مكانة المرأة الإيرانية اليوم: حوار مع المستشار الثقافي لسفارة الجمهورية الإسلامية في الجزائر بقلم: هناء سعادة

مكانة المرأة الإيرانية اليوم

متابعات فجر اليوم//

 

مكانة المرأة الإيرانية اليوم: حوار مع المستشار الثقافي لسفارة الجمهورية الإسلامية في الجزائر

أجرينا حواراً مع المستشار الثقافي لسفارة الجمهورية الإسلامية الإيرانية في الجزائر، السيد جلال ميرآقائي، تناولنا من خلاله آخر المستجدات على الساحة الإيرانية، ومعركة التضليل الإعلامي، وازدواجية المعايير الغربية، فضلا عن واقع المرأة الإيرانية اليوم. إليكم الحوار

سعادة المستشار، مرّت عدة أشهر على وفاة الشابة الإيرانية مهسا أميني، وما تلاها من تحريض من الدول الغربية ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية، حبذا لو تحدثونا عن ذلك؟

المستشار الثقافي: بدأ كل شيء مع وفاة الفتاة الإيرانية مهسا أميني، وعلى الرغم من صدور تقرير يبين أن الفتاة توفيت وفاة طبيعية، حيث طرح الجانب الإيراني نتائج التحقيقات بقدر من التفصيل، ونشرت جهاته المعنية بالحادثة مقاطع مرئية للحظات الأخيرة من حياة الفتاة وهي تغادر مركز الشرطة وهي بصحة جيدة، وعملت الجمهورية الإسلامية ممثلة ًبرئيسها السيد إبراهيم رئيسي وكل سلطاتها المختصة على القيام بالتحريات اللآزمة، تفجرت الاضطرابات في البلد، مدعومة بحملة شرسة من قادة معظم الدول الغربية ووسائطها الإعلامية ووسائل التواصل الاجتماعي لتأجيج مشاعر الناس في إيران، وصب الزيت على النار، وتسخير غرف عمليات إعلامية تقود حرباً نفسية بهدف تدمير الروح المعنوية، وتسخير شبكة الأقمار التابعة لـ«سي آي إيه» لمصلحة ما سموه “الناشطين”، حرّكتها بعض الجهات المعادية التي تنادي بحقوق المرأة وضرورة نزع غطاء الرأس والذي لا يغطي في الغالب إلا الثلث الأخير منه باعتباره، كما يصفون،  تضييق على نساء إيران وهدر لحريتهن الشخصية وسطو على أنوثتهن ؟!

سعادة المستشار، إذن، هل لكم أن تحدثونا عن تعامل الغرب مع هذه الحادثة؟

المستشار الثقافي: لقد حوّلت دول الإستكبار العالمي قضية مهسا أميني إلى منصة للهجوم على إيران ونظامها، ردا وانتقاماً من موقفها الصلب واستقلاليتها وامتناعها عن التوقيع على الاتفاق النووي بالشروط الأميركية والغربية، ولانحيازها الواضح إلى الخيار الشرقي ولانضمامها إلى منظمة شنغهاي، ولتمتينها العلاقة التحالفية الإستراتيجية مع روسيا والصين. فالدعاية الغربية التي لم تتوقف طيلة الأربعين سنة تعمل بلا هوادة على شيطنة الجمهورية الإسلامية. وما يقوم به الغرب على إثر وفاة الشابة ليس أمرا جديدا، بل هو تواصل لما يقوم به منذ انتصار الثورة الإسلامية التي قادها الإمام الخميني ضد نظام الشاه، إذ أنه وبعد فشل سياسة المقارعة والتهديد المباشر وفرض العقوبات واستهداف العلماء، عمد الغرب إلى سياسة نشر الفوضى في البلد والتمرد، حال كل الديمقراطيين الغربيين الذي يلجؤون إلى الحرب الناعمة والثورات الملونة ورفع الشعارات الثقافية وراية حقوق الإنسان ضد أعدائهم وخصومهم، على عكس الجمهوريين الذين يعتمدون الحرب الصلبة – العسكرية والاقتصادية. والجدير بالذكر أن تصرف الغرب إتجاه إيران على إثر هذه الحادثة ليس غريبا، فلطالما عمد الغرب إلى أسطوانات مشروخة عن حقوق المرأة والشباب، فقد لجأ الديمقراطيون في عهد الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى دعم احتجاجات ما سُمي بالثورة الخضراء الملونة عام 2009 م تحت حجة تزوير الانتخابات وسرقة الأصوات وخرق الديمقراطية، ولن تكون آخرها هاته الاحتجاجات التي أسموها “ثورة المرأة والحجاب”. فكما هو معلوم ترفع الدول الغربية ظاهريا شعارات ومبادئ نبيلة أبرزها حقوق الإنسان والديمقراطية وضرورة احترام الشرعية الدولية وقوانين الأمم المتحدة، ومحاربة التمييز العنصري، وتتشدق بالإنسانية المفرطة والعدل والمساواة والحرية للبشرية جمعاء، ولكنها في الحقيقة تعتمد وبشكل صارخ على الانتقائية المكشوفة عند التعاطي مع الأحداث، في انتهاك صارخ للشعارات التي تُروج لها، حيث تطلق كلاما تفوح منه رائحة العنصرية والتمييز والتحريض على حساب الشعارات المنادية بالديمقراطية وحقوق الإنسان وحق الوصول إلى المعلومات وحرية البث الإعلامي إذا ما تعلق الأمر بالدول الممانعة. وكمثال عن ذلك قضية زينب عصام ماجد الخزعلي، البنت العراقية صاحبة الخامسة عشر ربيعا، والتي قتلت برصاص أميركي وهي تساعد والدها المزارع في كسب لقمة عيشهم، حيث أصابتها رصاصة طائشة من قبل عناصر القوات الأميركية أثناء التدرب في معسكر قريب من أرض عائلتها في منطقة أبو غريب غربي العاصمة بغداد في العراق.  أين هو الغرب الذي ملأ الدنيا نحيبا على البنت الإيرانية من هذه القضية؟

ومن باب “شهد شاهد من أهلها”، أكد تقرير لموقع (ورلد سوشيال كلاس) أن الجريمة التي إرتكبتها القوات الأمريكية بقتل “زينب عصام” وتعامل الولايات المتحدة الإعلامي مع قضية “مهسا أميني”، الفتاة الإيرانية، يكشف عن طبيعة النفاق والازدواجية الأمريكية تجاه قضيتين تُستغل إحداهما لأهداف سياسية، بينما يُغض الطرف عن الجرائم التي تُرتكب في العراق. وأضاف التقرير أن” المسؤولين الأمريكان لم يعترفوا بالجريمة التي ارتكبتها قواتهم في العراق، وفي الواقع، لم تتحدث أية وسيلة إعلامية غربية عن تلك الجريمة، في حين تم استغلال وفاة الفتاة الإيرانية مهسا أميني لإثارة الشارع الإيراني والدعوة إلى تغيير النظام.

سعادة المستشار، ذكرتم بأن الديمقراطيين يعمدون إلى الثورات الملونة والحرب الناعمة، هلا شرحتم لنا كيف وظفت هذه الأساليب ضد بلدكم في حادثة مهسا ؟

المستشار الثقافي: لقد تفرغت أمريكا وحلفاؤها في تلك الحقبة للقضايا الإيرانية، وهي ذاتها التي تتهم إيران بالتدخل في الشؤون الداخلية للبلدان، إذن، بماذا نُفسر هذا التناقض السافر؟ ويكفي للتدليل على ذلك، إصدار وزارة الخزانة الأمريكية، الجمعة 23 سبتمبر/أيلول 2022، توجيهات لتوسيع نطاق خدمات الإنترنت المتاحة للإيرانيين رغم العقوبات الأمريكية، فضلا عن خطابات الزعماء الغربيين بخصوص هذه الحادثة، كتصريح البيت الأبيض بأن الحادثة “انتهاك صارخ ومروّع لحقوق الإنسان”، وما أشارت إليه هيلاري كلينتون في خطابها خلال التجمع التضامني مع مهسا أميني في كاليفورنيا، حيث قالت أنه: “لا يمكن للنظام في إيران أن يبقى في السلطة إلا من خلال تقييد حقوق الجميع، وخاصة عبر اضطهاد النساء. هذا هو أحد مبرراتهم المستندة على نحو خاطئ إلى الحكم الديني. أنا معجبة جدًا وفخورة بالإيرانيات، ولا سيما الإيرانيات المتواجدات في الشوارع، واللواتي يتخلّين عن الحجاب، لأن ذلك يجب أن يكون اختيارًا وليس تفويضًا، ويتحدثن عن حقوقهن. وآمل فقط أن يكن قادرات على خلق مساحة كافية بحيث يتم منحهن المزيد من الفرص ليعيشن حياة كاملة بحرية قدر الإمكان”.

ومن جهته، حاول الرئيس جو بايدن، ممثل الديمقراطيين، اللعب على نفس الوتر التحريضي التأجيجي من على منبر الأمم المتحدة بقوله بأنه “يقف إلى جانب شعب إيران الشجاع والإيرانيات الشجاعات، ومع الذين يتظاهرون اليوم دفاعا عن أبسط حقوقهم”، على حد زعمه في وقت تغتصب فيه الولايات المتحدة الأميركية حقوق شعوب دول العالم التي تسيطر عليها وتحتلها بصورة مباشرة وتسرق ثرواتها كما هو الحال في النهب العلني لنفط سوريا. أين هو بايدن من قضية زينب التي قتلها جنوده؟ وأين هي منابره الإعلامية الرخيصة؟ أين هو من مقتل الصحفية الفلسطينية الأميركية شيرين أبو عاقلة التي إغتالتها يد الغدر الصهيونية خلال تغطيتها لمداهمة الصهاينة لمخيم للاجئين في الضفة الغربية المحتلة في انتهاك صارخ لكل القوانين والأعراف الدولية. الرد هو: التزمت بلاده ودول الاستكبار العالمي الصمت المطبق المخزي، لتهرول فيما بعد بالاعتماد على إعلامها المرتزق إلى غسل عار الفظاعة الصهيونية البعيدة كل البعد عن قيم الإنسانية في انهيار وتهاوٍ آخر لفكرة الغرب الراعي الرسمي للحريات.

ومنه، فإنني أضم صوتي للمتحدث باسم الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، والذي قال: “الدول التي لديها تاريخ طويل في إثارة الحروب والتعامل بعنف على صعيد العالم، تفتقر إلى المشروعية لتقديم النصائح إلى الآخرين بشأن حقوق الإنسان”، لافتاً إلى أنّ “ازدواجية المعايير من جانب الدول الغربية في التعامل مع جرائم حلفائها، ولاسيما ما يُمارَس ضد الشعب الفلسطيني المظلوم، تعكس نفاق الغرب في التعامل مع حقوق الإنسان”.

سعادة المستشار، إعتمدت هذه القوى لتأجيج نار الفتنة على الماكينة الإعلامية، حيث رصدنا حملات ممنهجة غزت القنوات الإعلامية، ومنصات التواصل الاجتماعي، تنادي بضرورة الانتصار للمرأة الإيرانية، برامج وتغريدات وحملات لم يرصد لها أثر عندما فُرض على مهسا نفسها -كبقية الشعب الإيراني- مختلف أنواع العقوبات منذ أكثر من 43 عاماً، والتي وصلت حد الحرمان من اللقاحات خلال وباء كورونا القاتل. ما رأيكم بذلك؟

صحيح، فالمتتبع للتغطية الإعلامية، يلاحظ تكالب الإعلام الغربي والأميركي، وحتى بعض القنوات العربية المأجورة، على الجمهورية الإسلامية الإيرانية، حتى أضحت هذه الوسائط عمليات لإدارة الاحتجاجات في الشوارع والجامعات. وعن المقالات المنشورة، وبحسب نتائج برنامج “Spike”، يتبين حجم الضخّ الإعلامي الكبير في موضوع وفاة الشابة مهسا أميني؛ ففي خلال أسبوع واحد، تم نشر 1504 مقالة في الولايات المتحدة. وبغضون أيام قليلة، نشرت الـ “سي إن إن” الأميركية وحدها 15 مقالاً. لم يكن الحال مختلفاً في المملكة المتحدة، ففي غضون 9 أيام تم نشر 720 مقالاً.

أما في دول الاتحاد الأوروبي، فعدد المقالات التي نشرت بحسب البلد بين 16 و24 أيلول/سبتمبر يتوزع على الشكل الآتي: ألمانيا 830، وفرنسا 655، وإسبانيا 297، وإيطاليا 497، وهولندا 134، مع الإشارة إلى أنَّ الأخبار التي تضمنت كلمة “امرأة إيرانية” أو “نساء إيرانيات” أو “حقوق المرأة في إيران” خلال أسبوع واحد تجاوزت 8.000 مقال في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

وفي ذات السياق، أجرى مركز استطلاع الرأي التابع لوكالة أنباء “فارس” الإيرانية دراسة بشأن الأكاذيب التي بثّتها وسائل الإعلام المعادية ضد إيران مؤخراً. ومن خلال استعراض أداء 5 وسائل إعلام معادية للجمهورية الإسلامية، وصفحاتها على الإنترنت، تبيّن أنّ هذه الوسائل نشرت أكثر من 38 ألف كذبة بشأن الأحداث الأخيرة في إيران خلال الفترة الممتدة من 14 أيلول/سبتمبر لغاية 31 تشرين الأول/أكتوبر”. وبحسب مركز الاستطلاع، فإنّ دراسة أداء 5 وسائل إعلامية هي: قناة “بي بي سي فارسي” (تابعة للحكومة البريطانية)، وقناة “إيران إنترناشيونال” (الممولة من قبل دولة عربية)، وقناة “صوت أميركا”، وراديو “فردا” (تابعتان للحكومة الأميركية)، وقناة “من وتو” (تابعة للحركة البهائية)، وصفحاتها الافتراضية، يظهر نشر هذه الوسائل الإعلامية ما مجموعه 38003 كذبة في 47 يوماً (من 14 أيلول/سبتمبر إلى 31 تشرين الأول/أكتوبر)، حول الأحداث الأخيرة في إيران. وأشار المركز إلى أنّ هذه الدراسة أُجريت فقط في المواقع الرسمية لوسائل الإعلام الخمسة وصفحاتها في مواقع “تلغرام” و”تويتر”، فيما لم يتم التحقيق في قنواتها التلفزيونية.

وبالمقابل، غيّبت هذه المنابر الإعلامية اللبرالية الغربية، وبعض المنابر العربية المتشدقة بحقوق الإنسان، والتي تنشط تحت مظلة إمبراطورية الكذب العالمية الأمريكية خبر مقتل الفتاة العراقية. لماذا لا نرصد هذه التغطية المتواصلة لحادثة وفاة مهسا، وبث العواجل والصور المباشرة على الهواء، والمبالغة في نقل الإحصائيات في محاولة للإيحاء إلى الرأي العام بانتفاضة شعبية، وتظاهرات مليونية، وقرب سقوط النظام، (والأمر في الحقيقة لا يتعدى مجرد تجمعات بسيطة)، عند تغطية خبر تجمهر آلاف المستوطنين اليهود وسط تل أبيب للمطالبة بملاحقة رئيس الوزراء الصهيوني قضائيا وللضغط على السلطات المختصة لمحاسبة وإقالة الفاسدين في حكومة نتانياهو الذي يخضع هو نفسه لتحقيقات موسعة في شبهات فساد؟!

أظهرت هذه الأحداث بصورة جلية أوجه نفاق الغرب وأميركا، فضلا عن ازدواجية المعايير والمفارقة الفجة في التعاطي سياسيا وإعلاميا بين المؤيدين والمخالفين حسب ما تقتضيه المصلحة. فردود أفعالهم في ما يتعلق بزينب عصام وشيرين أبو عاقلة، وردهم على الموت المفاجئ لمهسا أميني في إيران، يكشف مرة أخرى السياسة والإستراتيجية الشهيرة (الكيل بمكيالين) لهذه الجهات. فحقوق الإنسان (في نظر أمريكا والغرب) أداة للضغط على العدو. إذ تركز أمريكا والغرب على حادثة لاستخدامها في الضغط على البلدان التي لديهم مشكلات معها. مشكلة واشنطن مع دول مثل إيران أنها لم تخضع لها. لهذا، نشهد دائماً السلوك الإزدواجي لأمريكا والغرب تجاه حقوق الإنسان.

سعادة المستشار، بهذه المناسبة، هل لكم أن تحدثونا عن واقع المرأة الإيرانية؟

المستشار الثقافي: تمكنت المرأة الإيرانية في ظل القيادة الحكيمة للإمام القائد الخامنئي من تحقيق طموحاتها وتطلّعاتها التي بذر نواتها الأساسية الإمام الخميني، رحمه الله، من خلال إيمانه المطلق بأن المرأة هي صانعة الإنسان، وكذلك بفضل توجيهات الإمام السيد علي الخامنئي، من “أنه لا يمكن لأي بلد أن يستغني عن جهود النساء وعطائهن الفذّ، وأن البلد إذا أراد إطلاق نهضة حقيقية، فعليه تركيز جلّ اعتماده ونظرته على الإنسان وطاقاته، وألا يُغفل النساء اللواتي يشكّلن نصف الطاقات البشرية”. واليوم، تُعد المرأة الإيرانية أمّ مربّية للأجيال، وزوجة صالحة، ومنبع للخيرات والفضائل، كما أنها دخلت معترك الساحة العلمية، وتولّت الإشراف على مراكز إدارية ومؤسساتية، وشغلت العديد من المراكز الاجتماعية والثقافية، كما تولّت مناصب حكومية في الدولة، وهذا ما شهدناه في الحكومة الحالية والحكومات التي سبقتها. وما نرصده اليوم من بعض الفتيات الإيرانيات في التجمعات لا تمثلن إلا نسبة ضئيلة مقارنة بالنساء الإيرانيات الواعيات، فالمرأة الإيرانية بلغت من الوعي درجة لا يمكن التأثير عليها، وهذا بفضل ما قامت وتقوم به إيران من خلال بثّ الوعي، وإقامة مؤسسات ومراكز أنشطة خاصة بالمرأة، وإفساح المجال لها لتحجز مكانا لها في الساحة الفكرية والثقافية والاجتماعية والرياضية والسياسية.

والجدير بالذكر هُنا أنّ دور المرأة الإيرانية يتجلى على الصعيدين الأُسري والمجتمعي، فالمرأة هي  ركيزة الأسرة، التي يعتبرها قائد الثورة الإسلامية سماحة آية الله السيد الخامنئي النواة الأصلية للمجتمع. تكمن المشكلة الأساسية للمجتمع الغربي اليوم في نمط تعاطي العقلية الحاكمة مع الأسرة التي لا تعتبرها نواة أساسية، وترى المرأة بمعزل عن الأسرة، عكس الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي تعتبر المرأة الركيزة الأساسية لاستقرار الأسرة. ويعتبر قائد الثورة الإسلامية ممارسة المرأة النشاط الاجتماعي خارج المنزل بعدا آخرا من أبعاد تجاربها الحياتية تماشيا مع تعاليم الدين الإسلامي الذي منح منذ أربعة عشر قرنا المرأة الحق في ممارسة مثل هذه الأنشطة، في حين لم يقر الغرب بحق المرأة في المشاركة السياسية إلا في أواخر القرن العشرين، وبدايات القرن الحادي والعشرين .

سعادة المستشار، كيف كان ينظر مفجر الثورة الإسلامية، الإمام الخميني، للمرأة؟

المستشار الثقافي: سعى الإمام الخميني باعتباره مفجر الثورة الإسلامية جاهدا لإحياء مكانة ومنزلة المرأة في المجتمع الإيراني التي لم تكن في ظل السياسات الثقافية لنظام الشاه البائد قبل إنتصار الثورة أكثر من سلعة وأداة ترويجية، ووسيلة لعرض أنوثتها وجاذبيتها الجسدية، ذلك أنه وبمجيئه وانتصار الثورة، تمكنت المرأة الإيرانية من كسر الحاجز الذي كانت سجينة فيه، واستعادت مكانتها وهيبتها ومنزلتها الرفيعة التي دعا الإمام الخميني إلى استعادتها حينما قال:- “إن هذه النهضة التي شهدتها المرأة في الدول الإسلامية وخصوصا إيران هي التي بدلت شخصية المرأة وحولتها من التجميل وعرض الأزياء والإغراءات الجسدية إلى القيم والمبادئ الإنسانية والأخلاقية”.

تؤمن الجمهورية الإسلامية الإيرانية بأن المرأة عنصر مهم من عناصر قوة المجتمع، لذا فهي تتمتع بضمانة راسخة في أنظمة وقوانين الجمهورية المنبثقة من أحكام الشريعة الإسلامية السمحة. وتحرص الدولة على تعزيز مكانتها في كافة المجالات واتخاذ كافة التدابير التي تكفل لها حماية كافة حقوقها. وتجدر الإشارة إلى أن الإمام الخميني بنى فكره على تعاليم الإسلام الحنيف بخصوص تعامله مع المرأة وتمكينه لها، مقتديا بالنبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، الذي نجح، بمعجزة وتسديد إلهيين، في قلب المجتمع الجاهلي المتحجر الذي هضم حق المرأة واحتقرها حتى وصل إلى الوأد المادي بعد وأد مكانتها معنوياً.  سار على نهجه الشريف خلفه الصالح، الإمام السيد علي الخامنئ، المرشد الأعلى الحالي للجمهورية الإسلامية الإيرانية، مثمنا جهود المرأة الإيرانية في إنجاح الثورة، وواعدا بتقديم الغالي والنفيس لها لمواصلة مشوارها المشرف.

سعادة المستشار، ماذا عن الدور الذي لعبته المرأة إبان الثورة الإسلامية وسنوات الدفاع المقدس؟

المستشار الثقافي: أثبتت المرأة الإيرانية قدرتها على الوقوف جنبًا إلى جنب مع الرجل؛ فقد شاركت في الثورة الإسلامية، ولاقت ترحيبا منقطع النظير من الرجال عكس ما حصل لهن إبان الثورة الدستورية في إيران، أين ظفر الإيرانيون ولأول مرة بحق المشاركة السياسية، لكن هذا الحق لم يشمل النساء.  إتسمت مشاركة المرأة الإيرانية فـي الثـورة الإسـلامية، وفي هيكل النظام السياسي الذي تمخضت عنـه بالريادة والكثافـة، حيث تفاعلت بشكل سريع مع التغييرات بسبب مظاهر الحرمان والاضطهاد التي كانت تكابدها في ظل الأنظمة السابقة.

عندما بدأت الثورة الإيرانية في 1977 م، قامت النساء بعمل مسيرات احتجاجية في مناطق عديدة، واخترن ارتداء الشادور كرمز للاحتجاج؛ بسبب منع رضا بهلوي ارتداءه، كما قررن المجاهرة بدعمهن لروح الله الخميني، وبالمقابل، رحب الإمام، بل وحث، النساء على المشاركة الكثيفة، فكانت رؤيته الرشيدة البيئة الخصبة لتفتح مواهب المرأة الإيرانية، حيث يقول:”إذا ما استيقظ أبناء الشعب، ونهضت النساء ضد السلطات الجائرة والمتجبرة، فلن تبقى عقبة تحول دون انتصار هذا الشعب بإذن الله”.

وبذلك، أدت النساء دوراً فاعلاً في الثورة الإسلامية، وأسديت لهن مهام متنوعة، لدرجة أن قادة الثورة اعتبروا النساء طلائع هذه الحركة. ويمكن رصد ذلك من خلال المشاركة الفعالة في المظاهرات، وتوزيع المناشير، وتعرضهن للتعذيب في السجون، وكذلك من خلال تشجيع أفراد العائلة كافة على المشاركة في الثورة. لقد كسرت المرأة الإيرانية، في ذلك المنعرج الحاسم من تاريخ إيران، كل القيود التي كبلتها لزمن طويل، وهبت إلى الساحات وكانت الساعد القوي للثورة.

ومن النساء الرائدات اللواتي وضعن بصمتهن المميزة إبان الثورة الإسلامية، السيدة مرضية حداد تشي دباغ التي يُلقبها الإيرانيون بإمرأة الثورة الحديدية، بإعتبارها رمزا لمقاومة المرأة، حيث شاركت في الثورة حاملة السلاح في أحياء طهران، ودربت النساء عسكريا. كما  حملت الأسلحة والصواريخ مع المجاهدين في مرتفعات كردستان القاسية، مضحية  بأولادها الثمانية في طهران والذين كانوا مضطهدين من قبل “السافاك”، حتى تقوم بمهمتها على أكمل وجه، إذ كُلفت بمرافقة الإمام الخميني إلى فرنسا وتولي أمنه الخاص، وهي المرأة التي دربت المجاهدين أيضا، وشاركت في المقاومة في جنوب لبنان. وكمثال آخر أذكر “ماري” الإيرانية، السيدة معصومة ابتكار، التي تصدرت صورتها الصحف الغربية خلال اندلاع الثورة في إيران، وجعلت الرئيس الأميركي، جيمي كارتر، يضبط إيقاع ساعته على لحظة ظهورها، فضلا عن العالم بأسره، حيث حبست أنفاس أميركا على مدى 444 يوماً. كانت السيدة معصومة المتحدثة الرسمية باسم الطلاب الإيرانيين الذين اقتحموا السفارة الأميركية في طهران، واقتادوا دبلوماسييها رهائن، بعدما رفضت إدارة الرئيس الأميركي جيمي كارتر تسليم الشاه محمد رضا بهلوي. خطفت الطالبة العشرينية الأضواء، فكانت الوجه الأنثوي الأبرز للثورة الإسلامية عام 1979م، والمصدر الوحيد لمعرفة مصير الرهائن، فإتقانها للغة الإنكليزية فتح لها نافذة أطلت من خلالها على العالم لتكرس عهداً جديداً للمرأة الإيرانية.

 

خلقت النساء الإيرانيات ملاحم عظيمة أيضا في مرحلة الدفاع المقدس ضد الغزو العراقي (1980-1988)، منتهجات نهج سلفهن أثناء الثورة الإسلامية، ولم تكن الأدوار المنوطة بهن سهلة، بل شكلت نماذج مشرفة يُحتذى بها في المجتمعات المعاصرة. فلعبت المرأة الإيرانية دورا كبيرا في دعم صفوف المجاهدين من خلال تعبئة الأولاد والدفع بهم إلى الصفوف الأولى لتحرير بلدهم والمشاركة في الأعمال الفدائية، وهذه أسمى أنواع التضحيات. كانت المرأة في تلك الحقبة المناضلة التي حملت السلاح جنبا إلى جنب مع قرينها الرجل، والممرضة والطبيبة والإدارية والمعلمة والمحافظة السياسية والفدائية والقائدة. أوكلت إلى بعضهن مهمة تحضير الأكل والتمريض والعناية بالجرحى والسهر على راحتهم، وغسل ثياب المجاهدين، والاعتناء بكبار السن، فدعمت بذلك المرأة الثورة بالنفس والنفيس.

يقول الامام الخامنئي ممتنّا: “زوجات المجاهدين والقادة وأمهاتهم هنّ آيات من الصبر والمقاومة. لقد تحملن المصاعب. أرسلن أبناءهن إلى الجبهات. استشهد الكثير منهم، وجرح البعض الآخر، وبقيت أمهاتهن وزوجاتهن الصابرات والمقاومات كالجبال الراسخة والشامخة”.

كما قدمت النساء الإيرانيات أموالهن ومجوهراتهن وممتلكاتهن الثمينة للمقاتلين، والشاهد على ذلك قول الإمام: “لقد أثبتت النساء في عصرنا أنهن تعدلن الرجال في الجهاد بل متقدمات عليهم … إن نساء إيران جاهدن جهاداً إنسانياً عظيماً، كما جاهدن جهاداً مالياً كبيراً .. كنّ سباقات في النهضة، وفي الإيثار بالمال أيضاً .. لقد آثرن المستضعفين بمجوهراتهن وحليّهن”.

وكمثال على الدور الجوهري للمرأة الإيرانية إبان الحرب المفروضة، نذكر معصومة آباد، التي كتبت كتابا يروي تجربتها إبان تلك الحقبة القاسية في تاريخ إيران المعاصر، موسوم ب: ” أنا على قيد الحياة” (بالفارسية: من زنده ام). وكمثال آخر، نذكر المؤلفة والباحثة والناشطة الاجتماعية والإنسانية معصومة رام هرمزي، التي خاضت غمار حرب الدفاع المقدس، وكرست حياتها لإنقاذ حياة الجنود الإيرانيين، وكُرمت بعد ذلك من قبل الجمهورية الإسلامية.

هذا يقودنا سعادة المستشار إلى الحديث عن الدور الذي لعبته المرأة مباشرة بعد إنتصار الثورة الإسلامية، هل لكم أن تحدثونا عن ذلك؟

المستشار الثقافي: شهدت أوضاع المرأة قفزة نوعية وغير مشهودة في هذه الحقبة، و الإحصائيات تثبت ذلك، إنطلاقا من حضورهن، عشية إنتصار الثورة الإسلامية، كالرجال إلى صناديق الاقتراع ومشاركتهن في الانتخابات الأولى لرسم معالم النظام السياسي الإيراني، فلم يقتصر دورهن على التظاهرات التي انطلقت لإسقاط نظام الشاه فحسب، بل أدّين دوراً مصيرياً محموداً في جميع مراحل المصادقة على نظام الجمهورية الإسلامية، ودعمه، وإرساء أركانه. حث الإمام الخميني النساء على التوجه بقوه إلى صناديق الإقتراع، وهذا إن دل على شيء إنما يدل على رغبته في تعزيز دور المرأة وإشراكها في أهم محاور قيام الدولة، وهو الدستور الذي يعتبر قانون البلاد الأول الذي تستلهم منه القوانين المنظمة لمؤسسات الدولة.

يقول الإمام الخميني، طاب ثراه، في هذا الصدد: “ينبغي لكم جميعاً الإدلاء بأصواتكم. أنتن أيضاً ينبغي عليكنّ المشاركة في الانتخابات، فلا فرق بينكن وبين الآخرين، بل أنتن مقدَّمات على الرجال”. “على المرأة أن تساهم في مقدّرات البلاد المصيرية، فكما كان لكنّ دور أساسي في السابق، فإنّكنّ مطالَبات الآن بالمساهمة في تحقيق هذا النصر وأن تنهضن وتنتفضن كلما تطلّب الأمر ذلك، فالبلاد بلادكن، ويجب عليكن بناؤها إن شاء الله.”

وإنطلاقا من موقف الإسلام من المرأة، والذي كرّمها ورفع من شأنها ومنحها ما لم تمنحها الديانات الأخرى أو الحضارات السابقة، بلور الإمام الخميني، طاب ثراه، فكره، معتبرا المرأة شريكة الرجل والحجر الأساس في بناء المجتمعات، داعيا إياها لتحتل مكانتها الرّائدة في الحياة، والإضطلاع بدورها الحقيقي في بناء المجتمع، حيث قال: «ندعو المرأة أن تحتل مكانتها السامية وتساهم في تحديد مصيرها».

سعادة المستشار، قبل أن نذهب في جولة سريعة على إحصائيات إنجازات المرأة الإيرانية، هل لكم أن تحدثونا عن آليات دعم المرأة، وأقصد هنا الأنظمة التشريعية والقوانين التي سّنت حماية لحقوق المرأة؟

المستشار الثقافي: تدرك إيران بأن الهجمة عليها ستزداد، غير أننا على يقين بأنّ كل المحاولات ستبوء بالفشل، ومحاولات التسلل من بوابة المرأة واتهام النظام الإيراني بقمعها ليست إلا تُرهات تُسقطها في مهدها الأرقام التي تُدلّل على حضور المرأة الكثيف والفاعل في كافة المجالات، فضلا عن الآليات التي تبنتها الدولة من أجل حماية حقوقها من الهضم، فالمرأة تتمتع بضمانة راسخة في أنظمة وقوانين الجمهورية المنبثقة من أحكام الشريعة الإسلامية السمحة، وأذكر هنا على سبيل المثال لا الحصر:

– المبادئ 20،21، 28 من الدستور، المواد 38، 75 إلى 78 من قانون العمل، المادة 67 من قانون الضمان الاجتماعي، المادتان 83 و90 من ميثاق حقوق المواطن وقانون تنظيم ودعم الوظائف المنزلية هي من بين أهم القوانين التي تحمي حقوق المرأة في مكان العمل.

– إقرار مواد محدّدة في الدستور لحماية حقوق المرأة ومنع ممارسة التمييز ضدها، بما في ذلك الفقرة 14 من المادة الثالثة من الدستور التي تؤكد على تأمين الحقوق الشاملة لجميع الأفراد (للرجل والمرأة)، وإيجاد الأمن القضائي العادل للجميع، وتحقيق المساواة العامة أمام القانون، إضافة إلى المادتين 20 و 21 اللتين تؤكدان المساواة بين الجميع أمام القانون وواجب الحكومة في ضمان حقوق المرأة في جميع الجوانب.

-إقرار قانون تخفيض ساعات عمل المرأة العاملة التي لديها ظروف خاصة، بما في ذلك النساء ذوات الإعاقة أو اللاتي لديهن طفل أو زوج مريض أو من ذوي الإحتياجات الخاصة، وكذلك النساء اللاتي لديهن أطفال دون سن 6 سنوات، كما يأتي في هذا السياق أن ربات الأسرة يمكنهن العمل ستًّا وثلاثين ساعة في الأسبوع ويتلقين راتبًا كاملاً على أساس أربع وأربعين ساعة في الأسبوع.

– موافقة مجلس الوزراء الحكومي عام 2021 م على الزيادة اللاحقة في إجازة الأمومة للنساء العاملات في القطاعين العام وغير الحكومي من 6 أشهر إلى 9 أشهر مع دفع الرواتب والمزايا، ولمساعدة الآباء على المشاركة بنشاط أكبر في رعاية الأطفال، حيث يحصل الآباء أيضًا على 14 يومًا من الإجازة عند ولادة طفلهم.

– إعداد مشروع قانون يجرّم جميع أشكال العنف ضد المرأة في جميع المجالات الأسرية والاجتماعية، تحت عنوان “الحفاظ على كرامة المرأة وحمايتها من العنف”، وهو قيد نظر مجلس النواب حاليًا.

– إقرار حزمة الدعم للمساعدة في تأمين سكن للنساء المعيلات اللواتي تحتجن المساعدة المالية (معتمدة من مجلس الحكومة عام 2021).

سعادة المستشار، خلق الإمام الخميني تواجدا مشرفا للمرأة الإيرانية المعاصرة، حيث دفع فهمن الواعي والعميق بالدور المنوط بهن إلى خوض معترك السياسة والمشاركة الواسعة في الحياة اليومية، ماذا عن مشاركة المرأة الإيرانية في المجال السياسي؟

المستشار الثقافي: كلامك صحيح، إذ عمل الإمام الخميني على إحقاق الحقوق الفرديّة والاجتماعية للنساء الإيرانيات، معيدا الهوية الحقيقية للمرأة، وموفرا لها البيئة الملائمة والثقافة التربويّة المناسبة لأجل تحقيق الشروط المناسبة لحضور النساءِ الفعّال في المجالات الإجتماعيّة والسياسيّة والثقافيّة‌، وقد كللت جهوده بالنجاح، إذ بفضل ذلك، إقتحمت المرأة الإيرانية شتى مجالات الحياة، وكان لها سهمها البارز في نمو وتطور البلد. فبفضل نجاح الثورة الإسلامية المباركة، أخذت المرأة الإيرانية تخطو خطى واثقة وتمكنت اليوم من إقتحام ميادين عدة كانت في السابق حكرا على الرجل، بحجة واهية تتمثل في عدم قدرة المرأة على الإبداع فيها، فنجحت في إبراز شخصيّتها السياسية والقيادية مع حفاظها على رصانتها ووقارها وحجابها الإسلامي، ورفعت صوتها عاليا في المحافل الدولية والفعاليات السياسية والاجتماعية والجهادية رغم التحديات والعوائق الخارجية التي تحاول قوى الاستكبار العالمي وضعها أمام طموحاتها.

يُشجع الإمامان المرأة على الخوض في الشؤون السياسية، سواء من خلال الإدلاء برأيها في القضايا السياسية كافة، وبصوتها في الانتخابات، أو أن تخوض المعترك السياسي كمرشحة لتولى المناصب الرفيعة التي لها طابع سياسي أو إداري لتكون شريكاً كاملاً في الحياة العامة للبلاد والأمة، حيث قال: “للنساء الحق في التدخل في السياسة وهذا هو تكليفهن… وفي الإدلاء بأصواتهن، والحصول على أصوات الآخرين… وليس هناك أي مانع من التحاقهن بالجامعات والإدارات والمجالس… يجب أن تتدخل المرأة في مقدرات البلاد الأساسية”. وأنوه هنا إلى أن قوانين الجمهورية تكفل هذه الحقوق، كالمادة 62 من الدستور الإيراني، والفصل الرابع من ميثاق حقوق ومهام المرأة، الذي صادق عليه المجلس الأعلى للثورة الثقافية عام 2004 م.

كانت الإنطلاقة المباركة لتمكين المرأة الإيرانية من المجال السياسي بحث الإمام النساء على المشاركة في التصويت على دستور البلاد. وقد شاركت النساء في صياغته، وكانت السيدة منیره غرجی‌فرد أول امرأة برلمانية تقوم بذلك، وقد تدرجت في المناصب، وإنضمت لعضوية المجموعة الثالثة وهي المجموعة التي كانت تناقش حقوق الشعب والرقابة العامة.

وعلى مستوى الحكومة، ومنذ تأسيس نظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية، إقترح قائد الثورة الإسلامية إبان رئاسته للجمهورية، إشراك المرأة في رئاسة المجلس الأعلى للثورة الثقافية عام 1987 م، الأمر الذي تطور فيما بعد وأصبح للمرأة مكانة برتبة مستشار رئيس الجمهورية.

وكأمثلة عن التمكين السياسي للمرأة الإيرانية، أخص بالذكر نشاط السيدة مرضية حداد تشي دباغ، المعروفة بإسم فدائية الإمام الخميني، والتي تحدثنا عنها قبل قليل، حيث أرسلها الإمام الخميني إلی الاتحاد السوفیتي عام 1988م، مصحوبة بثلاث من الرجال السياسيين، حاملة معها رسالة إلی غورباتشوف، تنبأ فيها الإمام بانهیار الإتحاد السوفیاتي وعجز المارکسیة عن توفیر إحتیاجات البشریة، داعيا إياه إلی التوحید. ومن جهته، لم يخف غورباتشوف إعجابه من وجودها في الوفد، وقال لها بعد عدة سنوات: “لو أني أدركت كلام الإمام عندما أرسل لي الرسالة كما الآن لكانت بلادنا تحولت إلى جنة “.

تقلدت السيدة دباغ مناصب حساسة في الدولة بفضل خبرتها الثورية، كما سبق ذكره،  فقد ترأست الحرس في منطقة همدان، وتولت مسؤولية التعبئة النسائية في كل إيران، كما وكانت لدورتين نائب في البرلمان، وتولت مسؤولية جمعية “نساء إيران”.

تعود أول مشاركة للمرأة في الكثير من الأجهزة الحكومية إلى فترة هاشمي رفسنجاني الرئاسية في نهاية الثمانينات، حيث تولت شهلا حبيبي منصب مستشارة رفسنجاني لشؤون المرأة، فيما شغلت فائزة هاشمي رفسنجاني منصب نائبة رئيس اللجنة الأولمبية الوطنية، لتتعاقب النساء على هذه المراتب إلى يومنا هذا. كما كان لافتا في حكومة السيد خاتمي تعيين مستشارة للرئيس، متمثلة في السيدة زهراء شجاعي، وتعيين كل وزير من الوزراء مستشارة لشؤون المرأة. عُينت، من جهتها، مرضية وحيد دسترجردى عام 2009 م وزيرة الصحة الإيرانية، ومرضية أفخم ناطقةً باسم وزارة الخارجية عام 2015م.

وفي مرسوم أصدره الرئيس الحالي إبراهيم رئيسي، تم تعيين السيدة انسية خزعلي مساعدة له في شؤون المرأة والأسرة، وهي تحمل شهادة الدكتوراه في اللغة العربية وآدابها. يضاف إلى ذلك تولي النساء مناصب حيوية متعددة ومتعاقبة، مثل منصب نائب رئيس الجمهورية في الشؤون القانونية، ونائب رئيس الجمهورية لشؤون العلوم والتكنولوجيا، ورئيسة مؤسسة الحفاظ على البيئة، ومنصب محافظ مدينة.

وكإحصائيات، حصلت المرأة على 111 مقعدًا في مجلس الشورى الإسلامي في 11 دورة. كما ارتفعت نسبة النساء العاملات في الحكومة من 34.64٪ عام 2009 م إلى 41.67٪ عام 2018م، مما يشير إلى الاتجاه التصاعدي لوجود المرأة في الوظائف الحكومية. تم أيضا إنشاء 14 حزبًا خاصًا من قبل النساء، وحصلن على تراخيص النشاط، في حين بلغ عدد النساء الأعضاء في الأحزاب والجماعات السياسية أكثر من 15000 عضو. بالإضافة إلى ذلك، ارتفعت نسبة تعيين المديرات في المحافظات في السنوات الثلاث الماضية بنسبة 89.8٪، حيث توجد اليوم 62 نائبة محافظ، و2393 مختارة. كمثال، شهدت مجالس البلديات والقرى في إيران في عام 2017م، حضور 6096 إمرأة. وفي ذات السنة، تم تعيين 90 إمرأة كمختارة لقرى في محافظة خراسان الشمالية، من بينهن نساء سنيات “كطاهرة  محمدي”، مختارة قرية جال تلبك في منطقة جركلان التركمانية.

ومن جهة أخرى، إرتفع عدد القاضيات في إيران إلى 1121 قاضية تعمل في الجهاز القضائي، مقارنة ب 33 قاضية قبل الثورة. وفي السلك الدبلوماسي، دخل عدد من النساء الإيرانيّات السلك الدبلوماسي كحميرا ريجي التي عُيّنت سفيرةً لإيران لدى سلطنة بروناي، وهناك حضور قوي لهن أيضا في المؤسسات الأمنية والقوات المسلحة.

سعادة المستشار، ماذا عن التمكين الإقتصادي؟

المستشار الثقافي: أقبلت المرأة، بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران، بوتيرة سريعة على سوق العمل تدفعها إلى ذلك بواعث مختلفة، كإسداء الخدمة للمجتمع الإسلامي. وقد كفل الدستور الإيراني حقوق المرأة في المجال الاقتصادي، وتوضح ذلك بعض البنود التي تمثل نموذجا وظيفيا خاصا بالمرأة، كالمادة 20، والبند 2 من المادة 43، وغيرهما من المواد.

إنخفض في السنوات الأخيرة معدل البطالة بين الأوساط النسائية في إيران بنسبة 14 بالمئة. تُوجد حاليا أكثر من 4000 سيدة أعمال ناشطات في الدولة، وتغطي النساء نسبة 20٪ من مراكز ريادة الأعمال. كما تم استحداث 2403 فرص عمل من قبل سيدات الأعمال، وأُنشئت 250 شركة مختصة بالتطور العلمي من قبل النساء (Knowledge-based companies)، في حين تتقلد 735 سيدة منصب مدير تنفيذي في الشركات القائمة على المعرفة، و2390 أخريات منصب عضوة مجلس الإدارة. وتم أيضا إنشاء مراكز دائمة لتأمين وبيع المنتجات التي تنتجها المرأة، ومركز نمو وتسريع الأعمال النسائية، وتنمية ريادة الأعمال النسائية وتشغيلها، ودعم خلق فرص العمل في مجال التعاونيات الريفية النسائية. وبذلك، تنتج النساء حالياً 40٪ من المنتجات الزراعية و80٪ من السجاد المنسوج يدوياً و75٪ من الحرف اليدوية.

أقرت إيران عدد كبير من المشاريع واللوائح التنفيذية الخاصة بالمرأة والأسرة والأطفال كلائحة إعفاء صاحب العمل من حصة التأمين على النساء المعيلات لأسرهن، كما سطرت الدولة برامج عديدة، ووضعت آليات خاصة بالنساء القرويات، حيث تضطلع هذه الشريحة بدورها في إنتاج المحاصيل الزراعية والصناعات اليدوية والخدمات، وكذلك في مسيرة التنمية القروية. لذلك، تم تأسيس تنظيمات خاصة بالنساء القرويات بهدف تحقيق نموهن الإقتصادي والإجتماعي والإرتقاء بمستوى العائد المالي، وإقرار العدالة الاجتماعية، وزيادة حجم المشاركة الاجتماعية للنساء. تعمل التنظيمات النسوية القروية بأشكال مختلفة رسمية وغير رسمية من الناحيتين الاقتصادية والاجتماعية. ومن أهم هذه التنظيمات: التعاونيات وصناديق الإعتمادات الفردية، ومجموعات الدعم الذاتي المحلي و شبکة المنتجات البيتية. ووفقا للإحصائيات الموجودة، تم تخصيص 1200 مليار ريال إيراني   من أجل تمكين النساء القرويات من إنشاء شركاتهن المصغرة، مع منحهن قروضا معتبرة، وأراض خصبة لإستغلالها.

سعادة المستشار، ماذا عن الجوانب التعليمية والعلمية والإجتماعية؟

المستشار الثقافي: تمكنت المرأة الإيرانية على الصعيد العلمي من تبوء مناصب مرموقة والوصول إلى مراتب أثارت من خلالها إعجاب الأوساط الإقليمية والدولية، من خلال مشاركتها في المجالات العلمية والعملية خاصة في العلوم الطبية والتكنولوجيا الحديثة، حيث فاق عدد النساء الإيرانيات المتخصصات في مجال العلوم الحديثة أي نسبة لمثيلاتها على الصعيدين الإقليمي والعالمي، فإحصائيات التعليم بمختلف مراحله الإبتدائية والإعدادية والثانوية وصولا إلى الدراسات الجامعية العليا يسجل ارتفاعا ملحوظا لمشاركة الإناث أمام الذكور. تؤكد الإحصائيات تشكيل الإناث أكثر من خمسة وسبعين بالمئة من الطلبة الجامعيين في مختلف المجالات العلمية، واللافت للنظر أنّ عدد النساء العاملات في حقل التربية والتعليم يشكل أعلى رقم مقارنة ببقية الوزارات الحكومية.

كما حصلت إيران على المرتبة الأولى عالمياً في “العدالة في التعليم” بين الفتيات والفتيان، بحسب تقرير المجمع العالمي للاقتصاد. والكلمة القاطعة في هذا المضمار مستقاة من نسب التفوق العلمي الجامعي وعدد الباحثات في مراكز الأبحاث.

كما تحسن معدل إجادة القراءة والكتابة لدى النساء من 37 في المائة في العام 1976 م إلى 87 في المائة في العام 2015م، واليوم تم القضاء على الأمية بنسبة 99.30 بالمائة. وتجدر الإشارة إلى أن معدل معرفة القراءة والكتابة لدى النساء الإيرانيات أعلى من المعدل العالمي. وقد تميزت العديد من النساء في العلوم المختلفة كآلينوش طريان ومريم ميرزاخاني التي فازت بميداليات ذهبية في أولمبياد الرياضيات العالمي لعامي 1994 و1995م. وفي عام 2014م، خولها عملها في الديناميكا بأن تكون أول امرأة تفوز بميدالية فيلدز، الجائزة الأكثر أهمية على مستوى العالم في مجال الرياضيات.

أما بخصوص دور المرأة الثقافي على الأصعدة المختلفة، نلاحظ سعة النشاطات والجهود النسوية في الميادين الثقافية المختلفة، فقد تمكنت المرأة الإيرانية من تأسيس، في عام 2004م، أول وكالة أنباء نسوية على مستوى الشرق الأوسط، تحمل إسم “ايونا” وتنشر باللغات الفارسية والعربية والانجليزية والفرنسية. تهتم هذه الوكالة بشؤون المرأة، وتمكنت من عقد العديد من المؤتمرات والملتقيات والندوات الدولية في مختلف المجالات العلمية والتقنية والمهنية داخل وخارج إيران، إضافة إلى فتح أكثر من عشرين مكتبا في مختلف أرجاء إيران الإسلامية لتقديم الاستشارات العلمية والاجتماعية والقانونية للنساء وذلك عبر مواقعها الالكترونية أو مكاتبها لتكسب المكانة الأولى لأكبر مؤسسة نسوية.

وتشير الأرقام الرسمية إلى نشر 30000 كاتبة إيرانية كتبا متنوعة هذه السنة مقارنة ب 11 كاتبة سنة 1979 م، فضلا عن وجود 1051 امرأة ناشرة بنسبة 40 بالمائة من المديرين المسؤولين عن المطبوعات، و90 مديرة للوسائط الإعلامية، و97 مديرة للمؤسسات الثقافية، وهناك عدد من مديرات البنوك والمؤسسات واللواتي يشغلن منصب حكام محليين، فضلاً عن وجود حوالي 300 أستاذة تقمن بالتدريس في الحوزات الدينية الإيرانية. وبالمطلق، تشغل المرأة الإيرانية نسبة 50-60% من موظفي البلاد.

وفي مجال البيئة، تولت النساء رئاسة “هيئة البيئة” في أربع فترات، وتم تخصيص ربع مناصب الإدارات البيئية للبلاد للنساء، وتشكلن نسبة 40٪ من نواب منظمة هيئة البيئة.

وعلى صعيد آخر، شهدت سنة 2018م، قيادة السيدة «فهيمة أحمدي دستجري»، مهندسة الطيران، لطائرة «إيرباص 320»، على الرغم من صعوبة هذا المجال، واكتسبت خبرة واسعة في تصليح وصيانة قطع الطائرات وهندسة الطيران والتدريب على الطيران. ومن أجل تسهيل دخول السيدات مجال الطيران الذي كان حكرا على الرجال، أسست فهيمة الجمعية النسوية للملاحة الجوية الإيرانية، بهدف رفع مستوى الوعي والمعرفة لدى العاملات في هذا المجال، والدفاع عن حقوقهن المهنية وفقا للمعايير المحددة. وفي عام 2018م، انضمت الطيارة “نشاط جهانداري” إلى سلك الطيارين الإيرانيين في مراسم خاصة بمطار مهرآباد بطهران وسط إحتفاء بهيج من طرف زملائها الرجال، لتكون ثاني إمراة إيرانية تدخل مجال قيادة الطائرات المدنية. وتتخصص جهانداري في قيادة طائرات بويينغ من طراز (MD) بعد أن کانت المرأة الإيرانية مساعدة طيار فقط. وفي الوقت الراهن، تم قبول 50 سيدة إيرانية، وهنّ الآن في مرحلة التدريب لتولي قيادة الطائرات الإيرانية، تحت إشراف فرزانة شرفبافي، المديرة التنفيذية للخطوط الجوية الإيرانية الوطنية التي ساعدت النساء في الوصول إلى تلك الرتبة، حيث تقول: “مِن حق النساء بإيران أن يكنَّ في مقصورة القيادة”. وفي سنة 2020م، نفذت شركة “ماهان” للطيران الإيرانية أول رحلة داخلية “طهران – بيرجند – طهران” قادها طاقم كامل من النساء.‬‬‬‬

ومن الناحية الإدارية، تم تعيين “بروانه سهرابي” مديراً لمطار مدينة آبادان التابعة لمحافظة خوزستان (جنوب غربی إيران)، وهي أول امرأة إيرانية تتولى مهام منصب مدير المطار. كما استلمت السيدة الإيرانية ‘فرزانة شرفيابي’، عام 2017م، دفة الإدارة لشركة ‘هما’ للملاحة الجوية بصفتها أكبر شركة طيران إيرانية. تعد السيدة شرفبافي أول إمراة إيرانية تحوز على شهادة الدكتوراه في مجال الجو – فضاء من جامعة ‘صنعتي شريف’ بطهران.

حقيقة، حجزت المرأة الإيرانية لنفسها مكانا في كل مجالات الحياة. ففي عام 2020م، أعلن نائب المدير العام لدائرة التراث الثقافي والسياحة والصناعات اليدوية بمدينة سيستان وبلوجستان (جنوب شرقي البلاد)، مجتبى ميرحسيني، عن انطلاق رحلة أول سيدة رحالة إيرانية حول العالم من “شهر سوخته” (المدينة المحترقة) الآثارية بهذه المحافظة، تحت شعار “المحبة والصداقة والسلام العالمي”، موضحا أن بوبه مهدوي هي أول سيدة رحالة على مستوى إيران والعالم الإسلامي، طافت العالم مسبقا بالدراجة، والآن بدأت رحلتها الثانية حول العالم سيرا على الأقدام.

سعادة المستشار، ماذا عن دعم المرأة في مجال الصحة والعلاج؟

المستشار الثقافي:  لقد إرتفع عدد الطبيبات المتخصصات من 597 سيدة إلى 30 ألف سيدة بحلول عام 2016م، وتشكل النساء اليوم نسبة 40٪ من الأطباء المتخصصين و30٪ من الأطباء غير المتخصصين. أما الطبيبات في “الطب العام”، فقد إرتفع عددهن من 3500 طبيبة سنة 1977 م إلى 60000 طبيبة سنة 2016م، في حين إرتفعت نسبة الولادة الآمنة إلى أكثر من 98٪ بحلول عام 2016.

سعادة المستشار، سجلت المرأة الإيرانية بعد إنتصار الثورة الإيرانية حضوراً لافتاً في ميادين الرياضة، عكس ما شهده هذا القطاع سابقا، ماذا عن الإحصائيات الأخيرة؟

المستشار الثقافي: أُوافقك الرأي، سجلت المرأة الإيرانية بعد إنتصار الثورة الإيرانية حضوراً لافتاً في ميدان الرياضة، عكس ما شهده القطاع سابقا، حيث كانت تُوأد المواهب بسبب انعدام الإمكانيات، ورفض المجتمع لذلك. أما اليوم، فقد سطع نجم الرياضيات الإيرانيات بفضل تشجيع الدولة لهن من خلال برامج الدعم. ومن أجل تعزيز هذا الوجود، تضاعف عدد الملاعب والأندية الخاصة بالنساء 30 مرة مقارنة بالنظام السابق، وهنا لا بد من الإشارة إلى أن عام 2019 م شهد أول حضور للمشجعات الإيرانيات على المدرجات للمشاركة في تشجيع منتخب بلادهن. وقد عُرف عن مرشد الجمهورية الإسلامية الإيرانية، السيّد علي خامنئي، المعروف بحرصه على مزاولة رياضة المشي وتسلّق الجبال، حثه النساء دوماً على ممارسة الرياضة لما لها من أهمية في المجتمع.

كما تتيح المدارس الإيرانية ممارسة الرياضة لطلابها، بما فيهم الفتيات، كما أن الفريق القومي الإيراني للسيدات يُمارس كرة القدم والتايكوندو والشطرنج وسباقات المضمار والميدان. ومن الناحية التنظيمية، تم إقرار تشكيل مجلس تضامن الرياضة النسوية باسم ( الإتحاد الإسلامي لرياضة النساء) وذلك في الاجتماع الثاني للهيئة التنفيذية للجنة الوطنية الاولمبية في عام 1990 م، بمبادرة من نائب رئیس اللجنة الوطنية الأولمبية في الجمهورية الإسلامية الإيرانية آنذاك، وموافقة رئيس اللجنة الدولية الأولمبية (IOC)، ورئيس المجلس الأولمبي الأسيوي (OCA)، ورعاية رئيس الجمهوریة الإسلامیة الإیرانية والإتحاد الإسلامي لرياضة النساء.

باتت الرياضيات الإيرانيات تُمارسن أكثر من 38 رياضة، وحصلن على شهرة عالمية مثل: بطلة التنس السيدة ارغوان رضائی، والسيدة ياسمین سعادت، وتعتبر أول امرأة شاركت بالحجاب الإسلامي في المباريات الدولية لكرة المنضدة، والسيدة لالة صديق بطلة سباق السيارات للرجال والنساء في إيران. ومن الإنجازات الرائدة في هذا القطاع، أذكر افتتاح إذاعة الرياضة النسائية كتطور جديد في مجال الرياضة النسائية والإعلام الوطني، فضلا عن زيادة عدد الاتحادات الرياضية النسائية من إتحاد واحد عام 1979 م إلى 49 اتحادا عام 2018م، وخلق المئات من التخصصات الرياضية للسيدات على مستوى البلد. كما يوجد35 ألف مدربة رياضة على مستوى الوطن.

أّنوه في هذا المقام إلى الحضور اللآفت للمرأة الإيرانية كحكم في مختلف الفعاليات الرياضية الوطنية والدولية. وحصولها على مختلف الميداليات، حيث تقلدت الإيرانيات حوالي 3302 ميدالية في الفعاليات العالمية الأخيرة، منها أكثر من 800 خلال فترة الحكومة الحالية.

لقد أثبتت المرأة الإيرانية قدرتها على تحقيق مكانة خاصة لها في هذا المجال. ولعل الحضور البطولي لها على الصعيد الدولي أهم رسالة وإشارة وجهتها إلى العالم. واليوم، فإن الأبواب مفتوحة لها، ولطالما أثبتت جدارتها بحصد الألقاب والميداليات الذهبية بالرغم من العراقيل الكبيرة التي توضع أمامها بسبب التزامها بالحجاب الإسلامي.

سعادة المستشار، قال المرشد الأعلى للثورة الإيرانية، الإمام الخميني، طاب ثراه: “نحن لسنا ضد السينما، ولكننا ضد الفساد”. ليس غريبا على قائد بلد يملك إرثا ثقافيا وإنسانيا متراكما معجونا بالفكر والفن كـ”ايران” أن يدلي بتصريح كهذا، هل لكم أن تحدثونا عن إبداع المرأة الفنانة والأديبة والموسيقية؟

المستشار الثقافي: قفزت المرأة الإيرانية المبدعة من الجُب إلى حدائق الفن الساحرة، حيث هيأت الثورة الإسلامية الأرضية الصلبة، وآفاق رحبة للمرأة الإيرانية في عالم الفن والسينما، وزودتها بالحرية والثقة في النفس حتى تشق طريقا مشرفا لها، وتحجز موقعاً متميزاً ضمن الموجة الطليعية العالمية. ولم يقتصر الدعم على الجانب المعنوي فحسب، بل خُلقت الآليات اللآزمة لذلك، وأُنشأت المؤسسات وخصصت الدعم المادي الرسمي الذي لا مثيل له في جميع أرجاء المنطقة. ونتيجة لذلك، طرأ تحول جذري على صناعة السينما الإيرانية، خاصة مع إنشاء مؤسسة الفارابي السينمائية في عام1981م، وتقليل الضريبة على صناعة الأفلام، وتقديم الدعم المادي لتشجيع الإنتاج، فظهرت أنماط  متنوعة من الأفلام السينمائية الإيرانية تحاكي عمق المجتمع، بهدف ربط الجمهور السينمائي ببنيات البيئة الاجتماعية التي يعيشون فيها، فكانت نتاجاتها ثمرة التفاعل مع حالات ووقائع المجتمع في إطار الصورة والفكر والإحساس، مما جعلها تتربع على عرس السينما العالمية وتحصد لقب ”سينما الإنسان”. كما صُورت أفلام دينية وتاريخية، وأخرى ذات نفحات فلسفية وروحية أخفق في تصويرها الغرب، غاصت في أعماق الروح البشرية والنظـر الفكـري والفلسفـي بأسلوب بسيط ولغة رمزية عميقة، توخت من خلال ذلك إعادة بناء الفن السابع بصورة رسالية، وبذلك تحققت نبوءة المخرج الألماني “فيرنر هرتسوغ” الذي قال قبل أكثر من عقدين من الزمن: “إن أعظم أفلام العالم اليوم تنتج في إيران”.

حمل قطار الثورة الإسلامية المرأة الإيرانية إلى عالم السينما المرموقة، التي تتميز عن سواها، وتستقطب المشاهد بسحرها وتستحوذ على مخيلته وتطير به إلى عالمها الغني بإبداعات التصوير والإخراج والموسيقى، وتصنع عطرها الأبدي الخالد في أدق التفاصيل الذي يحمل كل الجمال والمتعة والتألق الإنساني، فاكتسحت السيدة الإيرانية المتميزة بسحرها ورقتها كل الفروع من تمثيل وإنتاج وإخراج سينمائي، وتمكنت من استعادة مكانتها ومنزلتها التي فقدتها على عصر الشاه، وصنعت من نفسها إنسانا كاملا، فارضة على العالم أن ينظر إليها بإعجاب وتقدير واحترام في هذا المجال الذي تكثر فيه المغالطات، موصدة باب الاستغلال التجاري للمرأة في السينما على عكس ما كان عليه الحال إبان الحقبة البهلوية، والتي كانت تغلب على أفلامها مظاهر الحياة الماجنة، حيث اقتصرت أدوار المرأة آنذاك على الغناء والرقص، وفي أفضل الحالات، كانت تُصور كفريسة وضحية للخلق السيئ للرجل.

وحتى مع ظهور حقبة الموجة الثالثة للسينما الإيرانية أو سينما النخبة المثقفة، لم يُلمس أثر للنساء المؤثرات في المجتمع أو أدوار بارزة لهن. بعبارة أخرى، ظل دور المرأة في تلك الأفلام مجرد كمبارس لا أكثر. كما لم تترك المرأة الإيرانية أية بصمة تذكر في عالم الإخراج،  حيث لم يظهر على عهد الشاه إلا مخرجتان: شاهلا رياحي في فيلم قصير (مرجان)، وفاروخ فاروق في فيلم (البيت مظلم)، فجاءت الثورة، وغيرت الصورة بشكل ملفت، مضيفة  الجانب التربوي والبناء للسينما الإيرانية التي غلب عليها سابقا الطابع الترفيهي، مهيئة الجو للمرأة  لشق طريقها الفني والسينمائي والإخراجي بنجاح، ففتحت فصلا مشرقا لها.

عرضت سينما ما بعد الثورة نموذجا متكاملا أبهر العالم بأكمله، حيث فجرت كل ما للمجتمع الإيراني من طاقات ومواهب فنية غيبت لسنوات، فبرزت على السطح ممثلات إيرانيات ذات تكوين علمي عال، وظهرت المخرجات الإيرانيات بقوة، وأثبتن حضورهن المتميز والفاعل على الساحة العالمية، فقدمن صورة مشرفة عن بلدهن، وحصدن عديد الجوائز في المهرجانات السينمائية الدولية، وأُستضفن في مختلف البلدان، وحللن كضيفات على معظم أكاديميات الفن في مختلف أقطار المعمورة.

إنطلاقا من وعي و إدراك القيادة الرشيدة في إيران  بدور الفن ومهمته في بناء المجتمع، مكّن الدعم السخي للحكومة الإيرانية المبدعات الإيرانيات من طرح أفلام ومسلسلات راقية،  تناولت كل مشاكل المرأة ومكانتها في المجتمع، فأخذت المرأة دور البطولة وأبدعت فيه بجرأة وعزيمة لا تعرفان المداهنة. واليوم تشكل نسبة المخرجات الإيرانيات 25 في المائة من مجموع المخرجين الإيرانيين في الوقت الذي لا تبلغ فيه إلا 6 بالمائة في الولايات المتحدة، والقلة القليلة التي تحسب على أصابع اليد في أوروبا بأكملها. أما كاتبات السيناريو الإيرانيات، فلا يقلن أهمية، فلطالما أبهرن الجمهور بسيناريوهات تحمل عمقا مدهشا ولغة ثرية متنوعة، ومكتوبة بنكهة الإبداعات القصصية الراسخة في الثقافة الإيرانية الشعبية وتشم من خلالها رائحة حافظ الشيرازي وعمر الخيام وجلال الدين الرومي. ونظرا لطبيعتهن التأملية والفلسفية وقيمة مادتهن الجمالية ولغتهن التعبيرية، يُصبح السيناريو واحدا من أهم خصوصيات وميزات السينما الإيرانية. فالطابع الشرقي المحلي حاضر، والهوية الثقافية مستمدة من الواقع الاجتماعي، وقمة التمثيل تدهش المشاهد، ومهارة الكاميرا وتحكمها في المشاهد ودقة اختيار مواضيعها والتركيز على الحس الجمالي في أرقى مستجداته تجعلك تحس أنك أمام السجاد الإيراني المفعم بروعة الفن وجمال النقوش والألوان التي تعبر بدورها عن شاعرية الإنسان الإيراني ودفئه العاطفي وحبه للفن.

ركزت المرأة في السينما الإيرانية على أدوارها الأسرية والمجتمعية، فوثّقت بأدائها المميز و الراقي مشاغل مجتمعها وهمومه، واهتمت بالمواطن الإيراني وآلامه وهواجسه، متخلية على الإكسسوارات الفجة، فجادت العقود الأخيرة علينا بأفضل الإنتاجات النسائية  ذات التقنيات العالية التي فجرت مكامن الإبداع فيها، بعيداً عن الابتذال والضجيج والعنف الغير واقعي والنماذج البطولية المزيفة، حيث تزخر السينما الإيرانية بمئات الممثلات والفنانات الإيرانيات. واليوم، يبلغ عدد الحاصلات على الجوائز في المهرجانات الفنية الدولية 128 سيدة، كما فازت الفنانات الإيرانيات بـ 114 جائزة وطنية، و128 جائزة دولية من مهرجانات مهمة لصانعات الأفلام. وشاركت صانعات الأفلام والممثلات في 45 مهرجانًا دوليًا بعنوان رئيسات لجنة التحكيم.

وفي الأدب، تحفل الساحة الأدبية في إيران بأسماء لامعة لأديبات برعن في هذا المجال بشقيه النثرى والشعري. كانت الأديبة أو الشاعرة الإيرانية قبيل إنتصار الثورة الإسلامية تلجأ إلى استخدام أسماء مستعارة بسبب نظرة المجتمع السائدة تجاهها، فخشيت الإفصاح عن هويتها، واكتفت بالكتابة بالتخفي. ومع تكلل الثورة الإسلامية في إيران بالنجاح، إكتسحت المرأة هذا المجال، وأطلقت العنان لإبداعها، فظهرت أديبات كان لهنّ الحضور الفعال، وحققت أعمالهن رواجا كبيرا، وخولهن الدعم المستمر من الدولة أن تكن أكثر جرأة من ذي قبل في التعبير عما يختلجهن من مكنونات.

وللمرأة في المجال الموسيقي نصيب أيضا، فقد شغلت المرأة الإيرانية منذ قديم الزمان مكانا بارزاً في تاريخ موسيقى هذا البلد، والشاهد على ذلك رسومات المنمنمات الإيرانية التي تعود للحقبات البعيدة، والتي تصور المرأة الإيرانية وهي تمسك بقيثارتها أو بقانونها، فتعزف وتُغني في بلد يعد الفن جزءا لا يتجزأ منه. ومع تغير الأوضاع والظروف بمرور الزمان، انحصر دور المرأة الموسيقي، وتقيّدت بعدد من المحددات التي تحولت إلى فرصة لخلق تجربة إبداع نسائية جديدة بالنسبة إلى البعض.

سُمح للمرأة الإيرانية بعد الثورة الدخول لعالم الموسيقى أيضا مع الإلتزام بالضوابط الأخلاقية،  وفرقة “نايريكا” أبلغ مثال على ذلك. تأسست هذه الفرقة الموسيقية في عام  2008 م، وجميع أعضائها من العنصر النسوي. تضم هذه الفرقة ما يزيد عن ثلاثين عازفة ومغنية من مختلف الأعمار، احترفن استخدام الآلات الموسيقية الإيرانية التقليدية، الوترية منها والإيقاعية، من قبيل الدف وتنبك وسنتور وتار وسه تار، واستطعن خلال السنوات الماضية أن يخلقن آثارا فنية خاصة بهن، نالت رضا الجمهور واستحسان المعنيين.

حضرت “نايريكا” في مهرجانات موسيقية وفنية عديدة، وحصلت عازفاتها ومغنياتها على المرتبة الأولى في مهرجان “أواي مهر”، ونشطن حفلات عديدة في أغلب الإذاعات الإيرانية، وأوكلت لهن مهمة عزف الموسيقى التصويرية لعدد من المسلسلات الإيرانية، وهو ما جعل موسيقاهن محببة للنخبة في عالم الفن، وللعامة على حد سواء. وفي عام 2018م، أثناء حفل للأواكسترا الإيرانية الوطنية بقاعة “وحدت”، التي تعد من كبرى القاعات الموسيقية بالعاصمة الإيرانية طهران، ظهرت نزهت أميري وهي تمسك بعصا القيادة، لتصبح أول امرأة في تاريخ الجمهورية الإسلامية الإيرانية تقود الأوركسترا الوطنية.

كما تبدع النساء الإيرانيات في مختلف المجالات الفنية والإبداعية والفنون التشكيلية، كحياكة السجاد التي تعد من الفنون الأصيلة والمتجذرة في إيران، ولدى بعض القوميات كالتركمان، حيث تجلس الفتاة التركمانية منذ صغرها إلى جانب أمها تراقب ما تصنع يداها الكادحتان في حياكة السجاد، حتى تأتي بتحفة فنية تتميز بها إيران ثقافيا وفنيا، وخصصت الدولة مؤسسات خاصة تعنى بتدريب النساء على فنون نسج السجاد.

تبدع المرأة الإيرانية في مجالات الجمال والأزياء أيضاء، وتشارك إبداعاتها عالميا عن طريق تنظيم معارض للأزياء الإيرانية، كمعرض الأزياء الإيرانية- الإسلامية الذي نظم في العاصمة الفلبينية ‘مانيلا’ عام 2017م، وشهد إقبالا واسعا من محبي الحضارة والإبداع الإيرانيين.

سعادة المستشار، الملاحظ بعد هذه الجولة السريعة إقتحام المرأة الإيرانية لكل نواحي الحياة، وإبداعها في كل مجال خاضت غماره بفضل التمكين المستمر  عكس ما هو  مشاع،  فكيف هي نظرة الرجل إليها؟

المستشار الثقافي: صحيح، كما سبق وأن ذكرت، تحظى السيدة الإيرانية بإحترام كبير من الرجل، فبعد إنتصار الثورة، صُب الإهتمام على المكانة الإنسانية للمرأة على العكس مما يريده الغرب للمرأة، فالمرأة جزء هام من المجتمع، ولها دور حاسم في تطور المجتمعات الإنسانية أو تخلفها. وقد سعى الاستعمار إلى استغلال المرأة، مرة للفساد، وتارة لاستعبادها كيد عاملة رخيصة، والغريب في الأمر أن كافة المستعمرين المستغلين للمرأة كانوا يرفعون شعار تحرير المرأة والدفاع عن حقوقها عبر جرّها إلى الفجور. تُعد المجتمعات الغربية المتشدقة بحقوق المرأة مثال واضح على إستغلال المرأة، والدليل على ذلك إرتفاع نسبة الانتحار بين النساء في المجتمعات الغربية قياسا مع الرجال، فبين عامي 2000 و2016م ارتفعت نسبة الانتحار بين الرجال إلى 21 بالمئة، فيما ارتفعت بين النساء ل50 بالمئة، وهذا إن دل على شيء، فإنما يدل على العداء للمرأة وليس الدفاع عنها.

إنّ أزمة العائلة تعصف بأوروبا الغربية، ففي فرنسا، تعتبر 49 بالمئة من النساء معيلات لعوائلهن، وفي لوكسمبورغ 59 بالمئة من النساء معيلات، وفي أميركا، بلغت النسبة 47 بالمئة من النساء، 30 بالمئة منهن هن فوق الـ 60 عاما من العمر. كما تفيد التقارير الرسمية أن في هذه المجتمعات تتعرض واحدة من كل 5 طالبات جامعيات إلى اعتداء جنسي طوال الدراسة الجامعية، وأن أكثر من 90 بالمئة من الضحايا يكتمن ما تعرضن إليه، وقد تحول العنف الجنسي إلى معضلة اجتماعية في الغرب، حيث تفيد الإحصائيات الرسمية بأن فتاة واحدة من بين 4 فتيات وفتى واحد من بين 6 فتيان يتعرضون قبل بلوغ الـ 18 عاما من العمر إلى استغلال جنسي. بعد كل هذا، لازلنا نرى الغرب يتشدق بالحريات المزيفة، وبلدانه غارقة في الفساد الإنساني، فليحم بناته، ومن ثم يحق له تقديم الدروس.

سعادة المستشار، لكن، ألا ترون أن هناك بعض الآراء الغربية تنصف المرأة الإيرانية وتدافع عنها أحيانا؟

المستشار الثقافي: حقيقة هناك كتاب غربيون ردوا عن الإتهامات المغرضة التي تعتبر المرأة الإيرانية مسلوبة الحرية ومنتهكة الحقوق، وأوضحوا بالدليل عكس تلك المزاعم وهم كثر، يكفي بأن أختصر الحديث عن وضع المرأة الإيرانية اليوم بما جاء في صحيفة “سالزيورغر” النمساوية في أواخر العام 2000م، حيث قالت: “إعتبر الغرب لعشرين عاماً الحجاب علامة ضغط على المرأة الإيرانية، غير أن هذا الكلام غير صحيح لأن المرأة الإيرانية تتمتع بحقوقها كاملة”. وأضافت الصحيفة: “تحظى المرأة الإيرانية مقارنة بباقي النساء في الدول الإسلامية بالمزيد من الحريات، فبإمكان المرأة الإيرانية العمل في الجهاز الإداريّ أو نائبة في مجلس الشورى الإسلامي”. وأردفت الصحيفة:” بات الآباء يسمحون لبناتهم وزوجاتهم بالمشاركة في العمل العام بفضل قوانين الجمهورية المستقاة من الشريعة الإسلامية”.

كما قال الصحفي السويسري ‘أحمد هوبر’: “…أنا أشهد على عملية تفعيل نشاط المرأة في إيران، والتي تعدّ ظاهرة فريدة في العالم الإسلامي، حيث أضحت المرأة المسلمة في إيران في المقدمة، وفي القمة مقارنة بجميع نساء العالم الإسلامي”. وأضاف قائلا:” إنّ النساء في العالم يعلمن جيّدًا أنّ الأنموذج الغربيّ للنساء قد فشل، وكذلك الأمر بالنسبة للحركة النسوية التي دمّرت الأواصر الزوجيّة بين الرجل والمرأة، وبين الأطفال وذويهم”.

ومن جهتها، إعتبرت مساعدة المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة ‘كيت غيلمور ‘، في رد على الشائعات المغرضة التي يروج لها الأعداء فيما يتعلق بقضايا المرأة والأقليات الدينية في إيران، أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية هي إحدى رواد حقوق الإنسان في الشرق الأوسط، وقالت أنه لمن دواعي الفخر ـأن نرى السيدات الإيرانيات يؤدين دوراً رائداً في مختلف المجالات، مضيفة أنه بعد إنتصار الثورة الإسلامية، أصبحت للمرأة مشاركة مؤثرة في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والعلمية والاجتماعية، وأن مجلس الشورى الإسلامي سنّ الكثير من القوانين التي تدافع عن حقوق النساء.

وفي عام 2017م، شددت ممثلة مركز المعلومات التابع للأمم المتحدة ‘ماريا دوتسنكو’ على دور المرأة في إيران، وقالت أن المرأة الإيرانية تنشط في العديد من المجالات وهذا ما يبعث على السعادة والسرور. كما أشادت، في عام 2018م، مدیرة الشؤون الثقافیة والتخطیط فی مهرجان برشلونة الإسبانی للأفلام الوثائقیة السیدة ‘النا سوبیرا اروكا’، بدور المرأة الإيرانية ونشاطاتها المجتمعیة الواسعة في الجمهوریة، قائلة: “برأیی هناك وسائل إعلام تقوم بتغطیة الأمور وتقدیم المعلومات وفق رغباتها ومصالحها”؛ وأردفت “أن ما تزعمه معظم وسائل الإعلام الغربیة حول القیود المفروضة على النساء لم أشاهده في المجتمع الإیراني”.

سعادة المستشار، ماذا تقول في الأخير عن إستغلال الغرب ومنابره لقضية وفاة مهسا أميني للتشويش على الجمهورية الإسلامية الإيرانية

المستشار الثقافي: بتنا نفهم أن الملف الحقوقي الدولي المزعوم مسيّس ومتعفن، تعول عليه دول الإستكبار العالمي الملطخة بالدماء وفقا لأجنداتها السياسية، حيث تتحين الفرص لتعقب أي حادثة معزولة في دولة تأبى الخنوع لأوامرها لضخ مزيد من الفوضى والدمار، فنجدها تدافع عن الديمقراطية وحرية التعبير في معاركها مع أعدائها، وتصمت بوقاحة عن تجاوزات حلفائها. ومنه، وفي ضوء نفاقها والكيل بمكيالين والتطبيق الانتقائي لحقوق الإنسان، نجد أن مزاعم هذه الدول بدعم النساء الإيرانيات خادعة وتفتقر إلى حسن النية.

ستفشل هذه المحاولة كسابقاتها في خطب ود النخبة الإيرانية بكل أجنحتها وتيارتها، والغالبية الساحقة من الشعب الإيراني الذي لن يتخلى عن النظام الإسلامي القوي والمقتدر رغم كل الضغوطات، والذي على العكس شرّف المرأة أيما تشريف، وكلنا شاهدنا الخروج الملاييني الإيراني دعما للنظام الإيراني الذي يحمل مشروع أمة، مشروعا تنمويا وحضاريا. ومن جهتهم، تولى المسؤولون الإيرانيون تأديب الجماعات الإرهابية بطير أبابيل، والتأديب جاري.. وهذه الغمامة جعلت إيران أكثر قوة…

سعادة المستشار، كلمة أخيرة

المستشار الثقافي: في الختام وكما سبق ذكره، تختلف نظرة الإمام عن الكثيرين فيما يخص شؤون المرأة، الذين يرون حرجاً أو استحياءً في دعوتها إلى مشاركة الرجل في كافة الميادين، خاصة المجالات الفنية والأدبية، إلا أن الإمام قالها وبدّد تلك الغشاوةَ التي أساءت فهم الإسلام: “إنه من وجود المرأة، يبلغُ الرجلُ معراجَه”. وقد حصدت الجمهورية الإسلامية ثمارَ هذه العبارة وهذه الفلسفة التي فيها من العدل والتسامح ما يدعو للتأمل ونفض الغبار عن المعتقدات البالية، فلطالما حثّت الجمهورية المرأة على تبوّء أهم المناصب للدفع بعجلة التقدّم والتنمية في البلد.

واليوم، تواصل المرأة الإيرانية تقدمها بخطى واثقة وثابتة لتثبيت مكانتها المرموقة، لإيمانها بأنها الوجه الحضاري لبلدها وشريك أساسي في مواجهة الحرب التي تشن على أمتها، مما جعلها أكثر إصراراً على الدفع نحو تطوير قدراتها، وإذا ما أجرينا مقارنة بين واقع المرأة الإيرانية ومثيلاتها في الدول المجاورة، فإننا سنجدها حتماً تتفوق عليهن في جوانب كثيرة، وتسبقهن بأشواط في مجال الحقوق والمكانة التي وصلت إليها، حيث توسع نطاق مشاركتها على كافة الأصعدة، وحجزت مكانا لها في المجالات التعليمية والسياسية والاجتماعية، وصلت إلى سدة البرلمان، ومنصب رئيس جامعة، ومستشارة الرئيس…إلخ، وهذا الوضع لم يكن قبل الثورة، أين تأرجح مصيرها بين التغييب المطلق أو الحضور الضعيف في المجتمع.

بقلم: هناء سعاد

Exit mobile version