تحقيقات _ترجمات #فجر_اليوم //
كشفت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، اليوم الأربعاء، أنّ “الجيش” الإسرائيلي “يستعدّ لتحويل مدينة رفح والأحياء المجاورة لها، التي تُشكّل خُمس مساحة قطاع غزة، إلى جزء من المنطقة العازلة”.
وذكرت “هآرتس” أنّ هذه المنطقة، المحصورة بين “محور فيلادلفيا” جنوباً، وممر “موراغ” شمالاً، “كانت موطناً لما يقارب 200 ألف فلسطيني قبل الحرب”، لكن في الأسابيع الأخيرة، “أصبحت المنطقة شبه خالية من السكان بعد أن أحدث الجيش فيها دماراً واسعاً”.
وبعد انتهاء الهدنة، دعا “الجيش” الإسرائيلي السكان المدنيين الذين لا يزالون يقيمون هناك إلى إخلاء المنطقة والانتقال إلى ما أسمته “المنطقة الإنسانية” القريبة من الساحل، في مناطق خان يونس والمواصي.
وفي السياق، نقلت “هآرتس” عن مصدر في المؤسسة الأمنية قوله إنّ هذه الخطوة “جاءت نتيجة قرار المستوى السياسي بإعادة تصعيد الحرب في الشهر الماضي، وفي ضوء تصريح رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بأنّ إسرائيل ستسيطر على مساحات واسعة من القطاع”، بحيث يبدو أنّ “هناك نيّة لتكرار ما جرى في شمال القطاع، ولكن هذه المرة في جنوبه”.
وبحسب مصادر أمنية، فإنّ “توسيع المنطقة العازلة بهذا الشكل له دلالات عديدة، فليس فقط لأنّ المساحة كبيرة (نحو 75 كم²، أي ما يعادل خُمس مساحة القطاع)، بل لأنّ عزلها فعلياً يجعل غزة جيباً محاصراً، ويُبعدها كلياً عن الحدود المصرية”، الأمر الذي “كان ضمن الاعتبارات لاختيار رفح بالتحديد”.
وأضافت المصادر أنّ من بين أهداف هذه الخطوة أيضاً “ممارسة ضغوط جديدة على حماس”، إذ “تبلور في الجيش مفهوم أنّ إسرائيل لن تحظى بدعم دولي لعملية طويلة الأمد في غزة، ولا حتى من الولايات المتحدة”.
لذلك، “يستعدّ الجيش للتركيز على أماكن يعتقد أنّها قد تمارس ضغطاً على قيادة حماس، ومنطقة رفح – بحجمها وموقعها الحدودي مع مصر – تبدو هدفاً مثالياً”، وفق مصادر “هآرتس”.
وكجزء من التحضيرات، “بدأ الجيش بالفعل بتوسيع محور موراغ من خلال تدمير المباني المحاذية له، وفي بعض الأماكن، سيصل عرض هذا المحور إلى مئات الأمتار، بل قد يتجاوز كيلومتراً واحداً”، بحسب “هآرتس”.
ووفقاً لمصادر في المؤسسة الأمنية تحدّثت إلى الصحيفة، “لم يتمّ بعد اتخاذ قرار بشأن ما إذا كان سيتمّ فقط فرض السيطرة على هذه المنطقة ومنع دخول المدنيين إليها (كما جرى في مناطق أخرى ضمن المحيط الأمني)، أم سيجري تدمير كلّ المباني فيها فعلياً، بما يعني محو مدينة رفح تماماً”.
“مخاطر غير ضرورية تهدّد الجنود”
“هآرتس” قالت إنّه مع بداية الحرب في تشرين الأول/أكتوبر2023، أعلن “الجيش” الإسرائيلي عن نيّته إنشاء “منطقة عازلة” على طول حدود قطاع غزة، تهدف إلى إبعاد التهديدات عن المستوطنات الإسرائيلية المحاذية، بمسافة تتراوح بين 800 متر و1.5 كيلومتر.
وتبلغ مساحة هذه المنطقة نحو 60 كم² (أكثر من 16% من مساحة القطاع)، وكان يقطنها نحو ربع مليون فلسطيني قبل 7 أكتوبر.
ووفق تقرير لمركز الأمم المتحدة للصورالفضائية صدر في نيسان/أبريل من العام الماضي، فإنّ نحو 90% من المباني داخل “المنطقة العازلة” قد تضرّرت أو دُمّرت بالفعل.
لكنّ النشاط العسكري الجديد لا يقتصر على المنطقة الواقعة بين محور “موراغ” ومحور “فيلادلفيا”، فقد بدأ الجنود مؤخراً بالتمركز على طول كامل المحيط الأمني، في خطوة يبدو أنّها تمهيدية.
وقال قائد قاتل في غزة لأكثر من 240 يوماً للصحيفة: “لم يعد هناك ما يمكن تدميره في المحيط الأمني وفي ممر نتساريم، المنطقة غير صالحة لسكن البشر، ولا داعي لإدخال المزيد من الجنود لهذه المناطق”. وأعرب هو وآخرون عن استيائهم من نيّة “الجيش” استئناف العمليات في هذه المناطق.
وفي الإطار، تحدّث قادة وجنود احتياط إلى الصحيفة عن تكرار الخطابات نفسها التي سمعوها في بداية الحرب، من دون قراءة واقعية للميدان. وقال أحد الجنود من لواء احتياط: “من غير المعقول أنّنا بعد سنة ونصف السنة نعود إلى نقطة البداية، ندمّر ما هو مدمّر من دون معرفة المدة، الهدف من العملية، أو ما هو الإنجاز المطلوب لتحقيقه”.
إلى جانب الشكّ في جدوى الأهداف، هناك قلق من المخاطر غير الضرورية التي تهدّد حياة الجنود، بحيث قال أحد القادة: “كلّ المباني في غزة معرّضة للانهيار. خسرنا العديد من الجنود بسبب انهيار مبانٍ. كنا نقضي ساعات في إنقاذهم من تحت الأنقاض”.
وأضاف أنّه “إذا لم يفهم قادة الجيش أنّ الجنود مستعدّون للقتال ولكن ليس للموت بسبب حوادث يمكن تجنّبها، فهم بانتظار مفاجأة”.
ومع مرور وقت طويل، وصفقات تبادل الأسرى وانهيارها، والخطر القاتل الذي اتضح أنّه يهدّد الجنود والأسرى على حد سواء، في إحاطة قدّمها قائد الوحدة الخاصة “سييرت” في لواء “غولاني” مؤخراً قبل دخولهم إلى محور “موراغ”، قال لجنوده: “هدف العملية هو استعادة الأسرى، وكل من نصادفه هو عدو، نرصد الهدف، نطلق النار، ندمّر، ونتقدّم”. قال الجنود والقادة الذين تحدّثت إليهم صحيفة “هآرتس” إنّهم في المعارك السابقة التي خاضوها بالمناطق التي قاموا بتجريفها وإخلائها وتسويتها بالأرض، لاحظوا لاحقاً كثيراً من الالتباسات، فـ”على الأقل عدة عشرات من المنازل التي دمّرناها”، قال أحد جنود المدرّعات، “تمّ تصنيفها كأهداف من قبل الجيش، لكن تبيّن لاحقاً أنها تحتوي على معدات تخص الأسرى. من كان هناك؟ ومتى؟ وإلى متى؟”، هذه الأسئلة على الأرجح لن يُجاب عنها أبداً.
منطقة عازلة بين غزة والغلاف”
يُذكر أنّ “جيش” الاحتلال الإسرائيلي كان قد بدأ، في الـ29 من آذار/مارس الماضي، تنفيذ عملية برية في منطقة حي الجنينة في رفح، من أجل ما سمّاه “توسيع المنطقة الأمنية جنوبي غزة”.
وفي 2 نيسان/أبريل الجاري، قالت وسائل إعلام إسرائيلية، إنّ “الجيش” الإسرائيلي بدأ مناورة برية للسيطرة على أراضٍ في قطاع غزة، وتحويلها إلى “منطقة عازلة بين غزة والغلاف”.
وتأتي العملية البرية في قطاع غزة، بعد أن دافع رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، عن سياسات حكومته في التعامل مع ملف الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزّة، مدّعياً أنّ “الضغط العسكري والسياسي هو السبيل الوحيد لاستعادة الأسرى”.
وأعلن نتنياهو، أنّ “الجيش الإسرائيلي صعّد درجة في قطاع غزة”، مشيراً إلى أنّ “القوات الإسرائيلية تسيطر على أراضٍ وتدمّر بنى تحتية”.
كذلك قال نتنياهو إنّ “الجيش” الإسرائيلي سيسيطر على “محور موراغ” في إطار تقطيع قطاع غزة. وسيكون هذا المحور، “محور فيلادلفيا الإضافي” أو “محور فيلادلفيا الثاني”، وفق ما أكّدت في وقت سابق، صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية.
زر الذهاب إلى الأعلى