كييف أمام تحدي استخدام المعدات العسكرية الحديثة التي وعد بها الغربيون.. معضلة لم تعد قائمة بعد “سقوط المحرمات”
فجر اليوم //
يضع الوصول المرتقب لمدرعات خفيفة غربية الصنع أو حتى دبابات ألمانية ثقيلة ليوبارد 2 إلى ساحة الحرب في أوكرانيا، كييف أمام تحدي تدريب قواتها على استخدام وصيانة مجموعة متنوعة من المعدات العسكرية، بعضها معقد للغاية.
منذ بداية الغزو الروسي قبل عام تقريبا، قام حلفاء كييف الأوروبيون بتسليم ما يقارب 300 دبابة سوفياتية تم تحديثها، لكنهم لم يسلموها حتى الآن دبابات ثقيلة من صنع غربي، رغم طلبات اوكرانيا المتكررة.
يقول الكابتن الأوكراني فولوديمير تشايكوفسكي المتمركز في محيط باخموت (شرق) حيث تدور معارك دامية ضد الروس، لفرانس برس “للدبابات الحديثة المتوافقة مع معايير الناتو مثل ليوبارد وتشالنجر وأبرامز نظام دقيق يسمح بالتصويب على هدف مباشرةً وتدميره بضربة واحدة. إنها منفعة كبرى”.
يبدو أن المحرمات التي كانت قائمة منذ بداية الحرب لم تعد تشكل عائقا: الأربعاء قالت بولندا إنها مستعدة لتسليم 14 دبابة ثقيلة من طراز ليوبارد 2.
يعتبر هذا النموذج الألماني من الدبابات الهجومية، الذي يُعد من الأفضل اداء في العالم، رائجا في أوروبا مما يضمن تأمين قطع الغيار والذخيرة.
لكن برلين كانت مترددة حتى الآن في تسليمها لكييف، خوفًا من تصعيد مع موسكو.
وأشارت فنلندا الجمعة إلى أنها لا تعارض ذلك بعد نقاش بين الدول الأوروبية التي تملك مثل هذه الدبابات. وقالت تاريا ياكولا المسؤولة في وزارة الدفاع “لا يتطلب الأمر تسليم المعدات نفسها فحسب، بل أيضا التدريب على استخدامها وتأمين الخبرات للقيام بالصيانة في أوكرانيا”.
لا يستبعد البريطانيون من جانبهم إمداد أوكرانيا بدبابات تشالنجر 2.
– “معضلة لوجستية” –
الأسبوع الماضي، مهدت فرنسا وألمانيا والولايات المتحدة الطريق من خلال قطع وعود بإرسال مدرعات مشاة أو استطلاع – 40 ماردر ألمانية و50 برادلي أميركية وأه أم أكس 10 ار سي فرنسية.
وذكر مصدر فرنسي مطلع على الملف، ان باريس قد تبيع ما مجموعه أربعون من هذه المعدات المتحركة.
لكن مصدرا عسكريا اميركيا اوضح ان “تسليم كل هذه المعدات شيء واستخدامها شيء آخر”.
منذ بداية الحرب، أثبت الأوكرانيون قدرة مميزة على التأقلم مع الكم الكبير من المعدات العسكرية المرسلة إليهم. وبشأن الدبابات الثقيلة، فإن الجيش الأوكراني لم يبدأ من الصفر: قبل 24 شباط/فبراير كان لديه أسطول يضم نحو 900 دبابة سوفياتية الصنع.
وحذر ضابط في سلاح الفرسان الفرنسي من أن “الدبابات السوفياتية بسيطة للغاية وهي مزودة بأجهزة إلكترونية محدودة. نظرا إلى تنوع الدبابات والمدرعات الغربية الموعودة، فقد يشكل ذلك معضلة لوجستية بالنسبة لهم”. وأضاف “النماذج مختلفة تماما ولكل منها أنظمة أسلحته ومحامله ومحركاته …”.
تطلق ليوبارد 2 مثل لوكليرك الفرنسية وأبرامز الأميركية قذائف من عيار 120 ملم. من ناحية أخرى، تم تجهيز دبابة تشالنجر 2 البريطانية بمدفع من عيار 120 ملم يتطلب ذخيرة محددة. أما بالنسبة لأه ام اكس 10 ار سي الفرنسية، المركبة على عجلات وليس على مسارات، فتعد صيانتها أقل تعقيدا لكنها تستخدم ذخيرة من عيار 105 ملم.
– صيانة معقدة –
ومع ذلك، فإن كثافة المعارك تجعل من الضروري صيانة المعدات التي تخضع لاختبار شديد، خصوصا بالنسبة للمعدات التي تستخدم على خطوط الجبهة.
لكن “أوكرانيا في حالة تعبئة عامة، ولديها يد عاملة وافرة. ولديهم البنى التحتية والأجهزة الداخلية لاستيعاب كل هذه المعدات المختلفة” كما يقول ليو بيريا-بينييه خبير الأسلحة في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية.
ان كان يتم إصلاح الأضرار الطفيفة بشكل تقليدي بواسطة ميكانيكيين منتشرين قرب خط الجبهة، فان عمليات الصيانة الثقيلة تجرى بعيدا عنه.
لمساعدة الأوكرانيين في هذا المجال، بذل الحلفاء جهودا “للصيانة أثناء التشغيل” وهو مصطلح يطلق على الصيانة في المصطلحات العسكرية.
على سبيل المثال، فتحت المجموعة الفرنسية الألمانية كاي ان دي اس – التي تضم الألمانية كاي ام دبليو والفرنسية نيكستر – في تشرين الثاني/نوفمبر مركز صيانة في سلوفاكيا لإصلاح المعدات الأرضية الفرنسية والألمانية المستخدمة في أوكرانيا – مدافع سيزار وبي زد اتش 2000 ومدرعات غيبارد المضادة للطائرات أو قاذفات الصواريخ المتعددة مارس 2.
ومع ذلك، من الأهمية بمكان أن يرسل الغربيون دبابات ومدرعات بكميات كبيرة وليس بأعداد محدودة، والا سيترتب عن ذلك نتائج عكسية، بحسب ليو بيريا بينييه.
وتابع ان “الدبابة القتالية هي أكثر المركبات العسكرية تعقيدا من حيث الصيانة على الأرض”.
وحذر الباحث من أن “إرسال بريطانيا 10 دبابات من طراز تشالنجر 2 لن يعود بفائدة. سيتطلب ذلك تعبئة شبكة كاملة للتدريب والصيانة لمعدل توافر محدود، ما يعني تأثيرا ضئيلا على الأرض”.