اداء اليمن وحركة انصار الله “الحوثين” مبهر في ذكائه وفي قدراته ووعي قيادته وفي تمكنها من قرار مستقل ومن أداء نوعي في كل الاتجاهات والابعاد.
يسجل لها انها لم تستجب ولا قبلت نصائح وتدخلات بقبول سلطة ودستور محاصص طائفي ومذهبي وجهوي وبادرت وتحملت مسؤولية محاولة حسم السيطرة على عدن وحيث وصلت يدها وتحالفاتها وهذه تسجل لها على عكس التجربة العراقية واللبنانية.
يسجل لها انها لم تقبل نصائح وحزمت امرها وحسمت الصراع مع علي عبدالله صالح وجماعته ونفوذه في مناطق سيطرتها ولم تقبل تسويات وتقاسم ومحاصة.
يسجل لها انها قررت باستقلالية ما تراه مناسبا في اليمن وادارتها لمناطق سيطرتها وقررت من رأسها وبناء لرؤيتها ومصالح اليمن خوض المعارك وجبهات الحروب وقصف ارامكو واهداف في الامارات العربية برغم علاقات حسن الجوار وتبادل المنافع مع ايران.
كما تعاملت ايران وحزب الله مع اليمن باحترام لاستقلالية قرار قيادته ورفضت ايران ان تفاوض عن اليمن كما رفض حزب الله ان يبذل اية ضغوط واشهر كما ايران الموقف بان اليمن سيد نفسه وهو من يقرر ويحاور.
ادارت القيادة اليمنية تفاوضا مع السعودية والامارات وحلفهم وانتزعت ما وجدته في صالحها وصالح اليمن الذي تسعى اليه.
اعدت قوتها وجيشها وتمكنت من سلاحها النوعي والمؤكد انها لم تترك فرصة او جهة يمكن لها ان تستفيد منها لتعظيم قوتها وامتلاكها للسلاح واقامت علاقات ممتازة مع روسيا والصين وسوريا ومصر والجزائر ومع قوى وحركات سياسية بما يخدم قضيتها ويعظم قدراتها.
قررت وفاجأت الكثيرين عندما بدأت حرب البحار والممرات لإسناد غزة وفك حصارها ووقف حرب ابادتها وابلت حسنا بل تفوقت واشتبكت بجرأة وببطولة مع امريكا وبريطانيا وكسرت هيمنتهم على البحار وقزمت قدراتهم وكشفت حجم انحسار قوتهم وتراجعها في العرب والاقليم والبحار والعالم وبذاته هذا انجاز عبقري وفرط استراتيجي مؤسس لدور عظيم لليمن في الخليج والجزيرة العربية والعرب والاقليم الاسلامي.
ولا يعيبها ان نسقت القرار والجهد في هذه الحرب مع حزب الله وايران وفصائل المحور بل يسجل لصالحها.
كشفت عن رؤية وقدرة ووسائط ثورية متقنة في تعبئة اليمنيين وتجنيدهم ودأبت القيادة على الدعوة للتظاهر اسبوعيا كل يوم جمعة لنصرة غزة وفلسطين واستجاب الشعب بالملابين يملئ الساحات والشوارع واستثمرت بالحماس والتعاطف وفتحت معسكرات وحملات التطوع الذي زاد المنتسبين اليها الثلاثمائة الف من المندفعين الشباب وبذلك عززت قوتها العسكرية وباتت تمتلك جيشا صنديدا منظم يتقن القتال وفنونه ويتقن استخدام التقانة ويشتبك بحريا وجويا مع اعظم الدول واقواها على وجه الارض ولا يهاب بل يبلي بلاء حسنا ويسقط الطائرات المسيرة المتقدمة والمكلفة ويشتبك مع اهم حاملات طائرات امريكا وفرقاطات ومدمرات بريطانيا ولا يهاب نتائج او تهديد.
وفي ذات السياق وبإبداعية اقدمت سلطات صنعاء على تجميع المعلومات بهدوء ومتابعتها ووجهت ضربة كاسرة لبقايا نفوذ امريكا وادواتها في الدولة والمجتمع وتقوم بحملة تصفية شاملة للعناصر والجماعات التي زرعت في اليمن ايام الفوضى والسلطات السابقة وضربت في عصب المشروع الأمريكي الانجلو ساكسوني للسيطرة على الدول والامم والشعوب عبر النخب ومنظمات المجتمع المدني وامثالها فهشمتها وهمشتها وقضت عليها واعادت صياغة مفهوم الامن الوطني والقومي وتتعامل مع الاختراقات المجتمعية والثقافية والمهنية والاقتصادية على انها عمل تجسسي لا يجب التساهل معه.
حملة سلطة صنعاء على عملاء امريكا ومريديها ومسوقي نموذجها وقيمها لو اعتمدت في لبنان وغالبية الدول العربية وبما فيها دول وفصائل في المحور لطالت اعداد ونسبة عالية جدا.
فأمريكا لم تخترق الدول والجيوش والاجهزة فقط بعملاء مخبرين بل بنخب وقادة راي عام ومثقفين وخريجي جامعات وقضاة وفاعليات وخبراء اقتصاد واجتماع وتحكم باسمهم من الخلف وتجربة لبنان والعراق واضحة وضوح الشمس.
اليمن يمن الخير والاباء والعروبة والايمان والحكمة يعيد
تأصيل الثورات والفهم الثوري للصراع ويجيد ويبهر.
كاتب ومحلل سياسي لبناني.