فجر اليوم //
د. مصطفى العمراني الخالدي
قال الكاتب المصري محمد حسنين هيكل، “إن اليمن بركان نائم جنوب شبه الجزيرة العربية، واذا انفجر فسيجرف كل المنطقة….”
حركة انصار الله اليمنية في رفضها العدوان الصهيوني الهمجي على غزة المجاهدة، قررت أن تضرب العصب الحساس عند الصهاينة، وهو اقتصادهم من خلال تصعيد حرب السفن وتهديد النقل البحري الذي يمر عبر باب المندب. لا شك أن هذا هو أحد الاسباب التي من الممكن ان تجبر الصهاينة والغرب على إيقاف عدوانهم على الفلسطينيين في غزة.
إقدام عناصر “فِدائيّة” من نُخبة القوّات الخاصّة لحُكومة صنعاء اليمنية على احتجاز سفينة شحن إسرائيليّة، واقتِيادها إلى البرّ اليمني الاسبوع الماضي، وكذلك سيطرة قوات مجهولة على سفينة تحمل اسم “سنترال بارك” المرتبطة بإسرائيل في خليج عدن قرب اليمن امس الاحد يعتبر ضربة قويّة للهيمنة الأمريكيّة على البحر الأحمر والمُحيط الهندي، ووضع مضيق باب المندب في مرمى القوّات اليمنيّة.
في هذا السىاق, جددت جماعة “أنصار الله” اليمنية، امس الأحد، التأكيد على استمرارها في منع السفن الإسرائيلية من الملاحة في البحر الأحمر، كما اكدت “…بأن الملاحة في البحر الأحمر ستبقى آمنة ومأمونة لجميع السفن باستثناء فقط سفن الكيان الإسرائيلي حتى إنهاء عدوانه على الأطفال والمدنيين العزل في غزة المظلومة”.
فما هو موقف ما يسمى القانون الدولي، ان بقي اصلا شيء اسمه القانون الدولي بعد.الشروع في ابادة سكان غزة من طرف الاحتلال الإسرائيلي بضوء اخضر من المجتمع الدولي خاصة امريكا وارؤبا وأمام خذلان وصمت الدول العربية المريب؟. او الاحرى ان نسأل ما هو موقف القانون الدولي للبحار او تشريعات البحار والملاحة الدولية في هذا الاطار؟. وكيف امن اليمنيون عقوبات قانون البحار؟
في القانون الدولي للبحار يعتبر دليل سان ريمو القانون الدولي المطبق في النزاعات المسلحة في البحار والملاحة الدولية (The San Remo Manual on International Law Applicable to Armed Conflicts at Sea)، دليل سان ريمو بشأن القانون الدولي المطبق في النزاعات المسلحة في البحار تم اعتماده في يونيو 1994، هذا الدليل هو نسخة حديثة تعادل في نواح عديدة دليل أكسفورد بشأن قوانين الحرب البحرية التي تنظم العلاقات بين المحاربين، والذي اعتمده معهد القانون الدولي سنة 1913.
هنا تجب الاشارة ان جماعة الحوثي اليمنية كانت قد اصدرت اعلان تحذيرها سفن الكيان الصهيوني وتوعدها بقصفها لدى عبورها من باب المندب والبحر الاحمر، بحديثها عن “ان العدوان الاسرائيلي الغاشم وجرائمه المتوحشة بحق الفلسطينيين أعلنت اسقاط القوانين والتشريعات والمواثيق الدولية واثبتت زيف شعارات الغرب بشأن حقوق الانسان”.
وعليه إن سلطات جماعة “أنصار الله” المسيطرة على معظم شمال وغرب اليمن، سبق لها ان اعلنت رسميا الحرب على الكيان الصهيوني في منتصف اكتوبر الماضي واعلنت في منتصف نوفمبر الجاري تحذيرا رسميا لجميع سفن الكيان..لذلك تنطبق على السفن قوانين الحرب.
ان ما قامت به قوات جماعة انصار الله في اليمن كان يمكن ان يندرج تحت تصنيف القرصنة، كما يروج له بعض السياسيين، لكنه فعليا لا ينطبق قانونيا على هذه الواقعة حيث اتبعت جماعة “أنصار الله” حيلة لتأمن عقوبات قانون البحار والملاحة الدولي، حيال واقعة احتجاز سفينة الشحن “ذا جلاكسي ليدر” اثناء عبورها ممرا ملاحيا دوليا في البحر الأحمر قبالة السواحل اليمنية، يوم الاحد الماضي. وهذا يؤكده كذلك خبراء متخصصون بالقانون الدولي وتشريعات البحار والملاحة الدولية…
لهذه الاسباب وطبقا للقانون الدولي المطبق في النزاعات المسلحة في البحار، فان ما حدث قانوني يتفق وقوانين الحرب، وقد طبقته البحرية البريطانية اثناء الحربين العالميتين الاولى والثانية ضد السفن الالمانية.
ان هناك نصوص صريحة في القانون الدولي المطبق في النزاعات المسلحة في البحار تجعل ما حدث قانوني. فطبقا للمادة رقم 59 من دليل سان ريمو المشار اليه اعلاه “يجوز الهجوم على سفن العدو التجارية ان كانت تقوم بشكل غير مباشر بدعم العمليات العسكرية للعدو”.
كما تنص المادة رقم 60 على انه ‘يجوز احتجاز السفن التجارية لقيامها بأعمال حربية لحساب العدو، او عملها كسفينة مساعدة للقوات المسلحة المعادية، أو ابحارها بحماية سفن بحرية معادية.
