السعودية وإيران شكرتا الصين على الدور الذي لعبته وعلى جهودها في التوصل لإتفاق
منذ أن أعلنت إيران والسعودية الجمعة استئناف علاقاتهما الدبلوماسية المقطوعة منذ 2016، بعد مفاوضات قادتها الصين، توالت ردود الفعل العربية و الدولية حول أثر هذا الاتفاق والبُعد الذي يحمله فيما يتعلق بعلاقات الصين ونفوذها في المنطقة.
في وقت شكرت فيه كلٌّ من السعودية وإيران الصين على الدور الذي لعبته وجهودها في التوصل لاتفاق، اعتبر كبير الدبلوماسيين الصينيين وانغ يي الاتفاق بمثابة “نصر للحوار ونصر للسلام” قائلًا إن الصين ستواصل لعب دور بناء في التعامل مع القضايا الشائكة في العالم وستظهر تحليَها “بالمسؤولية” بصفتها دولة كبرى. وأضاف: “العالم لا يقتصر فقط على قضية أوكرانيا”.
من جانبه، سارع البيت الأبيض للتأكيد على أن واشنطن كانت على إطّلاع على المباحثات بين الأطراف، قال المتحدث باسم الأمن القومي جون كيربي إن الولايات المتحدة تتابع “بكثب” سلوك الصين في الشرق الاوسط وأماكن أخرى، فيما رحّبت العديد من الدول العربية بالوساطة الصينية ووصفتها بمثابة نجاح لتقريب وجهات النظر.
وزير الخارجية الإيراني اعتبر أن عودة العلاقات الإيرانية السعودية يمكن أن توفر إمكانيات كبيرة للعالم الإسلامي
وكانت العلاقات بين الرياض وطهران قد انقطعت عام 2016، عندما هاجم محتجّون إيرانيون البعثات الدبلوماسية السعودية في إيران بعدما أعدمت المملكة رجل دين شيعيّ معارض يُدعى نمر النمر.
كيف نجحت الصين الآن بهذا الوساطة؟
الاتفاق الثلاثي الذي تمّ التوصل له الجمعة، سبقته مباحثات بين طهران والرياض خلال عامي 2021 و 2022، استضافتها سلطنة عمان وجمهورية العراق بحسب ما جاء في البيان الثلاثي يوم الجمعة، والذي أشار إلى أن بكين استكملت المحادثات وأوصلتها إلى النتيجة، فكيف تمكنت الصين من الوصول لهذه النتيجة؟
يصف الكاتب والمحلل السعودي سليمان العقيلي الوساطة الصينية بمثابة المبادرة الناجحة والنشاط السياسي الأول لـبكين في منطقة الخليج والشرق الأوسط، ويعزو هذا النجاح للثقة التي تبديها دول المنطقة للصين، بسبب ما تملكه من علاقات اقتصادية وتجارية من ناحية، بالإضافة لتاريخ خالٍ من الخلافات والصراعات، حيث لم تكن بكين مسبقاً منخرطة في أي من النزاعات، ولا تملك تاريخاً استعمارياً في المنطقة وهي أمور وظفتها بكيّن خلال حواراتها ودبلوماسيتها، وأدت في وصول الأطراف المختلفة للاتفاق.
يقول العقيلي إن الحوارات العربية في عُمان والعراق سابقاً احتاجت الدعم الدولي، نظراً لحالة عدم الثقة والشكوك المتبادلة التي شابت أجواء الحوار بين طهران والرياض، وما تطلبه ذلك من قوة دولية تضمن هذا الاتفاق.
من جهته يرى المحلل في الشؤون الإيرانية الآسيوية عامر تمّام أن نجاح الوساطة يأتي بالتزامن مع علاقات متوترة بين إيران والغرب بسبب ملفها النووي، ورغبة سعودية باتخاذ خطوات أكثر استقلالية تجاه علاقاتها مع الولايات المتحدة وسياسيتها الخارجية بعد توتر علاقاتهما مؤخراً، لا سيّما في ملفات النفط وحقوق الإنسان.
هذه المواقف السياسية من الولايات المتحدة -بحسب تمام- عززت فرص نجاح الوساطة الصينية، والتي يجمعها مع إيران العداء المشترك للولايات المتحدة، وترغب في إبعاد السعودية خطوة للخلف عن حليفتها الاستراتيجية واشنطن.
في حين وظّفت علاقاتها الاقتصادية والتجارية مع كلا الطرفين كدليل على على “مصداقيتها وحسن نواياها” بحسب تصريحات مسؤولين صينيين خلال المباحثات من أجل إيجاد حلول توافقية بين الطرفين.
ترحيب عربي بالاتفاق، فهل تكون الصين بوابة لوساطات أخرى؟
منذ إعلان الاتفاق الثلاثي يوم الجمعة، توالت ردود الفعل العربية المرّحبة بالتوافق بين القوتين الإقليميتين، ومن أبرزها بيانات صدرت عن الخارجية العراقية ومجلس التعاون الخليجي والخارجية الجزائرية ومصر والبحرين وسلطنة عُمان والأردن، إلى جانب رئيس وفد صنعاء التفاوضي وحزب الله اللبنانية.
ما هي الرسالة التي ترسلها الصين؟
يقول المحلل السياسي عامر تمام، إن الصين تعزز المقولة أو الرؤية التي تروّجها عن نفسها بأنها قوة سلام. إذ أعلنت سابقًا مبادرة سلام لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية، وتتوسط الآن لتدير الخلافات بين السعودية وإيران ما يؤشر على رغبتها في إعلان أنها قوة سلام عالمية وليست قوة صراع، في محاولة لإعلان بأنها على عكس ما تمارسه الولايات المتحدة في المنطقة من حيث إبداؤها مواقف تزيد من الأزمات والصراعات.
إلى جانب ذلك، يشير تمام إلى اهتمام بكين بمصالحها في الشرق الأوسط، لا سيما النفط الخليجي، وفرص الاستثمار في قطاع الطاقة في العراق، والبنية التحتية في سوريا، ما يشكله ذلك من فرص اقتصادية للشركات الصينية من جهة، ومن فرصة سياسية في ان تفرض نفسها كبديل عن الولايات المتحدة.
من جهته، يستبعد الحباشنة أن تلعب الصين دوراً بديلاً عن الولايات المتحدة، لكنها كذلك تحقق في هذا الاتفاق دوراً رئيسياً ومؤثراً في المنطقة.