فجر اليوم //
أعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اليوم الخميس، عن خالص تعازيه لعائلات ضحايا حادثة تحطم الطائرة في مقاطعة تفير، وذلك بعد ضمت الكرملين والمسؤولين الروس.
ووصف بوتين، قائد فاغنر الذي قضى في الحادثة، يفغيني بريغوجين، بأنه “رجل واجه أقدارا صعبة، لكنه كان شخصا ورجل أعمال موهوبا”.
وقال بوتين ان “فاغنر” قدمت إسهاما كبيرا في الحرب ضد النازية في أوكرانيا، نتذكر ذلك ولن ننساه أبدًا.
واضاف ان لجنة التحقيق بدأت تحقيقا في حادث تحطم الطائرة، وسنكمله حتى النهاية.
وتابع بوتين “عرفت بريغوجين منذ فترة طويلة جدا، منذ بداية التسعينيات، لقد ارتكب أخطاء، ولكنه حقق نتائج ملموسة لنفسه وللقضية المشتركة”.
ولم تقدم السلطات الروسية الخميس اي رواية لتفسير حادث تحطّم طائرة يُرجّح أنه أسفر عن مقتل زعيم فاغنر يفغيني بريغوجين، مما أثار التكهنات حول اغتيال الشخص الذي أصبح عدو الكرملين.
ولا تزال مجموعة فاغنر التي غادرت أوكرانيا بعد التمرد، ناشطة في أفريقيا لكن مستقبلها أصبح غامضا بعد مقتل قائدها ومساعديه المقربين في الحادث. وأينما تواجدت المجموعة فهي تتهم بارتكاب تجاوزات واعمال تعذيب وإعدام سجناء.
ونشرت هيئة الطيران الروسية قائمة بأسماء الأشخاص الذين كانوا على متن الطائرة من طراز “إمبراير ليغاسي” التي كانت تقوم برحلة بين موسكو وسان بطرسبرغ، شملت بريغوجين ومساعده دميتري أوتكين، وهو شخصية غامضة يشتبه بأنه عمل بالفعل في الاستخبارات العسكرية الروسية.
وكان ثلاثة من أفراد الطاقم بين القتلى، بينهم المرأة الوحيدة على متن الطائرة وهي مضيفة تدعى كريستينا راسبوبوفا.
ولا يعرف الكثير عن باقي الركاب فيما ذكر الإعلام الروسي أن معظمهم مرتزقة من فاغنر.
والمحققون الذين فتحوا تحقيقا في “انتهاك قواعد سلامة الطيران” دون ترجيح اي فرضية لزموا الصمت الخميس. وتحطمت الطائرة قرب قرية كوجينكينو، على بعد نحو 350 كلم شمال موسكو في منطقة تفير.
ويظهر مقطع فيديو، تمكنت وكالة فرانس برس من التحقق من صحته بفضل إحداثيات الموقع الجغرافي، طائرة تسقط من السماء.
– “هدير” وألسنة لهب –
وفي قرية كوجينكينو روى أحد السكان ويدعى فيتالي انه “سمع دوي انفجار” في الجو. وقال في مقطع فيديو بثته وسيلة إعلام فونتانكا “نظرت إلى السماء ورأيت طائرة وفوقها دخان أبيض”.
وقالت أخرى لوكالة ريا نوفوستي إن جارتها سمعت “هديرا” ورأت شرارات ثم ألسنة لهب. واضافت المرأة التي لم تذكر اسمها “عندما اقتربنا من النافذة، رأيت (…) سحابة سوداء”.
وتُظهر لقطات لرجال الإنقاذ الروس حطاما مشتعلا في منطقة خالية.
وعلى مواقع التواصل أثارت حسابات قريبة من فاغنر اعتبارا من الأربعاء فرضية إطلاق صاروخ أرض جو، مما ساهم في ترجيح اكبر لعملية اغتيال.
إذا استحضر البعض “مسرحية” حاكها بريغوجين للاختفاء، ألمحت رئيسة تحرير شبكة “آر تي” التلفزيونية التي تعدّ مقربة من الكرملين، الى فرضية القتل.
وكتبت عبر منصات التواصل “شخصيا، أميل الى (الفرضية) الأكثر ترجيحا”.
خلال النهار، قام سكان سان بطرسبرغ المدينة التي اتحذ منها مقرا، بوضع الزهور على نصب تذكاري موقت يدل على شعبية زعيم الحرب لدى البعض الذين ايدوا انتقاده الصريح للنخب الروسية، وأحيانا للكرملين.
تقول ناتاليا 31 عاما “بالنسبة لنا، كان صديقا وأخا. أعتقد أنها لحظة مهمة للغاية لجميع الجنود”.
وفي أوكرانيا حيث قاتلت فاغنر لفترة طويلة، ساد الفرح لنبأ مقتل بريغوجين.
وقالت الموظفة الحكومية إيرينا كوتشينا لوكالة فرانس برس في الشارع الرئيسي في كييف “ربما يعطي هذا الامر زخما للأحداث المزعزعة للاستقرار” في روسيا.
ولزم فلاديمير بوتين الصمت إزاء الحادث الذي تصدّر العناوين في روسيا.
– شكوك معقولة –
من جانبه، أكد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن “لا علاقة لنا إطلاقا بالحادث بكل تأكيد. أعتقد أن الجميع يعرف من المسؤول عن ذلك”.
وأكد نظيره الأميركي جو بايدن، انه “لم يتفاجأ” وأن “لا حوادث تقع في روسيا دون أن يكون لبوتين علاقة بها”.
وقالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك إنه “ليس من باب الصدفة” أن يشك الجميع بمسؤولية الكرملين.
وقُتل أو استهدف العديد من منتقدي النظام الروسي بمحاولات اغتيال. ولطالما نفى الكرملين تورطه.
وشددت وزارة الخارجية الفرنسية على أنه “إذا تم إثبات هذا الاختفاء، فسيكون ذلك عنصرا رئيسيا”.
وأضافت باريس أن “فاغنر منظمة إجرامية تنفذ أعمال بوتين القذرة في أوكرانيا وعدة دول في أفريقيا”.
وقال الرئيس الليتواني غيتاناس نوسيدا “لا ينبغي لنا حقاً أن نعتقد أن وفاة بريغوجين ستجعلنا نشعر بالهدوء أو أنها تحسن الوضع الأمني بطريقة أو بأخرى” في المنطقة.
وبدا أن حتى شخصيات بارزة مؤيدة للكرملين مثل مارغاريتا سيمونيان، حليفة بوتين، أشارت إلى أن ما حدث يمكن أن يكون عملية اغتيال محتملة.
زحف بريغوجين في حزيران/يونيو مع مقاتليه باتجاه موسكو للإطاحة بكبار الجنرالات في 48 ساعة شهدت أحداثا درامية وشكّلت تهديدا لسلطة بوتين.
قبلها، اشتكى بريغوجين على مدى شهور من الطريقة التي تمّت من خلالها إدارة الهجوم على أوكرانيا حيث قاد مقاتلوه في كثير من الأحيان المعارك.
وفي سان بطرسبرغ ثاني أكبر مدينة روسية والتي يتحدّر منها كل من بوتين وبريغوجين قدم بعض أنصار فاغنر إلى مكاتب المجموعة العسكرية الخاصة للتعبير عن حزنهم لاحتمال مقتل زعيمها.
وفي نوفوسيبيرسك في سيبيريا، وهي منطقة جنّدت منها فاغنر العديد من المقاتلين، وضع أشخاص الزهور أمام مقر الشركة.
بقي مصير بريغوجين غامضا منذ أوقف اتفاق نادر من نوعه رعته بيلاروس تمرّده ونُفي على إثره ومقاتليه إلى الدولة الحليفة لموسكو.
بدوره، “ضمن” الكرملين بأن بريغوجين لن يواجه تهما جنائية على خلفية التمرد وسيسمح له بالإقامة في بيلاروس.
بدا الاتفاق مفاجئا حينها إذ أن بوتين لا يقبل عادة بمساومات من هذا النوع.
وفي بيلاروس، لم يتضح مصير باقي مقاتلي فاغنر. وأكدت