مقالات
أخر الأخبار

المحاضرة الرمضانية ال20 للسيد عبدالملك بدر الدين الحوثي

– ثم امتد الزمن، وتعاقبت الأجيال، وتكاثر الضلال، وكبُر الانحراف، إلى أن تغيَّر واقع البشر إلى درجة مؤسفة جداً، عندما ظهرت فيهم عقيدة الشرك بالله سبحانه وتعالى

– كان هذا انحرافا كبيرا وصلوا إليه، بعد أن تزايد الانحراف، وتزايد الضلال شيئاً فشيئاً

– هذا هو حال الناس إذا كانوا في حالة تمادٍ على الباطل، واستمراريةٍ في الضلال يزداد ضلالهم، يزداد تماديهم في الباطل، يزداد انحرافهم في كل الأمور

– عندما يُعبِّد الإنسان نفسه لغير الله، لمن لا يملك فيه ولا في السماوات والأرض شيئاً، لا نقيراً، ولا قطميراً، ولا مثقال ذرة، وينحرف عن الله سبحانه وتعالى، يوجه عبادته لغير ربه، لغير خالقه، لغير إله الحق ملكه، ثم يبنى على ذلك الانحراف عن هدي الله، عن رسالته، عن تعاليمه

– هذه نتيجة خطيرة للشرك: الانصراف التام والإعراض الكامل عن رسالة الله، عن تعليماته، تصبح مرفوضةً جملةً وتفصيلاً، هذه حالة خطيرة للغاية

– أنها عقيدة باطلة ورهيبة ومتنكرةٌ لأكبر الحقائق، حقائق أننا عبيدٌ لله سبحانه وتعالى، وأنه إلهنا وحده؛ لأنه ربنا، ومالكنا، وملك السماوات والأرض، والخالق، فلا إله إلا هو سبحانه وتعالى، هي تنكرٌ لأكبر الحقائق على الإطلاق وأهم الحقائق، وهي تنكرٌ للعدل، للرحمة، مجافاةٌ للإنصاف

– محاضرة اليوم تتعلق بقصة نبي الله نوح “عليه السلام” وقومه

– وردت قصة نبي الله نوح وقومه في القرآن الكريم في عدة سور في القرآن الكريم، منها على مستوى كبيرٍ من التفصيل: (في سورة الأعراف، وفي سورة هود، وفي سورة الشعراء، وفي سورة نوح)، ومنها بمستويات متفاوتة في الإشارة إلى القصة في سورٍ أخرى كثيرة

– ورد ذكر نبي الله نوح عليه السلام في القرآن الكريم ربما بأكثر من 35 مرة، وتعود قصة نبي الله نوح عليه السلام إلى حقبة متقدمة في تاريخ المجتمع البشري

– المرحلة من عهد نبي الله نوح عليه السلام تعتبر مرحلة جديدة في تاريخ البشر، نظراً لما حدث في قصة الطوفان من هلاك الكافرين والمكذبين، واستئناف البشر بحياتهم من جديد

– يقال أنه كان ما بين نبي الله آدم عليه السلام، إلى نبي الله نوح، في تلك الحقبة الزمنية التي امتدت بينهما كان نبي الله إدريس عليه السلام

– نبي الله إدريس- كما يقال- ظهر في تلك المرحلة ما قبل الانحراف في واقع البشر إلى مستوى الشرك والكفر بالله سبحانه وتعالى

– يقال أنه إضافةً مع ما بذله من جهد لإصلاح المجتمع البشري، وتربيته تربيةً زاكيةً إيمانيةً، وتقديم تعليمات الله سبحانه وتعالى إلى الناس، أنه أسهم أيضا في ارتقاء واقعهم المعيشي، في حياتهم، في حضارتهم، وعلَّمه الله سبحانه وتعالى أشياء جديدة في واقع حياتهم، منها كما في بعض الروايات التاريخية: الخياطة، وبعض الأشياء والمهارات التي يحتاجون إليها في الارتقاء بحياتهم وواقعهم المعيشي.

– نبي الله نوح عليه السلام هو الأب الثاني للبشر، بعد انقراض سُلالات المؤمنين الذين نجاهم الله معه، انقرضت فيما بعد سلالاتهم، يعني: لم تستمر ذريتهم بشكلٍ مستمر، فانقرضت سلالات أصحابه الذين نجاهم الله معهم في السفينة من المؤمنين، واستمر نسل أولاده، كما قال الله سبحانه وتعالى (في سورة الصافات): {وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ}

– البشرية استأنفت من بعد الطوفان مرحلةً جديدةً صافية على الإيمان، والتوحيد، وهدي الله، وتعليماته من جديد، عادت كما بدأت مع آدم عليه السلام، ولكن بدأ فيما بعد ذلك التغيُّر والانحراف من جديد، ربما من زمن معين، أو من أجيال، بدأت حالة الانحراف كذلك تكبر، وتكثر، وتتعاظم من جديد، ويتغير الواقع البشري فيما بعد ذلك، ويعود إلى الضلال، إلى الشرك، إلى الكفر، وهذا شيءٌ مؤسف.

يتَّضح من خلال الآيات القرآنية أنهم كانوا يعترفون بالله سبحانه وتعالى، وصولاً إلى مشركي العرب في بعثة رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله خاتم النبيين محمد بن عبد الله إليهم، كانوا يعترفون بالله، وأنه الذي خلق السماوات والأرض، وأنه الذي خلق البشر، أنه الذي خلقهم، {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ}

– فهم كانوا يقرُّون بالله، ويعترفون بالله، وأنه خالق السماوات والأرض، ورب العالمين… إلى غير ذلك، أنه الذي يخلق ويرزق، ويحيي ويميت

– ولكنهم كانوا يعتقدون في عقيدتهم الباطلة: أنَّ الآلهة متعددة، أنَّ مع الله آلهةً أخرى يختلفون في معتقداتهم، كلٌّ له في معتقده الباطل آلهة معينة، يزعم أنها شريكةً لله في الألوهية، ولهذا يسمَّى ما هم عليه بالشرك

– لأنهم اعتقدوا أنَّ مع الله شركاء في الألوهية، يعينونه في أمور الخلق من موقع الألوهية؛ باعتبارهم آلهةً معه، هذا الانحراف على المستوى العقائدي في العبادة لغير الله، وترتب عليه- بالتالي- بقية الأمور

– هم يرفضون تعليمات الله التي أتت مع الرسل والأنبياء، ويتَّجهون بناءً على خرافات، ومعتقدات، وأفكار خاطئة، يتعبَّدون بها

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى