حقائق أفرزها مونديال الدوحة
حقائق أفرزها مونديال الدوحة
فجر اليوم //
بعد هزيمة الخامس من حزيران عام 1967 وما أفرزته من نتائج عسكرية وسياسية واجتماعية وفكرية، تم طرح تساؤلات عميقة حول الفكر القومي العربي ومستقبله خاصة بعد حالة المد القومي الذي شهدته الساحة العربية بعد صعود التجربة الناصرية وتأميم قناة السويس وعدوان 1956 على مصر والوحدة السورية المصرية عام 1958.
وتزايدت التساؤلات حول مصير الفكر القومي العربي بعد توقيع اتفاقات كامب ديفيد و أوسلو و وادي عربة وبلغت هذه التساؤلات والأسئلة ذروتها بعد احتلال العراق عام 2003 وبعد ما سمي بالربيع العربي عام 2011 والذي كان من نتائجه تدمير عدد من البلدان العربية بمشاركة من بعض الأنظمة العربية مما جعل البعض يروج لمقولة هل آن الأوان للقول وداعاً لشعار الوحدة العربية ووداعاً للفكرة القومية ووداعاً لوجود أمة عربية واحدة، وبات البعض يعيش حالة من الإرباك والتشتت الفكري ويطرح تساؤلات جادة حول الواقع العربي والفكر القومي ومستقبل الأمة العربية ومستقبل أجيالها.
وجاء مونديال 2022 الذي جرى في دولة عربية لأول مرة ليشكل فرصة مذهلة واستثنائية، كانت جماهير الأمة العربية بأمس الحاجة لها للتعبير عن مشاعرها الصادقة ومعدنها الأصيل وتمسكها العميق بعروبتها وبتلاحمها ووحدة أهدافها ومصيرها وتمسكها الذي لا يتزعزع بقضية فلسطين واستمرار إيمانها بأنها القضية المركزية للأمة العربية من محيطها إلى خليجها، وما رفع علم فلسطين في الملاعب والساحات إلا التعبير الحاسم عن رفض التطبيع الذي أقدمت عليه بعض الأنظمة الرجعية التابعة والخانعة، وسحب أي شرعية عن هذا التطبيع الخياني.
إن التفاف الجماهير العربية بدءاً من فلسطين والقدس وغزة وحيفا وأم الفحم مروراً بكل العواصم العربية دون استثناء حول فريق العرب الفريق الرياضي المغربي بنجومه اللامعين قد أكد وحدة مشاعر الأمة العربية من موريتانيا وحتى البحرين، وأكد وحدة الهوية والانتماء والمصير.
إن ما جرى في الدوحة أكد مجموعة من الحقائق الساطعة لا يمكن لأحد نكرانها.
الحقيقة الأولى:
أن فكرة القومية العربية والعروبة لازالت حية ومتوهجة في عقل وقلب المواطن العربي الذي برهن من خلال التفافه حول الفريق الرياضي للمغرب، أن كل محاولات تكريس النزعة القطرية والإقليمية سيكون مصيرها الفشل وأن وحدة اللغة والدين والثقافة والتاريخ المشترك والجغرافيا والمصير الواحد الذي يجمع الأمة هو أقوى من كل محاولات تشويه هذه الحقائق.
لقد أكد المواطن العربي في كل أرجاء الوطن العربي الكبير أن الوحدة العربية لا زالت حلم وهدف ومشروع وأن الجماهير لن تتخلى عن هذا الهدف رغم كل حالة التمزق والانهيار الذي يشهده النظام الرسمي العربي وإذا كان هذا الانتصار الرياضي لأسود أطلس قد خلق كل هذه الحالة والتفاعل على المستوى الشعبي فكيف سيكون الأمر إذا تم تحقيق انتصارات عسكرية وسياسية ؟؟.
هي أن قضية فلسطين كانت ولازالت وستبقى هي القضية المركزية لأبناء الأمة العربية رغم انشغال المواطن العربي بهمومه ومشاكله الكبرى، الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
إن رفع العلم الفلسطيني في الملاعب والساحات والشوارع له معنى كبير وعميق بأن القضية الفلسطينية لا يمكن أن تموت وستبقى حية إلى أن تتحقق أهداف الشعب الفلسطيني في العودة والحرية والاستقلال وتحرير كامل تراب فلسطين.
الحقيقة الثالثة
هي أن التطبيع مع الكيان الصهيوني لا يحظى بأي شرعية من الجماهير العربية وأنه فعل خياني من مجموعات حاكمة وأنظمة تابعة لا تمثل بأي شكل من الاشكال إرادة الجماهير العربية التي قالت كلمتها بكل وضوح وشجاعة بأنها كانت وستبقى مع شعب فلسطين ومقاومته الباسلة.
ولا شك أن ما شاهدناه خلال الأسابيع الماضية سيكون له انعكاسات إيجابية كبيرة بالنسبة للشباب والجيل الفلسطيني الجديد، الذي يؤسس لمرحلة جديدة في الكفاح الوطني المتواصل للشعب الفلسطيني يقوم على قاعدة إعادة الاعتبار لمعنى فلسطين وتحرير كل ذرة من ترابها.
مسؤول دائرة العلاقات السياسية في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين