هل كان يملك مرزوق الغانم بلّورةً سحريّة طمأنته بعودته؟.. مخاوف الصّدام ونهاية الديمقراطيّة في الكويت بعد بُطلان مجلس الأمّة 2022.. تهديدات بالجُلوس على مقاعد الوزراء وماذا تعني المُطالبة “بإمارة دستوريّة”؟.. هل يتدخّل أمير البلاد ومتى؟

فجر اليوم//

وكأنّ رئيس مجلس الأمّة الكويتي مرزوق الغانم، كان يملك بلّورةً سحريّة، حينما أعلن عدم نيّته الترشّح لانتخابات برلمان بلاده 2022، وكانت طمأنته بعودته اللّاحقة لمِقعَده المُفضّل برئاسة البرلمان، فها هو ومجلسه الأمّة المُنتخب العام 2020 قد عادوا، ولكنها عودة أثارت وتُثير الجدل في “الديرة”.

القصّة تعود لقرار المحكمة الدستوريّة 19/ مارس، إبطال عمليّة الانتخاب في الدوائر الخمس برمّتها، وبالتالي عدم صحّة عضويّة من أعلن فوزهم فيها، وبُطلان دعوة الناخبين لانتخاب أعضاء مجلس الأمّة، ما يعني بُطلان مجلس أمّة 2022، وعودة مجلس 2020 المُنحَل بكافّة صلاحيّاته الدستوريّة، على أن يستكمل مُدّته المُتبقّية كأن حلّه لم يكن.

قرار المحكمة الدستوريّة جدلي، ويُدخِل الكويت في نفق سياسي مُظلم، اليوم السبت أصدرت 27 شخصيّة سياسيّة بياناً طالبوا من خلاله حُكومة بلادهم، الطّعن في حُكم المحكمة الدستوريّة بإبطال مجلس الأمّة 2022.

الكويت الآن بحُكم صراع مجلسين، أحدهما جرت إعادته بعد حلّه (مجلس الغانم)، والآخر جرى حلّه بعد انتخابه، البيان الصادر عن شخصيّات سياسيّة الرافض لقرار بطلان مجلس أمّة 2022، كان لافتاً إشارته في البيان المُوجّه للحكومة، بأن تتحرّك من أجل الحفاظ على هيبة الحُكم (القيادة الكويتيّة)، ووصف البيان قرار المحكمة الدستوريّة بالصّادم الذي يتضمّن سقطات قانونيّة، وزلات دستوريّة، وهُنا نقد حاد وغير مسبوق للمحكمة الدستوريّة، الذي اعتبر البيان أن قرارها تجاوز حدود ولايتها وصلاحياتها.

ولافت ويدعو للتوقّف عنده، أن البيان وقّع عليه نواب في مجلسي 2020 و2022، ما يعني أن ثمّة مخاوف كويتيّة حول استمرار تطبيق الديمقراطيّة في الكويت من نافذة مجلس أمّتها أكثر من جدل بقاء هذا المجلس، أو رحيل ذاك، حيث تجربة ديمقراطيّة غير موجودة في دول الخليج المُحيطة، فمجلس الأمّة الكويتي أوّلاً مُنتخب وغير مُعيّن من قبل رأس الدولة، وثانياً يستطيع مُحاسبة الحكومة، ومُساءلتها.

ويحظى رئيس مجلس الأمّة الكويتي مرزوق الغانم العائد إلى مقعده المُفضّل برئاسة المجلس بشعبيّة، ولكن عودته الجدليّة هذه، دفعت مواطنين كويتيين إلى التجمهر والتظاهر في ساحة الإرادة أمام مبنى مجلس الأمّة، وهتفوا بشعارات تُطالب برحيله.

وهدّد نواب رافضون لعودة مجلس الغانم، بعدم سماحهم بعودته، كما لن يسمحوا لوزراء الحكومة المُقبلة بتأدية القسم، وهذا يطرح تساؤلات عن الكيفيّة التي سيلجأ لها النواب الكويتيون لمنع عودة مجلس الغانم المُتمسّك بقرار المحكمة الدستوريّة التي أمرت بعودته، وبطلان مجلس 2022.

هل سيلجأ النواب للعُنف لمنع عودة المجلس وقسم الوزراء، النائب مبارك الحجرف مثلاً هدّد بأنهم سيجلسوا على مقعد الوزراء، ولن يسمحوا بانعقاد جلسة القسم، تذهب مُطالبات الحجرف “الغاضب” لأبعد من ذلك، ويُطالب بإمارة دستوريّة، حيث يكون رئيس الوزراء من الشعب الكويتي.

الجدل القائم حاليّاً في الكويت، ليس سياسيّاً فحسب، بل هو قانوني حول تفسير قرار المحكمة الدستوريّة المُستند للقرار 107 من الدستور الكويتي، بعض الخبراء يُؤيّدون قانونيّته، وآخرون يُشكّكون.

بطبيعة الحال ثمّة من يُؤيّد عودة مجلس الغانم، نائب رئيس المجلس المُعاد بقرار المحكمة أحمد الشحومي، قال إن “لجان الشؤون التشريعية والقانونية، والشؤون المالية والاقتصادية، والداخلية والدفاع، ستجتمع هذا الأسبوع بإذن الله لمناقشة جداول أعمالها وترتيب أولوياتها للمرحلة القادمة”، وأضاف: “تفاءلوا، وسنكون على الوعد بعون الله”.

ومن غير المعلوم كيف سينتهي المشهد المُعقّد في “الديرة” بين مجلسين، ويُنتظر من أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الصباح التدخّل لحسم الموقف، وهذا لعلّه غير مُرتبط بتوقيت زمني معروف، أو الأسباب التي قد تدفعه للتمهل، أو الاستعجال، خاصةً أن البعض يتحدّث عن مُحاولة لسحب صلاحيّات الأمير بقرار إبطال مجلس السعدون.

الثابث في كل هذا، بأن الشعب الكويتي بات أمام أزمة ثقة بحكومة بلاده، فمجلس أحمد السعدون مع حكومة أحمد النواف الذي جرى حلّه كان يُنتظر منه حل مشاكل الكويتيين، ولكن حلّه، أعاد البلاد لمُربّع أزمات حل مجالس الأمّة السّابقة، أو إبطالها، ما يُضعف من دور وأداء تلك المجالس بمُحاسبة الحكومة، وتمرير القوانين من عدمها، ومرزوق الغانم يُتّهم بأنه يُحابي الحكومة، ويُساعد في تمرير قوانين تُريدها، وإيقافها، ما يعني العودة للمُربّع المُعطّل نفسه خلال 12 سنة الأخيرة.

وفي حين يأمل كويتيون بأن يجري استبعاد كلا المجلسين (الغانم/ السعدون) منعاً لدخول البلاد في مُنعطفٍ خطير، تحدّث النائب في المجلس المُنحل عبد الوهاب العيسى أو قدّم تفسيراً جديدًا لما يحصل في تصريحات مرئيّة، وقال بأن صراعًا جديدًا داخل الأسرة الحاكمة في الكويت، كان سببًا مُباشرًا في صدور قرار المحكمة الدستوريّة، وأشار العيسى إلى ما أسماه صراع أجنحة، بين رئيس الوزراء المكلف أحمد النواف (نجل أمير البلاد)، وبين رئيس جهاز متابعة الأداء الحكومي أحمد المشعل (نجل ولي العهد).
هذا التفسير الذي قدّمه النائب العيسى، جرى تداوله على منصّات التواصل الاجتماعي الكويتيّة، رفضه البعض، وطالب آخرون المعنيين فيه بالتوضيح، فيما ذهبت الغالبيّة إلى ضرورة رص الصفوف، والوقوف خلف القيادة، وعدم الاستماع للشائعات المُغرضة، والعمل يدًا واحدة ضد أعداء الكويت.

Exit mobile version