أمرت محكمة العدل الدولية، أعلى هيئة قضائية تابعة للأمم المتحدة، إسرائيل بوقف هجومها العسكري على رفح، وفتح كل المعابر البرية، سيما معبر رفح، وكان قد صدر عن محكمة الجنايات الدولية إعلان يؤكد سعيها لإصدار مذكرة توقيف بحق مسئولين صهاينة بتهمة ارتكاب جرائم حرب.
هذا القرار وذلك الإعلان خلفا ردود فعل عاصفة على مستوى العالم، كل دولة بحسب رؤيتها لحقيقة الصراع العربي الصهيوني وموقفها منه وبُعدها وقربها من أمريكا وبريطانيا والكيان الصهيوني، مثلث الشر في العالم، لكن معظم دول العالم أجمعت أن القرار خطوة إيجابية باتجاه الحق الأخلاقي والقانوني للشعب الفلسطيني.. وكعادتها تصرفت الحكومة الإسرائيلية بازدراء للقانون الدولي، ورفض الانصياع لأوامر المحكمتين.
وفي حقيقة الأمر فإن الترحيب الدولي بقرار المحكمتين يعد تحولاً كبيراً للمجتمع الدولي باتجاه الرؤية الصحيحة لحقيقة الصراع في فلسطين المحتلة، والتحرر من الهيمنة والإملاءات الأمريكية البريطانية الصهيونية الغربية على دول العالم، لتبني مواقف معدة مسبقاً لصالح الكيان الصهيوني.
على ما يبدو أنه قد آن الأوان للخروج من التبعية الأمريكية الغربية التي ضلت تهيمن على القرارات المهمة لدول العالم منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية، حيث فصلت أمريكا وبريطانيا وبقية الدول الاستعمارية نظاماً استعمارياً يضمن لها الهيمنة على الدول لحماية مصالحهم الاستعمارية..
الأمر المؤكد الآن أنه لا يمكن أن يستمر حكم العالم من قبل القطب الأمريكي وحلفائه، ما حدث من متغيرات دولية في الآونة الأخيرة حتم على دول العالم البحث عن نظام متعدد الأقطاب والتحرر من مخرجات الحرب العالمية الثانية الجائرة بحق الشعوب والأمم، فتبنت روسيا والصين الدعوة العالمية بضرورة وجود عالم متعدد الأقطاب يمكن أن يخلق توازناً للقوى الدولية على مستوى العالم، وهو ما يتم حالياً، ما أثار هلع أمريكا وحلفائها من هكذا توجه، لأنه وبصريح العبارة سيقضي على هيمنتها الدولية ويقلص فرض حجم إملاءاتها على شعوب العالم.
متغيرات دولية مهمة ومتسارعة تحدث في العالم وتبدلات وتحولات في موازين القوى، لا يتفاعل معها العرب، خاصة عربان الخليج، بإيجابية، واستسلموا بشكل مهين للهيمنة الأمريكية الصهيونية الغربية، باستثناء الجمهورية اليمنية، التي وقفت انطلاقاً من قرار وطني مستقل في وجه الهيمنة الأمريكية الغربية، وتحملت عبء مقارعة بوارجهم الحربية في البحرين الأحمر والعربي ومضيق باب المندب، باقتدار عالٍ أذهل العالم.