فجر اليوم //
د. محمد يحيى الدريب
لن تظل سفن دولة الكيان الإسرائيلي العنصري تمخر عباب البحر بحرية وأمان، ولن تبقى موانئها مفتوحة لاستقبال السفن والحاويات التجارية من كل جهات الأرض وأهل غزة تحت القصف والحصار، يتعرضون لأبشع جرائم الإبادة الوحشية وأفظع الظلم والعدوان الهمجي الغاشم.. يدمر العدو بيوتهم ومؤسساتهم وبناهم التحتية وكل أسباب عيشهم وبقائهم.. ويفرض عليهم حصاراً شديداً مطبقاً حتى باتوا لاجئين على أرضهم، ولكن بلا مأوى ولا غذاء ولا دواء، لا يكاد يجد بعضهم شربة ماء نقية!هذه الأمور لا بد أن تكون واضحة لدى من يزايدون على مواقف اليمن ويقرعون طبول الحرب عليها؛ بسبب قرارها الحر والمسؤول والمحق في الوقوف إلى جانب أهل غزة في هذه المحنة العصيبة؛ متجاهلين -عن قصد وتعمد- أساس المشكلة وأسبابها، وهو تأييد أمريكا ودول الغرب غير الأخلاقي وغير المحدود للعدو الصهيوني وتوفير الحماية الكاملة له والتغطية على أفعاله وجرائمه، وتعطيل كل الجهود والمساعي الدبلوماسية من خلال هيئة الأمم المتحدة وغيرها لوقف الحرب والعدوان على غزة.العالم اليوم أضحى قرية صغيرة، وكل شعوب الأرض تتابع وتشاهد ما يحدث في الأراضي الفلسطينية المحتلة عامة وفي قطاع غزة خاصة، وما ارتكبته وترتكبه قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي من فظائع يندى لها جبين الإنسانية.. ولا شك أنها على علم ومعرفة بما كان يقع من ممارسات وتعديات وقتل وتشريد ضد أبناء الشعب الفلسطيني خلال الفترات والأعوام التي سبقت هذه الحرب.. ويكفي المرء أن يشاهد بعض المقاطع المصورة للجرائم التي يقترفها قطعان المستوطنين ضد الأطفال والنساء والمواطنين الأبرياء ليدرك حجم المأساة وصور المعاناة التي يعيشها أبناء فلسطين المحتلة وينتابه على الفور شعور بالاشمئزاز والاستياء والغضب العارم من قماءة وقبح أولئك المستوطنين ومستوى اللؤم والدناءة والانحطاط في طبائعهم وسلوكياتهم العنصرية البغيضة..إذا كان قادة الدول الاستعمارية في الغرب وعلى رأسها أمريكا وبريطانيا قد فقدوا إحساسهم الإنساني السوي، واختلت لديهم منظومة القيم والمبادئ وغابت عن قواميسهم معايير العدل والإنصاف، وتماهوا تماماً بإرادة منهم أو بغير إرادة مع الصهيونية العالمية ومشروعها الخبيث؛ فإن الشعوب في الشرق والغرب أصبحت اليوم أكثر وعياً وإدراكاً، وتعرف بفطرتها وحسها السليم حقيقة الأحداث الدائرة، ولن تخدعها الأكاذيب والافتراءات والدعايات المضللة التي يروج لها تحالف الشر والعدوان الأمريكي حول موضوع تأمين الملاحة في منطقة البحر الأحمر والذرائع والمبررات الضعيفة الواهية التي يخترعها ويختلقها للاعتداء على اليمن انتقاماً من موقفها الداعم والمناصر لمظلومية أهل غزة..وما من شك أن الجميع يعرفون أن الملاحة في البحرين العربي والأحمر آمنة تماماً لكل السفن العابرة، وعمليات القوات المسلحة اليمنية محصورة في حظر العبور على السفن والبواخر التابعة لدولة الكيان الصهيوني أو تلك المتجهة إلى موانئها؛ بهدف الضغط على هذا العدو المجرم وإجباره على وقف الحرب والعدوان على أهلنا غزة وفك الحصار لدخول المواد والاحتياجات اللازمة من غذاء ودواء ووقود… وفي نفس الوقت فالجيش اليمني يتعامل أثناء تنفيذ هذا الإجراء بمهنية شديدة وحرفية عالية، ويجري الكثير من الفحص والتحري، وبعد التأكد من تبعية سفينة ما للدولة الصهيونية أو أن وجهتها إليها، يوجه إليها الإنذار تلو الإنذار كي تعود أدراجها، فإذا أبت ورفضت يتم استهدافها…فإذا كانت تلك الدول المشاركة في التحالف الأمريكي حريصة حقاً على الأمن والسلم في العالم، كما تزعم، فها هي غزة أمامها.. فلتقنع نتنياهو وقادة إسرائيل على وقف حربهم وجرائمهم الوحشية الشنيعة..وفي ضوء هذه الحقائق والبينات، ولأن الإدارة الأمريكية لا تتعامل مع العرب والمسلمين إلا من منطلق العجرفة والغطرسة وفرض إرادتها وهيمنتها كما تشاء وتهوى وفق ما يخدم أجنداتها ومصالحها ويوفر الحماية والأمن لربيبتها دولة بني صهيون المدللة، مهما تمادى الصهاينة في العدوان والتوحش؛ فإن المواجهة مع أمريكا مسألة حتمية لا مفر منها، وستكون بالنسبة لبلادنا وشعبنا منازلة كبرى مصيرية وفاصلة..والله ولي المؤمنين،والعاقبة للمتقين،ولا عدوان إلا على الظالمين..* أكاديمي وباحث يمني – صنعاء.