ما هي قراءتنا لنتائج تحقيقات الكيان وجيشه في تبعات عملية الشهيد محمد صلاح المقلقة وقتله ثلاثة جنود؟ ولماذا تشي بإنهيار الثقة مع رجال الجيش وقوات الامن المصرية؟ وأين يكمن الخطر القادم؟
فجر اليوم//
من المقرر ان يصدر الجيش الإسرائيلي غدا الثلاثاء تقريرا مفصلا عن نتائج تحقيقه الذي تناول تفاصيل الهجوم الذي شنه الشهيد المصري محمد صلاح على قاعدة عسكرية إسرائيلية قرب الحدود المصرية وادى الى مقتل ثلاثة جنود واصابة رابع، كما يصل الى القاهرة في اليوم نفسه (الثلاثاء) وفدا من قيادات الجيش الإسرائيلي لمتابعة التحقيق الذي أجرته السلطات المصرية حول الهجوم ونتائجه، ووضع الخطط المشتركة لمنع تكراره والتنسيق في هذا الإطار.
تفاصل التحقيق الأمني الإسرائيلي ستظل سرية وغير معلنة، ولكن بالنظر الى التعليمات الصادرة من قيادة الجيش لجنوده المتمركزين في الجانب المحتل من الحدود الفلسطينية، مع مصر في سيناء، تعكس حالة القلق، والرعب، وانعدام الثقة، واحتمالية تكرار هذا الهجوم على يد جنود وقوات أمن مصريين آخرين في المستقبل المنظور.
كان لافتا ان قيادة الجيش الإسرائيلي أصدرت تعليمات صارمة لجنودها قرب الحدود المصرية، ابرزها عدم الاقتراب من السياج الحدودي، وضرورة مراقبة الجنود المصريين عن كثب، واطلاق النار فورا على أي حركة غير طبيعية من قبلهم، وارتداء خوذ الرأس الحامية من الرصاص طوال الوقت، فكل عناصر الشرطة المصرية “تهديد محتمل”.
القراءة المتأنية لهذه التعليمات والأوامر تؤكد ان هناك كوادر أمنية داخل قوات حرس الحدود المصرية ما زالت تعتبر الاسرائيليين كأعداء تطبيقا لعقيدة الجيش المصري التي لم تتغير، ويتعاطفون بحكم العقيدة، وروابط الدم، والتاريخ المشترك، مع اشقائهم في فلسطين المحتلة المحاصرين، والمهانين تحت الاحتلال الإسرائيلي، الى جانب الاقتحامات المستمرة للمسجد الأقصى، والاعتداء على المصلين فيه، والمدافعين عن هويته العربية والإسلامية في مواجهة مخططات تهدف الى تقسيمه زمانيا ومكانيا كخطوة أولى لتهويده بالكامل.
عملية الشهيد محمد صلاح التي اتسمت بالجرأة والإرادة القوية، والتخطيط الدقيق المسبق، بددت معظم النظريات الإسرائيلية، وقواعد الاشتباك اللتين تقومان على اعتقاد خاطئ بأن الحدود المصرية مع النقب المحتل آمنة، ولا يوجد أي شيء “وطني الدافع” يهددها، وان الخطر يأتي من مهربي المخدرات فقط، حيث يتعاون الجانبان على التصدي لهم.
عملية الشهيد محمد صلاح، التي احتفل بها الشعب المصري، ومعظم الشعوب العربية، كانت بمثابة جرس انذار لدولة الاحتلال وجيشها، وإيقاظها على واقع مختلف وخطير في جبهة ظلت هادئة طوال السنوات الأربعين الماضية.
توقيت هذه العملية، وتزامنها مع مقاومة مسلحة متصاعدة في الضفة الغربية والقطاع، وتعاظم تهديدا محور المقاومة في جنوب لبنان، وتصاعد عمليات تهريب السلاح عبر الحدود الأردنية، ووجود مؤشرات تؤكد انتقال بعض تكنولوجيا الصواريخ، ومدافع الهاون من القطاع الى الضفة، هذا التوقيت جعل دولة الاحتلال وقيادتيها السياسية والعسكرية تعيش حالة من الرعب والقلق، تعتبر اكثر خطورة من الانقسامات الداخلية لما لها من انعكاسات سلبية تزعزع الثقة بالأمن، وتزيد من احتمالات قرب إنهيار المشروع الصهيوني.
الشهيد محمد صلاح سلط الأضواء على حقيقة مواقف الشعب المصري الرافضة للاحتلال، رغم مرور ما يقرب من 45 عاما على توقيع اتفاقات “كامب ديفيد”، واكثر ما تخشاه القيادة الإسرائيلية ان يكون قدوة ومثلا للآلاف من اقرانه الشباب، سواء داخل الجيش، وقوات الأمن المصرية، او في الجامعات والشارع المصري عموما.
الصحافي الإسرائيلي الذي زار القاهرة مؤخرا كان مصيبا جدا عندما قال “ان المصريين يكرهوننا ولا يريدون التعاطي معنا، ويعتبرونا أعداء”، ونضيف على هذه “الشهادة” المهمة جملة أخرى تعيد التأكيد بأنها تنطبق على العرب جميعا، وظهر ذلك بجلاء في التعاطي الرافض من قبل مرتادي مباريات كأس العالم في الدوحة مع أجهزة الاعلام الإسرائيلية التي كانت تغطيها.
معهد الشرق الأدنى في واشنطن المعروف بموالاته للمشروع الصهيوني اكد في استطلاع له مطلع العام انه بعد اتفاقات “سلام ابراهام” التي وقعتها كل من الامارات والبحرين تراجع من 55 بالمئة الى اقل من 22 بالمئة في أوساط شعبي البلدين في اقل من عام (2021 ـ 2020).
الشهيد محمد صلاح سيدخل التاريخ باعتباره انحاز لعقيدته الوطنية والدينية، وعقيدة جيشه التي تؤكد ان مصر لا تنسى قتل اسراها حرقا وهم أحياء، ومجازر بحر البقر، وقبل كل هذا وذاك احتلال ارض عربية، وتهويد مقدساتها، واذلال شعبها.. عظيمة يا مصر.
“راي اليوم”