
متابعات فجر اليوم//
الانقلابات العسكرية، التي حصلت بشكل متكرر مؤخراً في القارة الأفريقية، بات يمكن اعتبارها مؤشراً على تراجع النفوذ الفرنسي فيها،
ذكر مقال للباحث حليم بوعمري، نشره المركز العربي الديمقراطي، أنّ الانقلابات العسكرية التي حصلت بشكل متكرر مؤخراً في القارة الأفريقية، بات يمكن اعتبارها مؤشراً على تراجع النفوذ الفرنسي فيها، وعاملاً في تأكل دور الدولة الاستعمارية.
ورأى بوعمري أنّ المشهد الأفريقي “بدأ يتغير خصوصاً مع تغير السلطة في مالي وفي دول مجاورة، بشكل صبّ في غير مصلحة فرنسا، وفتح الباب أمام امتداد نفوذ قوى أخرى أبرزها روسيا”، لا سيما أنّ “الموقف الفرنسي من الانقلابات التي جرت في عدة دول أفريقيا كان مكشوفاً، فأيّدت من وجدت أنه في مصلحتها فيما عارضت من رأت فيه غير ذلك”.
لكنه لفت إلى أنّ “ما لم يدركه الفرنسيون هو أنّ أفريقيا تتطور، في حين أن الذهنية الاستعمارية لدى باريس لم تتطور بالقدر نفسه، فاستمرّت تنظر إلى القارة السمراء باعتبارها منجماً للثروات ومصدراً للاستفادة فقط”، مشيراً إلى أنّ “الأفول الفرنسي في أفريقيا لم يرتبط فقط بتصرفات فرنسا أو قراراتها، وإنّما وجد بعض روافده في قوى دولية بدأت تصوّب أنظارها نحو القارة السمراء وتأمل أن تنال هي الأخرى بعض المكاسب، بعد أن كانت فرنسا هي اللاعب الوحيد في أفريقيا.
فيما تنهار العملة الوطنية في مركزي عدن البنك المركزي بصنعاء يعيد الاعتبار لها.. في وقت تتصاعد فيه التحديات الاقتصادية وتتهاوى فيه السياسات النقدية في المحافظات اليمنية الواقعة تحت سيطرة التحالف، تتحرك صنعاء بخطوات مدروسة لإصلاح النظام المالي، عبر إصدارين جديدين يعيدان الاعتبار للعملة الوطنية.وفي لحظة فارقة من التحديات الاقتصادية، يمضي البنك المركزي في صنعاء بخطوات إصلاحية هادئة لكن راسخة، تبدأ بطرح عملة معدنية فئة خمسين ريالا، وتستكمل بإصدار آخر لفئة مائتي ريال ورقية، ضمن خطة شاملة لترميم النظام النقدي دون إثقال السوق بكتلة مالية جديدة.العملة المعدنية جاءت بديلا للأوراق التالفة، واستهدفت تسهيل المعاملات الصغيرة، بينما صممت الورقة النقدية الجديدة وفق معايير دولية حديثة، مزودة بعلامات أمنية تضمن مصداقيتها، وتحمل رموزا وطنية تؤكد أن وحدة اليمن في تفاصيله لا في شعاراته.لا يمكن فصل هذه الخطوات عن مشهد اقتصادي منقسم؛ ففي صنعاء، يستقر الدولار عند حاجز ٥٣٥ ريال، بينما في عدن يلامس ٢٨٥٠ ريال، في مؤشر صارخ على تفاوت الإدارة النقدية بين النجاح والفشل والبناء والانهيار.في صنعاء، لم تضف الفئتان الجديدتان إلى الكتلة النقدية، بل جاءت بديلا للأوراق النقدية التالفة، في خطوة إصلاحية هدفها تحسين جودة النقد، ومن الناحية الاقتصادية لم يسجل أي تضخم نتيجة لهذه الخطوة، ما يجعل الهجوم عليها من قبل حكومة التحالف أقرب إلى تسييس القرار المالي من كونه انتقادا فنيا مشروعا.وفي حين تهاجم حكومة التحالف هذه الإجراءات وتتهمها بالتزوير، تغيب عنها أي حلول عملية، وتستمر في طباعة مئات المليارات بلا غطاء أجنبي يضاعف الانهيار ويزيد من معاناة المواطنين.الإصداران الجديدان لا يمثلان مجرد تعديل شكلي، بل يعكسان توجها نحو فهم معاناة الناس اليومية، وتوفير أدوات تداول تليق بواقعهم، خاصة لفئات محدودي الدخل، ففي اقتصاد يفتقر إلى الفئات الصغيرة، يعيد المعدن والورق الجديدان الصلة بين المواطن ونقوده.وبين الصمت عن صرف المرتبات فيما يسيطر عليه تحالف العدوان من المدن اليمنية، واستمرارها جزئيا في صنعاء؛ وبين غياب أدوات الرقابة هناك، وتفعيلها هنا؛ يبدو الإصلاح النقدي في صنعاء أكثر اتزانا مما تروج له الاتهامات المغرضة، فالناس لا ينتظرون الشعارات، بل عملة تصرف وتستخدم وتحترم في التداول.ما تفعله صنعاء ليس مجرد سك وطباعة لعملة جديدة، بل استعادة لثقة المواطن في رياله، وتعزيز لمكانة النقد كأداة يومية للعيش، لا ورقة تائهة في اقتصاد مأزوم.