وللتفصيل اكثر فان المادة 60 من القانون الدولي للنزاعات في البحار تنص على انه يجوز للأنشطة التالية أن تحول السفن التجارية إلى أهداف عسكرية:
أ ) قيامها بأعمال حربية لحساب العدو, مثل زرع الألغام , أو قطع الكابلات وخطوط الأنابيب المغمورة تحت الماء، وزيارة السفن التجارية المحايدة وتفتيشها، أو مهاجمة سفن تجارية أخرى.
ب) عملها كسفينة مساعدة للقوات المسلحة المعادية, بنقل جنود مثلاً أو بإمداد سفن حربية بالمؤونة.
ج ) اندماجها أو تعاونها في نظام العدو للبحث عن المعلومات, بالقيام بمهمات للاستطلاع أو للإنذار المبكر أو للحراسة مثلاً, أو بمهمات للقيادة والمراقبة والاتصال.
د ) إبحارها في شكل قافلة وتحت حماية سفن حربية أو طائرات عسكرية معادية.
هـ) عدم امتثالها للأمر بالوقوف، أو مقاومة أي زيارة أو تفتيش أو احتجاز بقوة.
و ) تسليحها على نحو يسمح لها بإلحاق أضرار بسفينة حربية. وتستثنى من ذلك الأسلحة الخفيفة الفردية المخصصة لحماية طاقم السفينة من القراصنة مثلاً، والأنظمة المبتكرة لتحويل مسار الصواريخ عن هدفها مثل نظام (Chaff), أو
ز ) إسهامها بأي طريقة أخرى إسهاماً فعالاً في العمل العسكري, بنقلها معدات عسكرية مثلاً.
كما انه وفقا للمادة 121 إذا كان من المستحيل أو من الخطر إجراء الزيارة والتفتيش في البحر, جاز لأي سفينة حربية أو لأي طائرة عسكرية محاربة أن تحول اتجاه سفينة تجارية إلى المنطقة المناسبة أو الميناء المناسب لممارسة حقها في الزيارة والتفتيش.
رد الفِعل الأمريكي على احتِجاز هذه السّفينة الإسرائيليّة ينطوي على الكثير من النّفاق، حيث اعتبر المُتحدّث الرسمي باسم المجلس القومي الأمني الأمريكي ان احتجاز السّفينة يُشَكّل انتِهاكًا للقانون الدولي. هنا نتساءل هل حرب الإبادة الجماعية لسكان غزة وتّدمير كل مقومات الحياة فيها وتّهجير الشعب الفلسطيني من ارضه في القِطاع المُحاصَر عربيا وغربيا، في نظر ما يسمى القانون الدولي، ليس انتهاكا بل تجسيدًا حقيقيًّا لهذا القانون؟!.
كان لافتًا أن الولايات المتحدة الأمريكيّة وأساطيلها في المياه العربيّة، سواءً في البحر الأحمر أو الخليج، لم تُقدِم، بل لم تُهدّد بأيّ رَدٍّ انتقاميٍّ على احتِجاز اليمن للسّفينة الإسرائيليّة، مثلما التزمت الصّمت قبلها على قصف ميناء إيلات الفِلسطيني المُحتَل، ويعود السّبب في ذلك إلى خوفها من التورّط في حرب مع اليمن لا يُمكن أن تفوز فيها، مثلما حدث لكُل غُزاة اليمن على مَرّ التّاريخ. أو كما قال المفكر السيد هيكل اليمن بركان نائم لو انفجر سيجرف كل المنطقة ولهذا السبب أمريكا تتصرف بحذر لأنها تخشى من ان يجرفها هذا البركان.
هذا وتحدث الحوثيون عن تلقي جماعتهم رسائل من الولايات المتحدة امريكية، وقال: “منذ بداية الأحداث في فلسطين وصلتنا رسائل التهديد والترغيب من الجانب الأمريكي. وكلها لم نكترث لها وعندما قال الأمريكيون لنا أنهم وجهوا دول المنطقة ألا يكون لها أي ردة فعل تجاه فلسطين قلنا لا تحسبونا معهم، لسنا من يخضع لأوامركم”.
هناك بوادر نهضة عربية لا مثيل لها في التاريخ، وبعض الخبراء يحذرون من شيء اسمه “غضب العرب”. اليمن مقبرة الامبراطوريات واليمنيون بطبيعتهم الايمانية نسخة حقيقية عما يفكر به كل عربي، لكن ما زال كثير من العرب تحت تأثير مخدرات السلام، حيث صدقوا بسذاجة حل الدولتين والمشاريع العظام، وتبين أنها هراء في هراء، لذا لا بد من قفزة في الفكر والنضج والقول أقله شعار تحرير فلسطين ومعاقبة هؤلاء كمجرمي حرب، وعلى الغرب سحب كل قواعده، والا بقينا رهينة مجازرهم، ومصالحهم ليس لها حدود، ولو استطاعوا استعباد الناس لفعلوه، وقد فعلوه في أمريكا بالسود….
الكيان الغاصب يقترب كثيرا من نهايته الحتمية، بعد سقوطه المدوي أخلاقيا وهزيمته جماهيرياً على صعيد العالم أجمع وإخفاقه الأمني وهزيمته على الأرض في قطاع غزة ورضوخه الكامل لشروط المقاومة…كل هذا بداية لسقوطه الأكبر وهزيمته الكبرى وزواله الحتمي والقريب بإذن الله.
الف تحية لشعب الجبارين العمالقة بصمودهم الأسطوري ومقاومتهم التي ابهرت العالم و اعادت قضية فلسطين للواجهة و افشلت مخططات عرب التطبيع وجماعة النقب الذين كانوا منغمسين بقوة في المشروع الصهيوني البغيض.
محامي مغربي بانجلترا