مقالات
أخر الأخبار

سقوط الكذبة.. عصر الانتصارات والمقاومة الاستثنائية

عقد الثمانينات من القرن الماضي شهد احداث وتحولات اطلقت ظاهرات نوعية ومغيرة في الاحوال.
انتصرت الثورة الاسلامية في ايران مطلقة نموذج جديد للدول والحكام من خارج النص؛ لا شرقية ولا غربية.

اجتاحت إسرائيل بيروت واسقطت ثاني العواصم العربية وشردت منظمة التحرير الفلسطينية وانهت دور الاحزاب وقلصت مكانة الظاهرة القومية واليسارية.

حشدت أمريكا الاطلسي في بيروت بوظيفة ودور يجاوز مهامه وحاولت اقامة محمية امريكي اسرائيل وانشاء قاعدة قيادتها في الاقليم.

تولت سوريا ومولت ليبيا المقاومات من الاحزاب والفصائل الفلسطينية وبدأت سورية تضع استراتيجية حافظ الاسد بعد حرب تشرين وشراكة امريكا القتالية مع اسرائيل موضع التطبيق بالتوازن الاستراتيجي وباعتماد خيار المقاومة لاستنزاف قدرات اسرائيل وتعريتها.

شكل انتصار الثورة في ايران عامل انهاض واستحضار الكتلة الشيعية في عموم الامة وخاصة في لبنان لخاصياتها كبيئة وجغرافية تشكلت خط تماس المسألتين القومية والاجتماعية ولبنان في قلب حرب اهلية وفوضى مسلحة اشتبك فيها الكل مع الكل.

تبلور مشروع حزب الله والمقاومة الاسلامية بتوحيد مجموعات عاصرت المقاومة والاحزاب وحزب الدعوة وبيئة السيد محمد حسين فضل لله وحركة أمل والثقافة التي ارساها السيد موسى الصدر.

قاد التجربة شباب مفعمون بالأمل والايمان والحافزية والخبرة والتجربة.
لعب الحرس الثوري ومتطوعيه الى لبنان دورا في التأسيس والتدريب والاعداد بينما شكلت سورية الحاضنة والحامية.

أعلن عن تأسيس حزب الله المقاومة الاسلامية بعد ان اشتد عود التجربة واعلن مشروعه الاستراتيجي وفي اول استهدافاته؛ الزحف الى القدس.
جاوزت المقاومة ظروف صعبة ومعقدة وتخطت كارثة حرب امل والفلسطينيين وحرب شيعية شيعية وعداء حاد من الاحزاب والفصائل السابقة وتقدمت المقاومة الاسلامية وحققت تمايزا نوعيا في عملياتها ضد المحتل.
كشف نمطها بالعمليات وبالعلاقة مع الاحزاب والدولة والمجتمع والشعب والقاعدة الاجتماعية نوعا جديدا من الاحزاب والمقاومة استثنائي وغير مسبوق في العرب والمسلمين حاكت تجارب المقاومات وحروب العصابات الثورية التاريخية واختزنت تجاربها وتجارب الفصائل والاحزاب وتعرفت الى مثالبها وقررت عن سبق تصور مجاوزتها والبناء على الايجابي وفي ظروف لبنان والعرب والمسلمين.

لم تسلم من التشكيك والتامر وفرض الحروب معها وعليها فأدارتها باقتدار وضل شعارها الاساس تحرير القدس وقتال المحتل وادارت ظهرها للسلطة والحرب الأهلية ولعبة تقاسم المغانم والحصص.

 

امنت نفسها في البيئة الشيعية استنادا لفتوى تحريم الاقتتال وباعطاء كامل الحصة الشيعية في الدولة لحركة أمل بمقابل تبادل تامين الحماية. امل في السلطة وحزب الله في السياسة والسلاح والقاعدة الاجتماعية فأمنت حاضنة صلبة ومتينة ثم احتكرت تمثيلها مع امل تفاعلا مع طبيعة النظام وبنيته وثلثه المعطل ولعبة السلطة والمحاصات.

