مقالات
أخر الأخبار

تعز.. وسقطت ورقة الحصار

عبد الحافظ معجب

وأخيراً سقط قميص عثمان ومسمار جحا الذي إستثمره تحالف العدوان بكذبة الحصار المزعوم على تعز وهي أطول كذبة جرى تداولها على مدى تسعة أعوام، على الرغم من إمداد طيران تحالف العدوان لأدواته بكميات كبيرة من الأسلحة الثقيلة والمتوسطه والذخيرة عبر المضلات خلال سنوات الاشتباكات، الا أن سردية الحصار بقت حاضرة وبقوة في كل المحافل الدولية والتصريحات الحقوقية والسياسية، عشرات الوقفات الاحتجاجية والندوات والفعاليات أقيمت بتمويل من التحالف في مجلس حقوق الإنسان بجنيف تطالب بسرعة انهاء الحصار المزعوم، وواشنطن تدين عبر خارجيتها وسفرائها الحصار، أما لندن وعبر سفيرها لدى اليمن ريتشارد أوبنهايم، أكدت على مواصلة العمل مع الأمم المتحدة من أجل فتح طرق محافظة تعز، مشددةً على أن “حصار تعز لم يعد مقبولاً”، وكان الاتحاد الاوروبي يدعو في بياناته الى سرعة بدء المفاوضات لإعادة فتح الطرق لا سيما إلى تعز التي يحاصرها الحوثيون بحسب زعمه.

إستثمر العدو هذه الأكذوبة حتى صدقها هو ومن يعمل معه، وذهبت منظمة “هيومن رايتس ووتش” في تقرير للباحثة “نيكو جافارنيا” الى الخلط بين الحصار “الاسرائيلي” على غزة، وبين اكذوبة حصار تعز وطالبت من أسمتها “مليشيا الحوثي” برفع الحصار عن تعز، لإثبات صدق موقفها من الحصار “الإسرائيلي” على قطاع غزة الفلسطيني، متهمة صنعاء بمنع وصول المياه إلى المدنيين في تعز، وطالبت منظمة رايتس رادار لحقوق الإنسان الدولية، صنعاء برفع الحصار الذي تفرضه على مدينة تعز، وذكرت المنظمة التي تتخذ من مدينة “أمستردام” الهولندية مقرا لها، أن الحصار الذي يتعرض له المدنيون في تعز يتنافى مع كافة القوانين والتشريعات والأعراف، ويتنافى مع قوانين الحرب والقانون الدولي لحقوق الإنسان.
من جهته قال “المرصد الأورومتوسطي” لحقوق الإنسان، إنّ نحو ثلاثة ملايين يمني في تعز يعانون من نقص حاد في الاحتياجات الإنسانية الأساسية مثل الغذاء والماء والصحة، إلى جانب المخاطر التي يواجهونها بسبب عمليات القصف والاشتباكات المتكررة، والصعوبات البالغة أثناء التنقّل بين أحياء المدينة، ودعا المرصد صنعاء، إلى فتح جميع الطرق والمعابر في مدينة تعز، وإنهاء الحصار غير القانوني الذي تفرضه على المدينة منذ أكثر من ثماني سنوات، أما منظمة الصحة العالمية دعت إلى رفع الحصار الفوري عن مدينة تعز لإيصال المستلزمات الصحية المنقذة للحياة، عنوان منشور على موقع المنظمة يجعلك تشعر، أن ثمة حصار حقيقي من طرف واحد يهدد أرواح الأبرياء بالموت جراء عدم وصول الدواء والاحتياجات الصحية.

كثيرة هي التصريحات الصحفية التي كانت تستغل كل “شاردة وواردة” لتكرار الأكذوبة حتى حفظها الناس وأعادو ترديدها، كما قال “جوزيف غوبلز”، ذات يوم “اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس”، ولكن المستغرب أنه مقابل عدد المرات التي كان يندد فيها تحالف العدوان ومؤسساته وإعلامه بالحصار المزعوم كانت التصريحات الصحفية والإعلامية القادمة من أدواته على الارض تعلن عن ما تسميه تحريرها لمدينة تعز منذ العام 2016، وكل مره بصيغة مختلفة وقيادة عسكرية مختلفة.
أمام الضخ الكبير للدعايات والتضليل الاعلامي في ملف تعز عمل محافظوا المحافظة المعينون من صنعاء جميعاً وبدون استثناء على التخفيف من معاناة سكان المحافظة كافة، وبذلوا جهوداً لايستهان بها في سبيل محاولات تطبيع الأوضاع وفتح الطرقات وفي كل مره كانوا يصطدمون بتعنت الطرف الأخر، وفي إطار المحاولات المتكررة لصنعاء لإنهاء معاناة ابناء تعز أعلن الرئيس المشير مهدي المشاط رئيس المجلس السياسي الأعلى، عن تقديم مبادرة تنهي كل الجبهات العسكرية من جميع الأطراف بالمحافظة، بما يسهم في استقرار المحافظة وتجنيبها الصراع، وتدار تعز بإدارة مشتركة من قبل الجميع، ولكن الطرف الأخر لم يلتقط المبادرة، واستمر في تعطيل كل الجهود الميدانية والتي كان أخرها تنفيذ الفريق سلطان السامعي عضو المجلس السياسي الأعلى ومحافظ تعز الشيخ صلاح بجاش، مبادرة المجلس السياسي الأعلى بفتح طريق آمن كممر إنساني إلى مدينة تعز من طرف واحد والمتمثل في طريق الستين الخمسين وصولاً إلى مدينة النور، وأعلن حينها الفريق السامعي استعداد صنعاء لفتح طرق أخرى بعد أن يستمر هذا الطريق ومعرفة جدية الطرف الأخر، وللأسف حاول المدنيون الدخول عبر الطريق الى تعز، لكن ميليشيات الطرف الآخر منعتهم، وأطلقت النار عليهم.

خلال تولي الاستاذ عبده الجندي منصب محافظ محافظة تعز زار وفد أممي المحافظة، برئاسة الممثل المقيم للأمم المتحدة في اليمن “جيمي ماك” ومشاركة ممثلين عن منظمات الأمم المتحدة المختلفة وتحدث رئيس الوفد في مؤتمر صحفي عقده أمام عدد من وسائل الإعلام أن المعاناة التي يعيشها أبناء تعز هي إنسانية ناتجة عن الحرب الدائرة وأن مهمة الوفد الأممي الزائر هي استطلاع الوضع الإنساني واحتياجات المتضررين من الحروب نافيا بشكل ضمني وجود حصار على تعز، معتبرا أن الحرب هي التي تعوق دون وصول المواد الإغاثية ولم يقف ماك عند هذا الحد من كشف اكذوبة الحصار، مثمناً دور المحافظ الجندي والسلطة المحلية في إيصال المعونات الإغاثية لأبناء المحافظة في الجانب الأخر، وفي تسهيل زيارة وفد الأمم المتحدة
تدرك الأمم المتحدة الحقيقة، وتدركها أيضاً واشنطن ولندن وابو ظبي والرياض، والشعب اليمني الموجود على الأرض يعرف أن من يحاصر تعز ليست حكومة الإنقاذ ولا انصار الله، وأن من يخنق تعز هو من يقطع طريق الحديدة تعز بعد أن دمر الطرق والجسور وحولها الى جبهات مشتعلة، وهو الذي حول المخا الى ثكنه عسكرية وهو الذي قطع خط كرش عدن الذي يربط تعز بالعاصمة الاقتصادية عدن، وبعد مبادرة صنعاء بفتح الطريق عبر منفذ تعز الشرقي بشكل رسمي، سقطت ورقة الحصار الى الأبد، لأن المبادرة وتحركات محافظ المحافظة القاضي أحمد المساوى، واللجنة العسكرية لفتح الطرقات لم تكن كافية لفتح الطريق الذي استمر مغلقاً لقرابة الأسبوع، حتى استجاب الطرف الأخر لفتح الطريق من جانبه، وإزالة السواتر الترابية والحواجز والثكنات العسكرية، وهذا كشف زيف اكذوبة الحصار لأن الطريق كان مغلقاً من الجانبين، ولم يكن هناك طريقاً مفتوحاً يمنع الوصول اليه طرف واحد كما روج تحالف العدوان وابواقه وأدواته طوال الأعوام التسعة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى