تتعدد الأساليب التي يعتمدها الموساد في التوغل بالمجتمعات العربية والإسلامية، ليس فقط في بلدان شبه الجزيرة العربية، بل يلاحق انتشار المغتربين المسلمين والعرب في مختلف انحاء العالم، فقد تصادف عناصر أو مجندين من الموساد في أي مكان تذهب إليه، وفي أي لحظة من الممكن أن يكون أحدهم هو الشخص الجالس أمامك في إحدى المقاهي يراقبك عن كثب، أو عند تقدّمك لفرصة عمل، او حتى أثناء تصفحّك لوسائل التواصل الاجتماعي قد يخاطبك الناطق باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي أفيخاي أدرعي مباشرة، مستخدمًا أحاديث المسلمين ومتحدثًا بلغتهم، أو ربما لدى اختيارك لمكان دراستك الجامعية، فذراع الموساد لا تنفك عن المحاولة لتجيير وتجنيد العملاء والأدوات خدمة لمصالحها.
جامعة تل أبيب للدراسات الاسلامية:
جامعة تل أبيب الإسلامية، ذراع أخرى أسسها الموساد في أواخر الخمسينيات، وهو المسؤول عن اختيار الطلاب المقبولين في صفوفها والذين يعتنقون الديانة اليهودية حصرًا، أي انها جامعة مغلقة وليست مفتوحة، إضافة لتعيين الأساتذة بدقة بالغة، وغالبًا ما يكونوا على ارتباط وثيق به، وتحديد المواد التي سيتم اعتمادها، مما يطرح علامات استفهام حولها تثير الريبة، فما هي دواعي تخصيص جامعة لتدريس الديانة الإسلامية في “مجتمع يهودي”؟ وما الغاية التي يريد الموساد الإسرائيلي تحقيقها وراء ذلك؟
حسب ما ذكر على الموقع الرسمي العبري للجامعة فهي عبارة عن “دفيئة مميزة للقاء بين الأديان، تهتم بدراسة العلوم الإسلامية والشريعة، والثقافة العربية والإسلامية وتاريخها، واكتساب المعرفة العلمية والتطبيقيَّة في موضوع اللغة العربية الفصحى القديمة والحديثة، وهي تنظم على مدار السّنة فعاليات متعددة ومثيرة للاهتمام ومجانيّة للقيام بدورات تدريبية وجولات ميدانية للبحث أكثر في هذه الملفات”.
وبالنسبة للمواد المعتمدة ومجالات البحث، تقوم الجامعة بتدريس المواد “المساقات” التالية:
الصهيونية واسرائيل من وجهة نظر إسلامية
– أصوليون مسلمون بمنظور مقارن..
– دراسة لفكر محمد باقر الصدر..
– العلاقات اليهودية- الإسلامية..
– الشريعة والعقيدة الإسلامية في أوروبا..
– التخصص في الإسلام السياسي الشيعي..
– اللهجات العربية في منطقة الجليل وقواعدها
– البحث في المخطوطات القديمة وارتباطها بالأدب اليهودي القديم والآداب العالميَّة..
– الترجمة من العربية إلى العبرية والتركيز على مساق “من روبنسون كروزو إلى هاري بوتر..
– تحديات الترجمة من اللغات الغربية إلى العربية”..
– المجتمع والدين بمنظور الأدب والسينما.
تعمل هذه الجامعة وبشكل ممنهج ودقيق على إعداد “مبلغين” و “دعاة إسلاميين” مؤثرين وتدعمهم للبروز على الساحة العالمية، خاصة في خضم الأحداث التي تثير الجدل العالمي، ولعل أبرز هذه الظواهر “رجال الدين” الذين واكبوا أحداث ما يسمى “بالربيع العربي” حيث أصدروا الفتاوى “باستحلال دم المرتدين”، وللمفارقة ان هذه الفتاوى لطالما كانت تتوافق مع الرؤية الإسرائيلية.
– آلية تجنيد خريجي الجامعة:
لا تقتصر عملية تجنيد الموساد للعملاء على الجانب العسكري والاستخباراتي، بل يتعداها إلى التجنيد الثقافي، حتى يتمكن من غزو المجتمعات المحيطة بـ “كيان الإحتلال” الرافضة لإقامة “دولته” المزعومة، والتي تنتمي لأكثرية مسلمة، فهو من خلال التمعن بدراسة التاريخ العربي الإسلامي يبني فرصًا جديّة لقدرته على تحريفه، إضافة لمحاولة التماهي مع البيئة التي ما زالت “تلفظ إسرائيل” عن أراضيها.
ولتجنيد العملاء يعتمد الموساد على خطة ممنهجة وبالغة الدقة لتحقيق أهدافه، وذلك عبر الآلية التالية:
يشرف على عملية تدريب علماء نفس واجتماع وسياسة، وعلماء اتصال وتواصل.
– على “الداعية” المنتسب ان يكون على استعداد للتواصل والتعامل مع المسلمين.
– يتم قولبة “الداعية” بما يتوافق مع الشروط الإسلامية من حيث المظهر، اللغة، طريقة الحديث، الاسم حيث يتم اختيار التسمية على ان تكون مبهمة كأن يقال له: أبو مصعب الشيشاني أو أبو جنيد الشمالي..
– تستغرق عملية الإعداد مدة طويلة، حتى يتخرّج “الداعية” ملمًّا بالعقائد الإسلامية والمسائل الفقهية واللغة العربية، حتى يكون بمقدوره توظيفها بما تدعي الحاجة، كإعلان فتاوى “الجهاد”.
– الارتباط العضوي بالموساد، والتدريب الاستخباراتي العالي، أي أن الموساد يصنع هذا الخريج، ويعدّه إعدادًا خاصاً، ويجعله ينتحل صفة “الشيخ المسلم”..
في هذا الإطار كان بنيامين افرايم احدى هذه النماذج حيث انتحل صفة إمام مسجد في ليبيا تحت اسم “أبو حفص” وقد اعترف بعضويته في جهاز الموساد.
– عادة ما يتم إعداد هؤلاء المجندين ليتحوّلوا لقادة منظمات مسلحة “جهادية” في أي لحظة، وتجربة تنظيم داعش ودعاتها “الجهاديين” ما تزال ماثلة أمامنا.
على الرغم من الجهود التي بذلتها “إسرائيل” في هذا المجال، ونواياها الخبيثة التي ترجمتها في الأحداث التي جرت في ليبيا ومصر والعراق وسوريا وغيرها من الدول، الا انها فشلت في ضرب الوحدة الإسلامية والتفريق بين المذاهب، حتى تشويه الحقائق التاريخية التي تأسست الجامعة لأجلها، وهي من ضمن سلسة الفشل التي تضرب الكيان بعد فشله العسكري والاستخباراتي الذي مني به في معركته الأخيرة مع قطاع غزة.
المصدر: الخنادق