تميزت؛ بالإيمان العميق والصلابة والاستعداد للتضحية وشكل كادرها المؤسسة نموذجا فريدا للقيادة تتقدم الصفوف وتستشهد ويستشهد الابناء والاحفاد.

اعلت من شأن الاستشهاد دينيا وحفظت الشهداء وعوائلهم واعزتهم وامنت الجرحى وعوضت عن الخسائر وتولت مسؤولية بناء ما يتهدم.
احجمت عن سبق وعي ومعرفة عن مثالب السلطة وحفظت جهاز المقاومة وعزلته عن بيئات السياسة والافساد وتشددت في قواعد وشروط التنسيب لجهازها.
انشأت ثنائية في مؤسستها جهاز للمقاومة وحوله تشكيلات سياسية واجتماعية ومؤسسات تعليمية وخدمية وإعماريه وللشهداء واسرهم وللبلديات وللمساعدات الاجتماعية واضافت مؤسسة تمويل وصيرفة وشركات نفط وتجارة واستهلاكيات واهتمت بالعلم وخاصة فروعه العلمية والتقنية والشبكات.

انشات مقاومة مؤسسية نوعية ولم تتحول الى ميليشيا للزعيم او للارتزاق والوجاهات ولم تورث الا روح المقاومة والاستشهاد.
اتقنت التعامل مع شعبها واكرمته والتزمت حاجاته ولم تبخل بما ملكت يدها
قدمت القادة شهداء ولم يختل توازنها او تضطرب بنيتها او تتأثر قدراتها.
انجزت سلسلة من الانتصارات وراكمتها فهي من صنف تأسست على مقولة شهدائها القادة المصافحة اعتراف.
لم تقبل مبدا التفاوض الا بالواسطة ولم تتنازل او تفاوض على الاساس والعناوين الاستراتيجية والتزاماتها.

انتزعت انتصارات صغيرة وراكمتها وحققت نصرا اعجازيا في ٢٠٠٠ اتمته بنصر الهي في ٢٠٠٦
انتزعت مكانتها في العقول والقلوب والوجدان وتعاظمت الثقة بها وبأمينها العام حتى ان قاعدتها الاجتماعية وانصارها ومريديها باتو يسلمونه امرهم في كل شاردة وواردة.

هكذا نشأت وتجسدت وتحققت في الميدان مقاومة من طابع خاص واستثنائي وتاريخية ونوعية اشتقت للامة وعززت ثقافتها وخيارها بالمقاومة وسيلة وحيدة لاستعادة الحقوق وتعاظمت وتعاظم مكانها ودورها المحوري برمته.

بجهد منها وبقوة نموذجها تركت بصمات في العراق وتجلت نموذجا فريدا في اليمن وارتقت تباعا تشكيلات المقاومة في فلسطين وتمثلت قيمها وتجربتها ونهجها.

قاتلت في كل الساحات والمسارح التي استوجبت دورا لها وتركت اثرا نوعيا واسهمت في صناعة نتائج وانتصارات باهرة ولم تتردد في الاشتباك الفعال مع الأمريكي وادواته ومع الجماعات التكفيرية والارهابية من صناعة الاسلام الامريكي الاخواني والوهابي والسلفي.
عصر لانتصارات صنعته مقاومة من طراز جديد استثنائي في مواصفتها وعقيدتها وخبراتها وتجربتها واخلاقها وقيمها.

والأكثر نوعية وتاريخية انها لم تفاوض ولم تساوم وضلت عينها على القدس وقلبها يخفق لفلسطين ولم تنشغل عنها أبدا.

ولم تبدد زمن أو نصر وسعت لامتلاك القدرات وتطويرها لتحقيق وعدها تحرير الاقصى وكل فلسطين.

فالمقاومة باتت خيار الأمة الاساس وصارت محورا ضاربا جذوره عميقا ومسارحه واسعة جدا كما ذراعه طويلة ومكانته مؤسس لكل جديد ات.

…./ يتبع
الكذبة لم تسقط الا بفعل فاعل نوعي.
وذاته سيقود في المستقبل.

كاتب ومفكر ومحلل سياسي لبناني.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى