الأخبارمقالات

عبدالرزاق الباشا: اليمن.. مفاوضات صنعاء مع الرياض.. بين العرض العسكري المرعب من السبعين.. والتغييير الجذري القادم! 

فجر اليوم //

وجهت وزارة الخارجية السعودية في 14سبتمبر 2023 رسالة لصنعاء لحضور وفدها المفاوضمع الوسيط العماني  إلى المملكة العربية السعودية  لاستكمال اللقاءات والنقاشات التي أجراهاالفريق السعودي في رمضان برئاسة سفيرها( محمد آل جابر)  في 8 أبريل 2023 أنطلق الوفد برئاسة (محمد عبدالسلام) مع الوسيط العماني من مطار صنعاء ليصل إلى الرياض،،والذي مكث فيها خمسة أيام، وركزت فيها المحادثات، على معاودة فتح الموانئ اليمنية،  ومطارصنعاء بشكل كامل،ودفع أجور الموظفين وجهود إعادة البناء،، وتحديد جدول زمني لخروج القواتالأجنبية من اليمن،،واتفقا على إجراء مشاورات ولقاءات قادمة عما قريب.
بعد عودة وفد صنعاء من المفاوضات مع السعودية،،تزامن مع العرض العسكري من ميدانالسبعين بمناسبة العيد التاسع لثورة 21 سبتمبر 2014م- والذي كان للرئيس مهدي المشاط كلمتهالمطولة ولم يذكر فيها عبارة العدوان على اليمن بل وصف المفاوضات التي حدثت في الرياضبالإيجابية وقال: (نقاشات وفدنا الوطني في الرياض وصفت بالإيجابية وقد سرنا ما نقله الوفدعن القيادة السعودية باعتبارها قيادة التحالف الذي نشتبك معه في حرب دامية منذ العام 2015م)
وأشار أنه كان قد أعد خطاباً مختلفاً تماماً عن هذا الخطاب لكنه  أجله في اللحظة الأخيرة( وكليأمل ألا أضطر للعودة إليه في أي مناسبة قادمة) حسب قوله ..
أيضاً في هذة المناسبة أطل زعيم جماعة أنصار الله (الحوثيون )السيد (عبدالملك الحوثي) بخطابكان الأهم مافيه هو الوضع( المزري) لبعض مؤسسات الدولة،الذي يحتاج إلى (تغيير جذري)وقال: ((إنَّ الأسس والمنطلقات التي سوف نعتمد عليها في التغيير الجذري هي: الهُوية الإيمانية لشعبنايمن الإيمان والحكمة، وبرؤيةٍ جامعة، في إطار القواسم المشتركة، وكذلك الشراكة الوطنية التينسعى لتعزيزها وترسيخها، وتحقيق الاستقلال والحرية لبلدنا، واستعادة اللحمة الوطنية))وسيتم الاعلان عن التغيير الجذري في مناسبة المولد النبوي .
مع تلك الأحداث السابقة المثيرة للجدل في الوسط الصحفي والسياسي لدى المجتمع الاقليميوالدولي،،وعند الطرف الآخر المناهض لسلطة صنعاء،  وردود الأفعال من العرض العسكري”والمفاوضات التي غابت عنها تماماً ما تسمي نفسها الشرعية وأكتفت بالنقد على لسان ما يسمى(معمر الارياني) وزير إعلامها واتهاماتها لايران بمواصلة تهريب السلاح عبر موانئ الحديدةلأنصار الله،
وأعتبره تحدي سافرًا واستهتارًا بالجهود التي تبذلها السعودية،لاستعادة الهدنة وإحلالالسلام”وطالب المجتمع الدولي بإدانة هذه التحركات التصعيدية.


هنا وقف بعض المتابعين أمام ماراء هذا التصريح للارياني بأنه بمثابة رسالة تحريضية للمجتمعالدولي ضد ايران، وإلى السعودية على عدم مواصلة المفاوضات مع أنصار الله وما يهددها مستقبلاً، وإبقاء اليمنعلى الوضع المأساوي ..وتبقى الشرعية الوهمية في المنفى للاسترزاق والعيش على معاناةاليمنين وجراحاته من الخارج..
إذا تحولنا الى وموقف المجلس الانتقالي الجنوبي من المفاوضات فقد عبر رئيس المجلس الانتقالي (عيدروس الزبيدي) عن غضبه من تجاهل السعودية وتهميشها لعدم دعوة من يمثل المجلسالانتقالي في تلك المفاوضات. جاء ذلك عبر صحيفة الجارديان البريطانية.
وهنا يرى المتابع،ذلك التجاهل على أن السعودية تهدف إلى إنهاء حرب اليمن طالما ظمنت وقفهجمات صنعاء،، وخاصة ضربات الطائرات المسيرة بدون طيار والصواريخ بعيدة المدا عبر الحدودبين اليمن والسعودية،،وهذا ما زاد من  مخاوف الإماراتيين من تهميش وكلاءهم في الساحل الغربيوالمجلس الانتقالي الجنوبي!!
أما بالنسبة للمجتمع الإقليمي وردة فعله من المفاوضات،،كانت السباقة في ذلك خارجية جمهوريةمصر من خلال بيانها الذي تظمن ترحيباً بالجهود  التي( تضطلع بها السعودية وسلطنة عمان)على مسار دعم التوصل لحل مستدام للأزمة في اليمن، يستند إلى المرجعيات الثلاث.
يطرأ سؤال على الظاهر هل وفد صنعاء يدرك ما ترمي إليه خارجية مصر؟
الجانب الدولي من المفاوضات بين صنعاء والرياض تمثل في اللقاء التلفزيوني في قناة الشرقمع المبعوث الأميركي الى اليمن السيد (ليندركينج )الذي اعتبر مباحثات السعودية مع وفد صنعاء “كانت إيجابية للغاية”
وعبر  عن قلقه من “احتمال حصول أي انتكاسة، في أي لحظة هشة”، مشدداً على أنه “لا يمكنالافتراض بأن الحرب أنتهت بالضرورة، لأن الأطراف لم توافق على ذلك ،،وما هو حاصل الآن “هيفترة هدنة مستمرة لاغير “
-يتضح ماوراء هذا اللقاءبأن الجانب الامريكي هو المتطفل على أي حدث او إتفاق او مفاوضاتتحدث في العالم بين متخاصمين من باب فرض سيادتها وهيمنتها على العالم،،وتخصص لهمبعوث من طرفها ،،وبهذا التصريح يرى بعض المحللين السياسيين، ان امريكا هي اللاعب الاول  الفعلي في الحرب على اليمن ومتى ما حدث هناك تعارض مع سياستها،سيتم إعلان الحرب منجديد كما كانت بداية إعلان الحرب على اليمن من واشنطن.


وقف الكثير من المتابعين والمحللين السياسيين عند المفاوضات بين صنعاء والرياض ،،على أنالسعودية جادة في هذة المرحلة لحلحلة القضية اليمنية من جذورها وإنهاء الحرب وتفرغهاللقضايا الاكثر اهمية وعلى رأسها مشروعها 2030 م لكنها أرادت أن تتنصل عن مسؤليتها ومااحدثته في عدوانها على اليمن 25 مارس 2016  باسم إعادة الشرعية ومحاربة المد الايراني الذييهدد المنطقة حسب مزاعمها وما خلفته من خراب ودمار شامل ،،وقتلت وشردت آلالف من اليمنيين.. وقد تجل ذلك التنصل من خلال أول تصريح لسفيرها الى اليمن (محمد آل جابر )في رمضان عندزيارته لصنعاء وصرح رسمياً عبر موقعه إكس أن السعودية وسلطنة عمان يقودان مصالحة يمنية يمنية وان السعودية هي وسيط بين الأطراف اليمنية. يؤكد ذلك رسالة وزارة خارجية السعودية مؤخراً التي دعت وفد صنعاء  ينص محتواها علىاستكمال اللقاءات والنقاشات التي بدأت  في العام الماضي من رمضان برئاسة سفيرها آل جابروالذي كان صريحًا وواضحًا بأن السعودية (وسيط)
إضافة الى ذلك ماصرحت به وزارة خارجية السعودية في بيان رسمي ما تم التوصل، إلى العديد من الأفكار والخيارات لتطوير خارطة طريق تتوافق عليها كافة الأطراف اليمنية” بينما طرف صنعاء مازال ينظر الى الطرف السعودي كمتعدي ومحتل لبعض الاراضي اليمنيةوجزرها ويطالب بكافة التعويضات والخروج من كافة الأراضي والجزر اليمنية التي تحتلها معحليفتها الأمارات.
وهناك من تابع تلك المفاوضات وخاصة عندما التقى وزير الدفاع السعودي (خالد بن سلمان)  بوفدصنعاء الذي لبس الزي العسكري وكانت رسالة واضحة أن صنعاء مصدر القوة والسلام إن جنحالطرف الآخر للسلام،
وكان لهذا اللقاء عند المحللين العسكريين الكثير من المعاني ،أنه بعد  حرب دامت أكثر من ثمانسنوات ضد طرف صنعاء  خاضتها السعودية مع حلفائها الذين يسمون أنفسهم الشرعية
لهذا لا يجوز لوم  السعودية عندما لجأت الى التفاوض مع صنعاء ،بعد ان خسرت سمعتها أمامالمجتمع الدولي ،حتى وصل بها الحال و ظمها الى قائمة الدول التي قادة جرائم  حرب  ضدالإنسانية في اليمن.
تداعيات العرض المرعب من ميدان السبعين:
الكثير من المشاهدين والمتابعين للعرض العسكري من ميدان السبعين لانصار الله (الحوثيين) بعدعودتهم مباشرة من المفاوضات مع الرياض ونقل بعض القنوات التي لها ثقلها وتأثيرها في العالمكقناة الصين وغيرها يقرأ من وراءها الكثير من الدلالات؛
أهمها:
أن صنعاء ومن خلال عرضها العسكري المرعب قادرة أن تحافظ على مياهها الإقليمية وضربالعمق السعودي والاماراتي ،،إذا لم تستغل السعودية الهدنة التي زادت من معاناة اليمنيين ،
ضرب أي قاعدة عسكرية أجنبية تتواجد في الأراضي اليمنية .
إذا تم الإتفاق على إيقاف الحرب مع السعودية ورفع الحصار وفتح المطارات والموانئ ودفعالمرتبات والتعويضات فعلى بقية المناطق التي مازالت خارجة عن سيطرة صنعاء ،أن تعلن ولاءهاالتام لسلطة صنعاء ، أو أن الحرب القادمة ستكون وخيمة وسيتم استخدام الطيران بكل أشكالهوأنواعه مع الطيران المسير والصواريخ البالستية .


وقبل ختام قراءتنا للمشهد اليمني وما وراء التفاوض الاخير الذي وصف بالايجابي بين انصار‎ اللهالحوثيين والسعودية وتباينات العرض العسكري من صنعاء بقي لدينا (ماوراء أخر خطاب السيدعبدالملك الحوثي) زعيم جماعة أنصاره الله الذي وعد فيه (بالتغيير الجذري) والذي سيعلن عنه يومالمولد النبوي.
فكان أول رد على هذا الخطاب الذي أحتوى التغيير الجذري القادم جاء من صفحة عضو المجلسالسياسي الأعلى رئيس اللجنة الثورية سابقاً الاستاذ (محمد علي الحوثي) بقولة :  (فوضناك يا قائد الثورة فامض في تغييرك الجذري فلن ترى الجميع إلا حيث يرضيك واثقين فيخياراتك كل الثقة فامض قدما على بركة الله) كانت تلك التغريدة دلالة واضحة بالموافقة على التغيير الذي ذهب أليه بعض المحللين السياسيينبآن صنعاء ستشهد عصر جديد ومرحلة جديدة من النظام السياسي قد يكون (نظام رئاسي) يتولىفيه رئيس الجمهورية الادارة الفعلية للسلطة التنفيذية.. ولا يحتاج رئيس الدولة فيه منح الثقة من قبل البرلمان لممارسة مهامة ولا يملك سحب الثقة منه ، وفينفس الوقت لا يملك الرئيس صلاحية حل البرلمان.


وختاماً: نصيحة لوجة الله قبل فوات الأوان لكل من يسعى وراء كرسي السلطة ،من أراد أن يحكم الشعباليمني ،فعليه أن يحكم بالحاضر وينشد المستقبل ولا يحكم بالماضي ، لان حكمه سيصطدم بالواقع. أيضاً اثبتت سنوات الحرب أن هناك سباق محموم إلى الخارج كي يرضيه ويتربع على عرشالسلطة ، ولهذا نقول دوماً وأبداً ،.الخارج لا يستطيع ولن يستطع أن يفرض إرادته على إرادة الشعوب، فمن أراد أن يحكم شعب عليه أن يتصالح مع شعبه بالدرجة الاولى ،ويرضيه حتى يرضي عنه ويقدمله مايحتاجه،. ويوفر له سبل العيش الكريم وحرية التعبير والمساواه والنظام والقانون، ثم بعد ذلك يتصالح مع الخارج.
وأخيراً يبقى سؤال مفتوح  أمام كل المتابعين لابد من طرحه على سلطة صنعاء التي يقودها أنصارالله  الذين يقودون اليمن الى مرحلة مفصلية هامة هل ستنجحون في ظل كل التباينات والأبعادالتي ذكرنها سلفاً؟
المرحلة القادمة هي الكفيلة بالرد والسلام على اليمن شماله وجنوبه وشرقه وغربه!
كاتب يمني

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى