الأخبار

علي البخيتي : ‏متى تقتحم أطقم الحوثيين مكة؟

فجر اليوم //

علي البخيتي | 11 يونيو 2024

لا صحة لخبر اعتقال السلطات السعودية للقيادي الحوثي أبو يحيى الرزامي ومن معه بسبب ترديدهم شعارات سياسية وما يسمة “الصرخة” الحوثية داخل مكة، التي تلعن اليهود وتنادي بالموت لأمريكا.

ولن تجرؤ السعودية على اعتقالهم، فقد عرفوا مكامن ضعفها وأخضعوا سلطاتها على قلة إمكانياتهم مقارنة بإمكانات المملكة، بل أنهم رددوا تلك الشعارات في حماية الأجهزة الأمنية المرافقة لهم.

ولأول مرة في تاريخ السعودية يقوم حجاج بترديد شعارات سياسية من داخل الحرم المكي، بل ويعلنوا أنهم سيطلقون شعاراتهم السياسية وما أسموه البراءة من الكفار وهم لا يزالون في مطار صنعاء.

أمر محزن أن تتمكن مجموعة متطرفة من اخضاع السعودية وإذلالها بهذا الشكل المهين، ولن يتوقف الأمر عند هذا الإذلال وكسر الكبرياء في عقر دار المملكة بل سيتجرأ الحوثيون أكثر ويعتبرون خضوع المملكة لهم اعترافًا ضمنيًا بحقهم في ترديد شعاراتهم السياسية من داخل مكة، على اعتبار الأماكن المقدسة في الإسلام ملكية عامة للمسلمين ولا يحق للسعودية وحدها إدارتها وفرض رؤيتها المذهبية عليها.

السعودية لن تسمح للحجاج الحوثيين العام القادم بترديد صرختهم وشعاراتهم السياسية، وستترجى عبدالملك الحوثي أن لا يحرجهم أكثر أمام العالم، وقد يستجيب الحوثي لذلك لكن بثمن تدفعه المملكة، وإضافة للثمن سيدرك مدى ضعف القرار السياسي في المملكة، وهذا سيجعله يعتقد أن نظامها بات أقرب من أي وقت مضى للسقوط سواء بأزمة داخلية أو بمواجهة جديدة معهم، وإن رفضت المملكة الثمن ومنعتهم من الحج العام القادم فسيعطون مبرر للحوثي للعودة للمواجهة معهم، والتي سيبدأها بمناوشات على الحدود وينتظر الرد ثم يرد على الرد وهكذا حتى يفجر حرب شاملة معها.

حذرنا المملكة مرارًا، سرًا وعلانية، من أن سياسة استرضاء الحوثيين كارثية، وأنها ستشجعهم وإيران عليها أكثر، وأن استجداء الدعم الأمريكي لها وإعادة مظلة الحماية لها لن يجدي نفعًا في الأوقات الحرجة، وأن الحل الوحيد للخروج من هذه المصيدة هو العمل على اسقاط سلطة الحوثيين في صنعاء واستعادة الدولة اليمنية.

وهذا لا يعني أن خيارها العسكري السابق عبر عاصفة الحزم كان صحيحًا، بل أنه كان أبو الكوارث كلها، ومن جعل الحوثيين بهذه القوة والقدرات العسكرية، فالفساد المالي الهائل الذي رافق عاصفة الحزم -بالذات في الجانب السعودي بعكس الجانب الإماراتي- إضافة للجرائم المروعة التي ارتكبها التحالف والتدمير المنهجي للبنية التحتية وحصار الشعب اليمني لم يسقط سلطة الحوثيين بل عززها وقدمهم كجماعة وطنية تدافع عن اليمن، ودفع عشرات الآلاف للإلتحاق بوحداتهم العسكرية، وكشف عورة المملكة وضعفها أما بضعة صواريخ ومسيرات وصلت لمدنها وبعض شركاتها.

هناك خيار آخر، وهو تصحيح الأوضاع في مناطق الحكومة الشرعية، وبناء دولة حقيقية فيها، ووقف المشاريع الخاصة السعودية والإماراتية والمحلية المعلنة وغير المعلنة الهادفة لتمزيق اليمن، وفي نفس الوقت اعداد قوات مسلحة يمنية قادرة على مواجهة الحوثيين وإسقاط سلطتهم في حال رفضوا السلام العادل والشراكة الحقيقية مع بقية اليمنيين.

بدأت السعودية عاصفة الحزم بعصى كبيرة وغليضة وقاتلة، أفقدتها دعم اليمنيين، وانتهت بجزرة للحوثيين بعد كسرهم لتلك العصى، وما لم تأتِ به العصى لن تأتِ به الجزرة، بل ستجرهم الجزرة ومن ورائهم إيران إلى مكة والمدينة مسقط رأس جد عبدالملك الحوثي وعلي الخامنئي وحسن نصر الله -باعتبارهم هاشميين- ومهبط الوحي.

حلم إيران والحوثيين وحزب الله هو إسقاط النظام في السعودية، وللأسف فالسياسات الغير مدروسة والارتجالية التي تتبعها حكومة المملكة، والفساد المالي الهائل الذي يحدث في المعركة مع ذلك المعسكر، قد يحقق هدفهم خلال بضعة عقود إن لم يكن أقرب.

من منا كان يتصور أن يصرخ الحوثيون بشعارهم من داخل مكة في حماية الأمن السعودي؟ لا أحد، ولذلك أقول لا تستبعدوا أن تروا شاصات الحوثيين وأطقمهم العسكرية تدخل مكة فاتحة لها كما دخلت صنعاء، فلم يفصل بين ترديد الصرخة في الجامع الكبير بصنعاء ثم اقتحامها عسكريًا إلا قرابة العشر سنوات.

لا اكتب هذا حرصًا على السعودية -مع أني حريص عليها- لكن أكتبه أولاً حرصًا على وطني اليمن، فمتى ما سقطت السعودية بيد الحوثيين وإيران لن نستعيد اليمن ولا بعد الف عام.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى