة، لأن هناك خوفاً لدى العدو من دخول المقاومة إلى الجليل الأمر الذي يبقى مطروحاً في حال تطور المواجهة”.
ولفت إلى أن “جبهة لبنان إلى جانب استنزاف العدو هجّرت عشرات الآلاف من المستوطنين إضافة إلى خسائر اقتصادية وسياحية حتى بات هناك للمرة الأولى حزام أمني شمال فلسطين المحتلة”.
وفي هذا السياق يرى محللون عسكريون أن من أهم الرسائل التي أراد السيد نصر الله، إيصالها للكيان الصهيوني تتلخص في أن لبنان جاهز لأي اعتداء أو لتوسيع الحرب عليها على خلفية التهديدات التي وصلت إلى أكثر من مائتي تهديد منذ الثامن من أكتوبر الماضي للبنان.
وفي حديثه للجزيرة نت، يقول العميد الركن المتقاعد هشام جابر: إن السيد نصر الله كان واضحا في الحديث عن أسلحة المقاومة.. لافتا إلى أن حزب الله قادر خلال أقل من ساعة على القيام بهجوم واسع على الكيان الصهيوني بالصواريخ والطائرات المسيرة ووفق بنك أهداف محددة لديه، علاوة على وجود عشرات الآلاف من المقاتلين الجاهزين للمعركة.
ونوه بأن السيد نصر الله أراد إيصال رسالة مفادها أن هذه الحرب “فُرضت علينا، ولا يمكننا التوقف ومنح العدو الصهيوني مكاسب لم يتمكن من تحقيقها بإمكانياته العسكرية، وفشل في تحقيقها حتى الآن”.
أما المحلل السياسي قاسم قصير فيرى أن نصر الله رد في خطابه على جميع التهديدات التي وصلت لبنان لوقف الحرب على الجبهة الجنوبية.. مؤكدا استعداد حزب الله لأي حرب قد يخوضها الكيان الصهيوني على لبنان، ومشددا في الوقت ذاته على أن هذه الحرب لن تكون بشكل تقليدي، وأن الحزب مستعد لها.
ويوضح المحلل السياسي أن الخطاب يحمل ردا على ما جاء به المبعوث الأمريكي آموس هوكستاين، وكانت الرسالة واضحة أنه “إذا كان الهدف هو وقف الحرب على جبهة الجنوب أو في اليمن أو العراق، فالحل الوحيد هو وقف الحرب على غزة”.
وبرأيه، فقد كشف السيد نصر الله الكثير عن قدرات المقاومة في مواجهة الكيان الصهيوني واستعدادها للحرب التي ستكون دون قيود أو حدود ، وللمرة الأولى، استخدم السيد نصر الله تعبيرا يشير إلى أن الحرب ستكون برا وبحرا وجوا.
ووصف هذا الخطاب بأنه ردعي وتصعيدي ومدعوم بمعلومات دقيقة عن قدرات المقاومة، ومعزز بما حققته المقاومة من رصد عبر مسيّرة “الهدهد”.