علي البخيتي : يهاجم السعودية ويعتبر بيانها تجاه فلسطين بيع للقضية الفلسطينية
فجر اليوم //
بيان الخارجية السعودية وتصريح ديفد كامرون تراجع عن مبادرة الملك عبدالله وتلاعب بالفلسطينيين وقضيتهم
علي البخيتي 7 فبراير 2024
تصريحات ديفيد كاميرون وزير خارجية بريطانيا عن الاعتراف بالدولة الفلسطينية مجرد أوهام، سرعان ما أتبعها باشتراطات من مثل انتهاء سلطة حماس، وكذلك بيان وزارة الخارجية السعودية، لعلب بعواطف البسطاء ومزايدات سياسية لمواكبة الأحداث الحالية وللرد على التسريبات الأمريكية.
من وجهة نظري هذا البيان يعد تراجع سعودي واضح عن مبادرة السلام العربية التي قدمت في قمة بيروت مارس 2002 من قبل الملك السعودي الراحل عبدالله بن عبدالعزيز، والتي ربطت السلام مع إسرائيل بالانسحاب من الأراضي المحتلة في 1967 وقيام دولة فلسطينية، وليس مجرد إعلان سياسي اسرائيلي بحق الفلسطينيين في دولة، كما يستشف من البيان.
توقعاتي التي أنا متيقن منها أن السعودية ستمضي في التطبيع مع إسرائيل بعد عودة الهدوء للمنطقة، ومتى ما قبلت الولايات المتحدة بمطالبها، اتفاقية حماية (تصدر بمسمى شراكة دفاعية)، برنامج نووي سلمي، طي صفحة قضية خاشقجي وفتح أمريكا مجددًا أمام الأمير محمد بن سلمان، ودفع الشركات والمستثمرين الأمريكيين للعودة للاستثمار في مشاريع رؤية المملكة 2030 ومنها مدينة نيوم وغيرها بعد انسحاب الكثير منهم مدفوعين بتأثيرات قضية خاشقجي، وعندها سيتم التطبيع دون الانتظار لحل القضية الفلسطينية.
لاحظوا التلاعب بالألفاظ في بيان الخارجية السعودية، والذي قلت عنه أنه تراجع عن مبادرة السلام العربية، لم يقل “حتى الانسحاب من الأراضي المحتلة وقيام دولة فلسطينية”، بل قال (الاعتراف بالدولة الفسطينية)، وعندما تحين صفقة التطبيع سيصدر تصريح أو بيان من أي مستوى سياسي إسرائيلي يقول فيه “نعترف بحق الفلسطينيين في انشاء دولة”، ولن يذكر فيه حدود 1967 ولا عاصمتها القدس الشرقية، وحتى لو ذكرت تلك التفاصيل ستكون مجرد تصريحات سياسية -وليست تعهدات قانونية موقعة وملزمة- ستتبرأ منها الحكومة الاسرائيلية التالية تحت أي ذريعة، مثل قذيفة صاروخية تطلق من غزة، أو فلسطيني انسدت الحياة في وجهة فطعن جندي اسرائيلي.
لو كانت السعودية صادقة وبإخلاص والتزام صادق بالقضية الفلسطينية وبمبادرة الملك السعودي الراحل، لقالت وبوضوح: “لن نقبل بالسلام مع إسرائيل حتى انسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة وقيام دولة فلسطينية على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية”، ولأكدت في نفس البيان تمسكها بالمبادرة التي قدمها ملكها الراحل عبدالله بن عبدالعزيز في قمة بيروت تحت مسمى “مبادرة السلام العربية”، فالانسحاب وقيام الدولة على الأرض غير التصريحات بالاعتراف بهذا الحق.
وعند إعلان اتفاق السلام السعودي الاسرائيلي سيروج الإعلام السعودي والعربي الممول سعوديًا والقريب منه للتصريح الذي سيصدر من مسؤول ما في إسرائيل -بأن من حق الفلسطينيين وجود دولة لهم- باعتباره الحل للقضية الفلسطينية، وانه تنازل كبير تم انتزاعه، وسرعان ما سيظهر للناس أنها مجرد تصريحات فارغة ككل التصريحات التي سبقتها، وستواصل إسرائيل بناء المستوطنات والتهام ما تبقى من الأراضي الفلسطينية.
كلنا نتذكر اتفاقية السلام بين الإمارات وإسرائيل، وتصريح سفير الإمارات في واشنطن، يوسف العتيبة، الذي قال فيها أن إسرائيل التزمت خلال الاتفاق معهم بوقف الاستيطان، فظهر نتنياهو بعدها بساعات ونفى أي التزام دائم بوقف الاستيطان، وأوقفوا الاستيطان اسبوع مجاملة للإمارات ثم واصلوا العمل، وهذا ما سيحدث كذلك -بيع الكلام والوعود الفارغة- عند إعلان السلام مع السعودية.
دخول السعودية في سلام مع إسرائيل قبل انسحاب إسرائيل وقيام الدولة الفلسطينية على أرض الواقع حتى لو كانت منقوصة السيادة (بلا جيش) وبضمانات تحمي أمن إسرائيل، ستشكل أكبر طعنة للقضية الفلسطينية، بل ستمهد الطريق لتصفية القضية بشكل نهائي، إذ ستلتحق دول كثيرة في العالم العربي والإسلامي وباقي دول العالم وتعترف باسرئيل، بعد زوال الحرج من ذلك، فبلاد الحرمين وقبلة المسلمين “المملكة العربية السعودية” اعترفت ولا ذريعة للبقية، وستكمل إسرائيل التهامها لما تبقى من أرض، وسيقول عندها العالم يتعذر قيام دولة، وللفلسطينيين الحق في تعويضات فقط، وستفتح دول غربية باب الهجرة لمن تبقى منهم، ويغلق الملف كما أغلق ملف الهنود الحمر في أمريكا، وكما أغلق الغرب ملفات كثيرة للشعوب الأصلية، في كندا وأستراليا ونيوزيلندا.