عطوان : لماذا تخشى أمريكا إنضمام “حزب الله” الى حرب غزة وتفعيل الجبهة الشمالية؟ وهل سيكون الرد على دعمها لدولة الاحتلال ماليا وعسكريا تدمير قواعدها في العراق وسورية وإغلاق باب المندب؟

فجر اليوم //

عبد الباري عطوان

الولايات المتحدة الامريكية شريك رئيسي في العدوان الهمجي الدموي الإسرائيلي على قطاع غزة وقريبا على جنوب لبنان، ليس لأنها إعتمدت 14.5 مليار دولار كمساعدات وآلاف الأطنان من الذخائر والمعدات العسكرية، وانما أيضا لإرسالها حوالي 2000 جندي ومستشار للقتال في قطاع غزة الى جانب القوات الإسرائيلية، الأمر الذي قد يعرضها، وقواعدها، في المنطقة تحديدا، لعمليات إنتقامية تكبدها خسائر مادية وبشرية كبيرة.

الدعم المالي والعسكري للجيش الإسرائيلي في قطاع غزة لم يحسم الحرب لصالح تل ابيب، وبما يؤدي الى تحقيق أهدافها، أي إطلاق سراح الاسرى الاسرائيليين (250 اسيرا)، او إجتثاث فصائل المقاومة في قطاع غزة، وتنصيب حكم مدني جديد على غرار نظام كرزاي في أفغانستان، السلطة والفلسطينية العباسية في رام الله، يدخل القطاع على ظهر الدبابات الإسرائيلية.

الولايات المتحدة إستشعرت هذه الهزيمة بشقيها السياسي والعسكري، وفوقهما الشق الأخلاقي، وهذا ما يفسر إقدام وزير دفاعها لويد اوستن على مهاتفة نظيره الإسرائيلي يواف غالانت ومطالبته بعدم توريط أمريكا في هزيمة أخرى في لبنان من حيث تجنب أي مواجهة مع “حزب الله” تؤدي الى توسيع دائرة الحرب مع محور المقاومة، وبما يؤدي الى تعريض مصالحها وقواعدها وحلفائها في المنطقة للخطر.

***

هناك عدة مؤشرات تؤكد عمليا فرضية اغراق أمريكا في عدة جبهات في المنطقة:

·    الأول: تصاعد الهجمات الصاروخية التي تشنها فصائل تابعة لمحور المقاومة في العراق وسورية في الأسابيع القليلة الماضية، (عين الأسد، التنف، كيناكو) وتجاوزها رقم الأربعين هجوما، مما ادى الى إصابة أكثر من مئة جندي امريكي.

·    الثاني: سقوط طائرة مروحية أمريكية قبل يومين ومقتل خمسة جنود كانوا على ظهرها جنوب قبرص في شرق المتوسط، وأكد بيان رسمي امريكي ان جميع القتلى كانوا من القوات الخاصة، الامريكية، وتكتمت وزارة الدفاع الامريكية عن الأسباب الحقيقية لسقوط هذه الطائرة ونوعها، وان كانت قد اعترفت بأن التدريب الذي كانت تشارك فيه يأتي في إطار خطة لإجلاء قوات أمريكية في لبنان وإسرائيل.

·    الثالث: احتمالات إغلاق مضيق باب المندب، وقصف السفن الحربية والمدنية فيه من قبل قوات “انصار الله” التابعة لحكومة صنعاء تضامنا مع حركات المقاومة بقيادة كتائب القسام في قطاع غزة، وقد نفذت هذه القوات عدة هجمات بالصواريخ الباليستية والمسيّرات على ميناء ايلات، واهداف إسرائيلية أخرى في النقب، مثلما هاجمت في السابق سفن أمريكية وإسرائيلية في بحر العرب.

اللافت ان الرئيس جو بايدن الذي بات دمية في أيدي دولة الاحتلال وعملائها في حكومته مثل انتوني بلينكن وعاموس هوكشتاين مبعوثه الى لبنان وكليهما صهاينة الولاء والإنتماء، اللافت ان الوقاحة بلغت الى تحميله مسؤولية الهجمات على القواعد الامريكية في العراق على السيد محمد شياع السوداني رئيس وزراء العراق، ومطالبته بالإستقالة لفشله في حماية القواعد الامريكية.

هناك 3400 جندي امريكي في قواعد بالعراق وسورية وسيكون هؤلاء صيدا ثمينا لكتائب محور المقاومة فور توسيع دائرة الحرب في غزة انتقالها الى جنوب لبنان، وإنضمام أذرع المقاومة الأخرى اليها.

المعلومات المتوفرة تؤكد ان السفن وحاملات الطائرات الامريكية التي أرسلها الرئيس بايدن الى شرق المتوسط، قد تراجعت الى 400 كم غربا حتى لا تكون في مرمى صاروخ ياخونت البحري الروسي الذي بات الآن في حوزة كل من سورية و”حزب الله”، ويبلغ مداه 300 كم.

القاسم المشترك بين القيادتين الامريكية والإسرائيلية، ليس العداء للعرب والمسلمين فقط، وانما سوء التقدير السياسي والعسكري، وعدم فهم حقيقة المستجدات في المنطقة، وخاصة الأمور المتعلقة بمحور المقاومة، فاذا كانت دولة الاحتلال تلقت ضربة قاضية على أيدي مقاتلي “كتائب القسام” يوم السابع من تشرين اول (أكتوبر) الماضي، أرخت لبداية انهيار المشروع الصهيوني، فإن الولايات المتحدة مقدمة حتما على هزيمة أخرى في المنطقة أكبر من تلك التي لحقت بها في العراق وأفغانستان.“إسرائيل” باتت عبئا استراتيجيا ثقيلا على الكاهل الأمريكي عندما صعدت حروبها ومجازرها في حق الأطفال والمدنيين الخارجة عن كل القوانين الحربية والأخلاقية، وارتفاع منسوب الكراهية لها ليس في العالمين العربي والإسلامي فقط، وإنما في الكرة الأرضية بأسرها، وبما سيؤدي الى خسارتها لمكانتها كقوة عظمى لمصلحة الصين وروسيا.أمريكا لن تربح أي من الحربين اللتين تخوضهما في أوكرانيا، والشرق الأوسط، وستواجه المصير نفسه الذي واجهته القوى الاستعمارية الأوروبية مثل بريطانيا وفرنسا.. والأيام بيننا.

Exit mobile version