
في مشهد عبثي جديد من مسرحية “السلام على طريقتنا”، خرج محمد حمدان دقلو، الشهير بـ”حميدتي”، والمدعوم إماراتيا ليعرب عن أسفه لما جرى في مدينة الفاشر، بعد أن أحالتها قواته إلى مدينة أشباح، ثم أعلن بكل ثقة أن “صفحة الحرب طويت” وأنه حان وقت السلم… وكأن المجازر كانت مجرد تمهيد لاحتفال جماهيري.وفي خطابه المتلفز، جلس حميدتي أمام الكاميرا، ليعلن أن السيطرة على الفاشر تمثل “نقطة تحول نحو وحدة السودان سلماً أو حرباً”، وكأن الوحدة لا تكتمل إلا على جثث الأطفال والنساء، ولا تكتب إلا بمداد الدم.ولأن الاعتراف بالذنب ليس من شيم القادة الميدانيين الجدد، فقد قرر تشكيل لجنة تحقيق… في جرائم ارتكبتها قواته، دون أن يذكر من ارتكبها، وكأن المجازر ارتكبها قادمون من السماء أو نفذها أشباح.أما الأمم المتحدة، فكانت أكثر وضوحا، مؤكدة أن 460 جريحا ومريضا ومرافقيهم أعدموا في المستشفى السعودي، بينما قتل أكثر من ألفي مدني خلال يومين فقط.ورغم كل ذلك، يصر حميدتي على أن قواته انسحبت من المدينة، وأن الشرطة ستتولى الأمن، في وقت لا تزال فيه عشرات الآلاف من العائلات تهرب من “السلام” الذي وعد به، وسط انقطاع كامل للاتصالات، وكأن المدينة أعيدت إلى العصور الحجرية.هكذا، وبعد أن “أعاد ترتيب” حميدتي الفاشر بطريقته الخاصة، يطل ليبشر السودانيين بوحدة وطنية جديدة… تبدأ بالإعدامات وتنتهي بالاعتذارات، وتدار بلجان تحقيق لا تملك من التحقيق سوى الاسم.