مقالات
أخر الأخبار

المحاضرة الرمضانية الـ 21 للسيد عبدالملك بدر الدين الحوثي

هو التقوى الله: قال لهم: {إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلَا تَتَّقُونَ * إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ  * فَاتَّقُوا اللَّهَ}

– {وَأَطِيعُونِ} لأنه سيسير بهم هو على أساس نهج الله، سيتحرك بهم من موقع القدوة والهداية، في إطار طاعة الله سبحانه وتعالى، ومنهج الله سبحانه وتعالى، فهو يطلب منهم الطاعة فيما يبلغهم به، من تعليمات الله سبحانه وتعالى، وأوامره، ونواهيه، وتوجهاته

– القيمة الإيمانية والإنسانية هي القيمة الحقيقية، هي التي تجعل للإنسان مكانةً حقيقيةً، أولاً: عند الله سبحانه وتعالى، ثم ما يجعله الله له من عزة الإيمان، من عزة التقوى، من عزة الاستقامة الأخلاقية والسلوكية، في واقع الحياة، وفي نفوس الناس.

– آمن بنبي الله نوح عليه السلام قلةٌ قليلةٌ جداً، وعلى فتراتٍ زمنيةٍ متفاوتة، يعني من الألف سنة إلى خمسين عاماً، على مدى تلك المدة الطويلة، كان يؤمن به بعد عشرات السنين من الجهد والدعوة، والتذكير لقومه، والسعي لهدايتهم بكل الوسائل، يؤمن شخص- مثلاً- شخص واحد، وهكذا يقول الله {وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ}

– وجَّهوا له أولئك الملأ مجموعة من الدعايات، في مقدمة موقفهم قولهم {إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} من دون استناد إلى شيء، مع أن دعوته كانت واضحة، دعوته لهم عناوينها واضحة، ثلاثة عناوين أساسية: دعاهم إلى أن يعبدوا الله: {اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ}
– – البعض عقدة الكبر فيهم يتصور أنه سيتحول إلى تابع، تابع للرسول، تابع للنبي، وبذلك سيفقد مكانته كمتبوع، ويجهلون أن اتِّباعهم للرسل والأنبياء هو عزة، ومكانة أعظم، وعزة عند الله وعند خلقه

– الله سبحانه وتعالى يريد الخير لكل عباده، وأن رسالته ودعوته لعباده فيها الخير لكلهم، لجميعهم، {وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ}

– الخسارة هي في المعارضة لهدى الله، في الصد عن سبيل الله، في المحاربة لدين الله سبحانه وتعالى، هي التي تُمثِّل خسارةً حقيقيةً للإنسان

– تختلف الحالة بين المكانة الوهمية، التي يمكن أن تتغير على الفور، خسر ماله، أو ثروته، أو سلطته، فانتهت مكانته، لم يبقى له مكانة

{عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ}، وهذه نعمةٌ عليكم، رجل منكم تعرفونه، تعرفون أمانته، وصدقه، يحرص على إنقاذكم، على هدايتكم

– وأنتم من تستفيدون من هذه الرسالة، من هذا الهدى، ولكن مشكلة العمى- المشكلة الخطيرة جداً- تجعلهم لا يكترثون للنذير، {لِيُنْذِرَكُمْ}

– هناك عواقب خطيرة للتكذيب والانحراف عن هدى الله سبحانه وتعالى، {وَلِتَتَّقُوا وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} فاستمروا في جدالهم، وأصروا على تكذيبهم وعنادهم، وهو استمر في الدعوة إلى الله، الدعوة لهم إلى الله، والسعي لإنقاذهم بكل جهد وأسلوب، ولدهرٍ طويل، لزمنٍ طويلٍ جداً

– واشتكى إلى الله في الأخير {قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا} كان يعمل بكل جهد لإنقاذهم، ودعوتهم، وهدايتهم، ويعمل في مختلف الأوقات: في الليل والنهار، وليس فقط في وقت معين، {لَيْلًا وَنَهَارًا}

– {فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا} كلما دعاهم أكثر؛ كلما عاندوا أكثر، وتهرَّبوا أكثر حتى من سماع دعوته.

– {قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ} هم يحتقرون من لا يمتلكون الوجاهة، والنفوذ، والمال، والسلطة، فيعبِّرون عنهم بهذا التعبير؛ لاحتقارهم

– فاستمر حالهم على هذه الحالة، مع أنه استمر في إقامة الحجة عليهم، تبيين الحق لهم، الرد على دعاياتهم تلك، يفنِّدها، يوضِّحها، {قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي}

– الله يرسل رسله بالمعجزات والبينات، يعطيهم البينات التي تبين أنهم رسلٌ من عند الله سبحانه وتعالى، والبينات التي يوضِّحون بها الحقائق للناس، الحقائق بالأدلة الكافية، بالحجة الواضحة المقنعة

– إنما تحتاج من الإنسان إلى إنصاف فقط، أن يكون منصفاً، ألَّا يكون مكابراً، ولا متكبراً ولا معانداً. 

دور الرسول نفسه ما هو؟ هو تبليغ رسالة الله سبحانه وتعالى، وتعليماته التي توحى إليه، والسعي للتحرك بالناس من موقع القدوة والهداية، في تطبيق تلك الرسالة، والالتزام بها، والتَّحرُّك على أساسها، ولذلك كان لابدَّ أن يكون من البشر، أن يكون هناك رسلٌ للبشر من البشر أنفسهم

– لو كان الرسول – مثلاً- ملكاً من الملائكة، سيقولون له: أنت لا تعرف حالنا نحن البشر، لا تعرف كيف هي طبائعنا، كيف هي شهواتنا، كيف هي رغباتنا، لا تعيش مشاعرنا، لا تعيش الضغط النفسي الذي نعيشه نحن، فلذلك أنت تُقدِّم هذه التعليمات المثالية جداً؛ لأنك لا تواجه ما نواجهه نحن من ضغوط نفسية، من رغبات، من أهواء، من انفعالات

– هي نعمةٌ عليهم، أن يرسل الله إليهم رسلاً منهم، هي نعمةٌ عليهم، في هذا أنس لهم واطمئنان، لو كان مثلاً من الجن أتى إلى الإنس رسولاً إليهم، لن تكون حالة الاطمئنان والانسجام، والاعتياد على هذه الحالة كحالة طبيعية من واقع الناس أنفسهم، كما لو كان إنسياً منهم، على مستوى الأنس والاطمئنان.

– على مستوى التكريم: هذا تكريم للبشر أيضاً ليس شيئاً يتحسسون منه، يغضبون منه، يأنفون منه، بل هو تكريمٌ لهم بشكلٍ عام

– اتهموه بالجنون، وهذا أسلوبٌ منهم للسخرية، والاستهزاء به، وللتنفير منه، وإلَّا هم يعرفونه، يعرفون رشده؛ لأن الرسل والأنبياء صلوات الله عليهم عادةً ما يكونون معروفين في وسط مجتمعهم بالكمال، بالكمال في رشدهم، في أخلاقهم، في زكاء أنفسهم، في حكمتهم، في طهارتهم وصلاحهم عمَّا هو موجود في المجتمع من المفاسد والرذائل وغير ذلك

– كان هناك قائمة اتهامات ودعايات يُعتمد عليها في التشكيك في رسالته

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى