الأخبار

رئيسي.. رئيس إيران المتشدد تجاه الاحتجاجات والمحادثات النووية

فجر اليوم //

رويترز) – تحول الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، الذي تحطمت طائرة الهليكوبتر التي كانت تقله في منطقة جبلية اليوم الأحد، لمنافس على منصب الزعيم الأعلى للجمهورية الإسلامية بعد تعامله المتشدد مع القضايا المرتبطة بالالتزام الديني والاحتجاجات التي أشعلت فتيلها هذه القضايا في أنحاء بلاده.

وقاد فوز رئيسي في انتخابات عام 2021، بعد استبعاد هيئة رقابية للمنافسين المحافظين والإصلاحيين ذوي الوزن الثقيل، إلى وضع جميع أذرع السلطة في يد المتشددين الموالين للزعيم الأعلى علي خامنئي (85 عاما) صاحب القول الفصل في جميع الأمور السياسية بإيران والموجّه الناصح لرئيسي.

واتخذ رئيسي (63 عاما) موقفا متشددا في المفاوضات المتوقفة الآن مع القوى الست الكبرى والتي كانت ترمي إلى إحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015، إذ أنه كان يرى أفقا للحصول على إعفاءات واسعة النطاق من العقوبات الأمريكية مقابل فرض قيود متواضعة فقط على برنامج إيران النووي الذي يسجل تطورا متزايدا.

وزادت حماسة المتشددين في إيران بعد انسحاب القوات الأمريكية بشكل فوضوي من الجارة أفغانستان فضلا عن التحولات السياسية في واشنطن.

وفي عام 2018، انسحب الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب من اتفاق أبرمته طهران مع القوى الست وأعاد العقوبات الأمريكية الصارمة على الجمهورية الإسلامية، مما دفع طهران إلى الدخول في انتهاكات تدريجية للقيود النووية التي اشتمل عليها الاتفاق.

وتعثرت بعد ذلك المحادثات غير المباشرة بين إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن وطهران لإعادة إحياء الاتفاق.

وبدا توجه رئيسي المتشدد جليا أيضا في السياسة الداخلية. فبعد عام على انتخابه، أمر رجل الدين متوسط المرتبة السلطات بتشديد تطبيق (قانون الحجاب والعفة) الإيراني الذي يضع قيودا على ملابس المرأة وتصرفاتها.

ولاحقا، توفيت شابة إيرانية كردية تدعى مهسا أميني بعد أن ألقت شرطة الأخلاق القبض عليها بتهمة انتهاك هذا القانون.

وأشعلت وفاتها فتيل احتجاجات استمرت لأشهر في أنحاء البلاد وشكلت أحد أخطر التحديات التي واجهها الحكام من رجال الدين في الجمهورية منذ الثورة الإسلامية عام 1979.

ورغم أنه كان حديث عهد بالساحة السياسية، فقد تمتع رئيسي بدعم كامل من خامنئي المناهض للغرب في كل من موقفه تجاه الملف النووي والحملة الأمنية.

إلا أن الاحتجاجات واسعة النطاق ضد حكم رجال الدين والإخفاق في النهوض بالاقتصاد الإيراني المتعثر، على خلفية العقوبات الغربية وسوء الإدارة، ربما قللت من شعبيته في الداخل.

* “عمود للنظام”

تقول منظمات لحقوق الإنسان إن رئيسي، الذي عمل في شبابه مدعيا في طهران، كان عضوا في لجنة أشرفت على إعدام مئات المعتقلين السياسيين في العاصمة الإيرانية عام 1988 إبان انتهاء حرب إيران مع العراق التي استمرت ثماني سنوات.

ووفقا لتقرير صادر عن منظمة العفو الدولية، فقد شهدت تلك الفترة إقامة محاكم تفتيش عُرفت باسم “لجان الموت” في جميع أنحاء إيران. وكانت تضم قضاة من رجال الدين وممثلين للادعاء العام ووزارة الاستخبارات لتحديد مصير آلاف المعتقلين في محاكمات تعسفية كانت تستمر بضع دقائق فقط.

ورغم أنه لم يتم تأكيد عدد من قتلوا في أنحاء إيران، فإن منظمة العفو الدولية تقول إن التقديرات تشير إلى أن العدد قريب من الخمسة آلاف.

وردا على سؤال حول مزاعم أنه لعب دورا في أحكام الإعدام، قال رئيسي للصحفيين في عام 2021 “إذا دافع قاض، مدع عام، عن أمن الشعب، فإنه يتعين الإشادة به… أنا فخور لأنني دافعت عن حقوق الإنسان في كل منصب توليته حتى الآن”.

وتدرج رئيسي في صفوف رجال الدين الشيعة في إيران إلى أن عينه خامنئي في منصب رئيس السلطة القضائية عام 2019. وبعد ذلك بوقت قصير، جرى انتخابه نائبا لرئيس مجلس الخبراء، وهو هيئة دينية تتألف من 88 عضوا ويقع على عاتقها انتخاب الزعيم الأعلى المقبل.

وقال هادي غائمي المدير التنفيذي لمركز حقوق الإنسان في إيران، ومقره نيويورك إن “رئيسي هو أحد أعمدة نظام يسجن ويعذب ويقتل الأشخاص الذين يتجرأون على انتقاد سياسات الدولة”. وتنفي إيران من جانبها تعذيب المعتقلين.

وجمعت الشكوك العميقة تجاه الغرب بين كل من رئيسي وخامنئي. ورئيسي شعبوي مناهض للفساد دعم حملة خامنئي لتحقيق الاكتفاء الذاتي في الاقتصاد واستراتيجيته المتمثلة في دعم قوات تعمل بالوكالة في أنحاء الشرق الأوسط.

وعندما أدى هجوم صاروخي إلى مقتل مسؤولين كبار في الحرس الثوري الإيراني في السفارة الإيرانية في دمشق في أبريل نيسان، ردت إيران بقصف جوي مباشر غير مسبوق، وإن كان غير ناجح إلى حد كبير، على إسرائيل.

وهدد رئيسي بأن أي رد إسرائيلي على الأراضي الإيرانية قد لا يُبقي شيئا من “الكيان الصهيوني”.

وقالت سنام وكيل نائب مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في تشاتام هاوس “رئيسي شخص يثق به خامنئي… رئيسي قادر على حماية إرث الزعيم الأعلى”.

وشغل رئيسي منصب نائب رئيس السلطة القضائية لعشر سنوات قبل أن يتم تعيينه مدعيا عاما في عام 2014. وبعد هذا بخمس سنوات، فرضت الولايات المتحدة عليه عقوبات على خلفية انتهاكات لحقوق الإنسان تتضمن إعدامات الثمانينيات.

وفي سعيه لمنصب الرئيس، خسر رئيسي أمام المرشح البراجماتي حسن روحاني في انتخابات عام 2017. وأرجع متابعون فشله على نطاق واسع إلى تسجيل صوتي يعود لعام 1988 وظهر في 2016 وتردد أنه أماط اللثام على دوره في عمليات الإعدام التي نُفذت عام 1988.

وفي التسجيل، تحدث آية الله حسين علي المنتظري الذي كان يشغل منصب نائب الزعيم الإيراني في تلك الفترة عن عمليات القتل. وجرى إلقاء القبض على نجل المنتظري وسجنه بسبب نشره للتسجيل.

ولد رئيسي عام 1960 لعائلة متدينة في مدينة مشهد المقدسة لدى الشيعة. وفقد والده وهو في الخامسة من عمره لكنه سار على خطاه ليصبح رجل دين.

وشارك عندما كان طالبا في مدرسة دينية بمدينة قم في الاحتجاجات ضد الشاه المدعوم من الغرب خلال ثورة 1979. ودعمته علاقاته مع رجال الدين ليكون شخصية موثوقة في السلطة القضائية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى