الأخبارمقالات
أخر الأخبار

السعودية تطوي الحرب في اليمن.. لا صوت فوق المصالح.. ولا عزاء للمخدوعين

فجر اليوم //

صلاح السقلدي..

وصول الوفد الحركة الحوثية الى العاصمة السعودية الرياض يعني فيما يعنيه بالنسبة للحرب باليمن محطة هامة نحو وضع نهاية لهذه الحرب والتوجه صوب طاولة التسوية السياسية الشاملة للازمة اليمنية وقضية الجنوب لكنها أي- هذه الزيارة وهذه التسوية المفترضة على أهميتها السياسية والامنية والإنسانية- لن تكون في حال إن تمت سوى البداية طي ملف الحرب والصراعات الطويلة، فالاوضاع باليمن على كل الصعد غاية بالسوء والتعقيد،فضلا عن حالة العلاقات اليمنية السعودية المعقدة عبر التاريخ أضيف إليها ثماني سنوات من التعقيد والتشابك وفقدان الثقة والتوجس من الآخر.

لسعودية التي خاب ظنها بحلفائها المحليين باليمن لهزيمة الحركة الحوثية عسكريا أدركت مؤخرا ألا سبيل للخروج من مأزقها إلا بالحوار مع صنعاء والإذعان ولو على مضض لشروط هذه الأخيرة بالرغم مما ستعانيه الرياض من تبعات سوء علاقتها وخذلانها للأطراف اليمنية الموالية لها طوال هذه الحرب سواء الاطراف الجنوبية ممثلة بالمجلس الانتقالي الجنوبي الذي يشعر بخيبة أمل قاسية من المواقف السعودية المخادعة ومعه تشعر باقي القوى والشخصيات الجنوبية بذات المرارة ،أو الاطراف والاحزاب الشمالية والمجلس الرئاسي التي هي الأخرى تشعر بأنها صارت مرمية على الهامش ومقصية تماما في كل مراحل الحوارات والوساطات الإقليمية والاممية الماراثونية مع الحركة الحوثية، هذه الحركة صعبة المراس.

وللتملص من تبعات هذا الصدام مع هذه القوى الموالية تقدم السعودية نفسها بأنها مجرد وسيط بين فرقاء الحرب وليست شريكا رئيسا فيها لئلا تبدو نظيرا سياسيا للحوثيين.  بالمجمل ما يتم اليوم بشأن الازمة اليمنية يتم بين الرياض وصنعاء لتسوية خلافاتهما وتلمس مصالحهما لما بعد الحرب. فالمملكة لها باليمن غايتين: ـ أولا: التخلص من الهاجس الأمني على جبهتها الجنوبية (المرتعشة ( وتأمينها من أي اختراقات،سواءً من خطر الحركة الحوثية أو سواها من المخاطر، كما أنها اي المملكة بمسيس الحاجة للأمن العام في سائر مناطقها لتتمكن من تنفيذ طموحاتها الاقتصادية العملاقة المرجوة.ـ ثانيا: تحقيق وتكريس مصالحها،أو بالأحرى اطماعها الاقتصادية والاجتماعية في اليمن بما فيها الحفاظ على وجودها العسكري والاجتماعي المتنامي في المحافظات الجنوبية الاستراتيجية ( محافظتي :حضرموت ،والمهرة ،والى حد ما محافظة شبوة وارخبيل سقطرى وهذه الأخيرة تتنازع الهيمنة عليها مع الامارات.

الحوثيون من جانبهم يتطلعون من هذه الترتيبات تحقيق قائمة طويلة من المكاسب (الشروط) تبدأ بإعلان رسمي من التحالف لنهاية الحرب وفتح الموانئ ورفع الحصار الاقتصادي وإطلاق مرتبات الموظفين ،ولن تنتهي أي الشروط الحوثية بشرط الاعتراف بسلطتهم كأمر واقع بل كسلطة معترف بها شرعيا أمام اقليميا ودوليا عوضا عن السلطة الحالية المعترف بها. لكن هذا لا يعني ألا مكان للقوى والاحزاب المنضوية تحت مظلة السعودية والمناهضة للحركة الحوثية مثل حزبي الاصلاح والمؤتمر الشعبي العام فهذه القوى ما تزال تشكل رقما هناك وبوسعها إفشال أية تسوية بدونها وفي ذات الوقت السعودية بحاجة الى الإبقاء على عامل التوازنات وإضعاف الكل بالجميع،ولكنها  بالتأكيد أي الأحزاب لن تعود الى سابق قوتها ونفوذها الذي كان طاغٍ منذ عام ٩٠م  عام الوحدة اليمنية وحتى مطلع ٢٠١٥م، فقد جرت تحت الجسر مياه كثيرة كما يقال.

الجنوبيون برغم مرارة وحجم الشعور بالتهميش الذي يلقونه من التحالف والسعودية تحديدا ومحاولة طمس حقوقهم المشروعة قياسا بدورهم المحوري بهذه الحرب باعتبارهم القوة العسكرية الوحيدة التي أحرزت نصرا عسكريا على الحركة الحوثية وعلى قوات الرئيس الراحل صالح بل واعتبارهم قضية سياسية معروف منذ ثلاثة عقود وليست وليدة هذه الحرب، نقول أنه برغم مرارة هذا الشعور الجنوبي إلا ان القضية الجنوبية أضحت أكبر من أن تتجاوزها الأطراف المحلية والخاىجية وأصعب من أن تُشطب من على الخارطة المشكلة حديثا.

فأية تسوية تتم بمعزل عنها أو مسخها وتزييف ممثليها فوق طاولة التسوية النهائية أو شراء ذمم وولاءات نفعية سيصطدم برفض شعبي نخبوي على الواقع كما حدث في مراحل ومنعطفات سياسية وعسكرية وحوارات عدة منذ حرب ٩٤م حين تم تجاهلها أو في أحسن الأحوال تم تمثيلها تمثيلا هزيلا فكانت النتيجة الفشل الذريعوالعودة الى مربع الصراع الأول. فأي تجاوز محلي او اقليمي لهذه القضية يعني بالضرورة كبيرة كبير اسمها السلام ،ناهيك عن أنها تفخيخ للقادم بعبوات سياسية واجتماعية وأمنية ناسفة ليس فقط في الجنوب بل في عموم اليمن ،خصوصا وان أُس الأزمات وجذرها هو فشل المشروع الوحدوي وإخراج الجنوب عنوة من الشراكة بحرب ظالمة عام ٩٤م.فما تلى ذلك من خضات وحروب ليست أكثر من توابع لزلزال حرب ٩٤م،وبالتالي معالجة المرض أولى من معالجة العرَض إن كان ثمة نوايا صادقة، ،فالخياطة على الجرح بعفونته يودي بالجسد كله.

 -كاتب من اليمن-عدن-.ا

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى