– {وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ}، في مقدمة هذه النعم التي أنعم الله بها علينا في الأرض: ما نحتاجه لمعيشتنا، في غذائنا، في أكلنا، في متطلبات حياتنا، في قوتنا، وهذا شيءٌ واسعٌ جداً
– عندما نأتي إلى قائمة المحاصيل الزراعية والنباتات، التي يمكن للإنسان أن يستفيد منها كغذاء، كم هي قائمة البقوليات؟ كم هي قائمة الحبوب؟ كم هي قائمة الفواكه؟ كم هي بقية القوائم؟ قوائم واسعة جداً، أصناف كثيرة جداً
– هيأ الله على مستوى البلدان كذلك أن تزرع البلدان أنواعاً كثيرة من المحاصيل الزراعية والنباتات، وكذلك على مستوى المواسم، في كل موسم فواكه معينة، محاصيل معينة، وأشياء كثيرة جداً
– الاحتياجات التي يحتاجها الإنسان لمعيشته، وفَّرها الله سبحانه وتعالى للإنسان، ولكن مع هذا لابدَّ للإنسان من العمل، والأخذ بالأسباب، وغير ذلك.
– {وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ} يأتي الحديث عن نعمة الله سبحانه وتعالى على البشر بهذه الأرض، وما جعل لهم فيها وخلق لهم فيها من النعم الوافرة، الكثيرة، التي لا تحصى ولا تعد، وهذا مدخلٌ مهمٌ بالنسبة للإنسان، لنعرف أن الله سبحانه وتعالى هو مصدر النعم
– أتى بنا الله إلى هذا الوجود، وخلقنا في هذه الأرض في إطار نعمه، ورعايته الواسعة، وفضله الواسع العظيم، مع التكريم الكبير، فيجمع لنا بين النعم المادية، الوافرة، الكثيرة، المتنوعة جداً، ومع ذلك النعم المعنوية، المتعلقة أيضاً بالجانب الأخلاقي، والقيمي، والديني
– الالتزام العملي في حياة الإنسان، يسمو بالإنسان، ويجعله يتعامل مع تلك النعم بطريقة صحيحة.
– ما هو السبب في امتناع إبليس من السجود؟ الله سبحانه وتعالى كشف لنا نحن هذا السبب باعترافٍ مباشرٍ من إبليس نفسه، {قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ}
– {قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} كان امتناع إبليس من السجود أول معصية عصى الله بها، معصية كبيرة جداً، معصية في الطاعة، في الفعل، في العمل، ولكن تبيَّن أيضاً أن وراء هذه المعصية ما هو أخطر، ما هو أسوأ، ما هو أكبر، وأنها تشعبت وتفرعت عن عقدة الكبر، كان متكبراً، ويعتقد أنه خيرٌ من آدم
– وأنه لا ينبغي السجود لآدم، فهو هنا يتَّهم الله في عدله وحكمته، ويصرِّح بهذا الاتهام، يُصرِّح بهذا الاتهام لله سبحانه وتعالى في عدله وحكمته، يعني أنه ليس من العدل ولا من الحكمة أن يؤمر بالسجود لآدم فيما هو خيرٌ من آدم، وهو يتصور نفسه كذلك، تصوراً زائفاً، تصوراً زائفاً، واستدلالاً بالعنصر الذي خُلِق منه كلٌ منهما ورُكِّب منه؛ بينما العنصر لا يضيف بنفسه، سواءً التراب أو النار
– لكن ليست المسألة في أن يَفْضُل مخلوقٌ على مخلوقٍ آخر بالمادة التي رُكِّب منها، أن ذلك رُكِّب من نار، وذلك خُلِق من عناصر التربة، وذلك خُلِق من عنصر النار، هو كلامٌ سخيف.
– {ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ} السجود ذلك كان تكريماً لآدم عليه السلام، وهذا نعمة على البشر، ويمتد هذا التكريم إلى البشر؛ لأن كرَّم الله الإنسان الأول وبداية الوجود الإنساني، بسجود الملائكة له؛ تكريماً له، وعبادةً لله؛ لأنه تسليمٌ لأمر الله، وطاعةٌ لله جل شأنه، فهو عبادةٌ لله، تكريمٌ لآدم.
– إبليس امتنع من السجود، لم يسجد، {لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ}، وامتنع عن ذلك أشد الامتناع، ورفض ذلك، كان موقفه مختلفاً عن بقية الملائكة.
– لأن الله قد أمره، وأمر الله سبحانه وتعالى سواءً فيما يأمر به ملائكته، أو يأمر به الجن، أو يأمر به الإنس، ليس هناك ما يسوِّغ لمن توجه إليه هذا الأمر الإلهي أن يرفضه، الكل عبيد الله سبحانه وتعالى
– ليس هناك من مجال للإنسان، ولأي مخلوقٍ آخر (الملائكة، الجن)، إلَّا الطاعة
– الطاعة والتنفيذ لأوامر الله سبحانه وتعالى، نحن نؤمن بأن الله هو العليم الحكيم، وأحكم الحاكمين، والرحيم العظيم؛ وبالتالي حتى لو خفي علينا وجه الحكمة تجاه أمرٍ من الأوامر، أو كان لدى الإنسان امتعاض أو أي مخلوق آخر لأسباب أخرى، فليزح عن نفسه ذلك، وليسلِّم لأمر الله جلَّ شأنه.