عطوان : الرَّدُّ الثأريّ الإيرانيّ بدأ مُبكّرًا باحتجاز السّفينة الإسرائيليّة الأُولى قُرب مضيق هرمز واستِهداف “الجسر البرّي” من الإمارات إلى حيفا مُرورًا بالسعوديّة والأردن.. خمس حقائق تُفَسِّر هذا التحوّل ما هي؟ ولماذا أغلقت الكويت وقطر أجواءهما وقواعدهما في وجه الطائرات الامريكية؟ وما هي الأهداف القادمة المرجحة؟

فجر اليوم //

عبد الباري عطوان

اقدام مروحية إيرانية تابعة للحرس الثوري ظهر اليوم بإنزالها عددا من المسلحين على ظهر سفينة إسرائيلية قرب مضيق هرمز كانت في طريقها من الامارات الى الهند وجرها الى المياه الإقليمية الإيرانية، جاء خطوة أولى في إطار الرد الثأري المتوقع لقصف القنصلية الإيرانية في دمشق، ومن المؤكد ان خطوات أخرى أوسع وأكثر قدرة تدميرية، وربما في العمق الإسرائيلي المحتل بالصواريخ والمسيّرات ستتلوها في أي لحظة.القاء نظره تحليلية متعمقة على هذه الغارة البحرية الإيرانية، وفي هذا التوقيت الحساس، يمكن الخروج منها بعدة حقائق:الأولى: الهجوم على السفينة الإسرائيلية ومن قبل بحرية الحرس الثوري وجرها الى اليابسة الإيرانية، يعني ان ايران وضعت استراتيجية انتقامية متعددة الفصول، وانها هي، وليس اذرعها الحليفة، التي ستكون رأس حربة الإنتقام والثأر لضحاياها في السفارة الإيرانية في دمشق.الثانية: وقوع هذا الهجوم بالقرب من مضيق هرمز يعني ان ايران وبحريتها، وضعت يدها على المضيق عسكريا، وربما كمقدمة لإغلاقه في وجه الملاحة البحرية ليس لإسرائيل فقط، وانما في وجه الامريكان والبريطانيين والدول الغربية الأخرى المنضوية تحت راية حلف الناتو، او المتحالفة معه، وهذا قد يشمل دولا عربية خليجية وخاصة الموقعة لاتفاقات “سلام ابراهام”.الثالثة: احتجاز سفينة إسرائيلية تابعة لرجل الاعمال الإسرائيلي إيال عوفر قرب الامارات، كانت في طريقها الى الهند، يعني ان الحرس الثوري الإيراني قرر تعطيل الجسر البري الذي يربط الهند بدولة الاحتلال انطلاقا من دبي وأبو ظبي ومرورا بالسعودية والأردن وصولا الى حيفا، وهو الجسر الذي يشكل بديلا للملاحة الإسرائيلية في البحر الأحمر، التي تعطلت بفعل الهجمات التي يشنها سلاح البحرية اليمني تضامنا مع الصامدين في قطاع غزة.الرابعة: الإستيلاء على السفينة الإسرائيلية يأتي تنفيذا سريعا لتهديدات قائد سلاح البحرية في الحرس الثوري الإيراني قبل يومين التي قال فيها “ان الوجود الإسرائيلي في الامارات يمثل تهديدا لإيران، لان هذا الوجود ليس اقتصاديا مثلما يشاع، وانما أمنيا وعسكريا أيضا.الخامسة: من الواضح ان السيد علي خامنئي المرشد الأعلى للثورة الايرانية، وباحتجاز هذه السفينة ونسف الجسر البري، قد صادق على الخطة الانتقامية العسكرية لضرب الاحتلال الإسرائيلي التي وضعتها امامه القيادة العسكرية، وبدأت عملية التنفيذ لها فورا ودون تأخير، وعلينا توقع ضربات أخرى مفاجئة، صاروخية، وبالمسيّرات في الأيام وربما الساعات المقبلة.نخلص من كل ما تقدم بالوصول الى نتيجة واضحة المعالم، وهو ان الرد الإيراني ربما لن يتأخر، وسيكون موسعا، وعلى جبهات عديدة، وان كل الرهانات الامريكية والإقليمية على تراجع إيراني خوفا من الحشودات والتهديدات الإسرائيلية والامريكية قد سقطت، ولم يكن لها أي تأثير على صانع القرار الإيراني الذي قرر قلب الطاولة على المعتدين والانتقال من مرحلة الصبر الاستراتيجي والنفس الطويل الى مرحلة الرد بقوة على تجاوزات دولة الاحتلال واستهدافها لأهداف إيرانية، وكانت عملية اغتيال الشهيد الجنرال محمد رضا زاهدي رئيس فليق القدس في سورية ولبنان وفلسطين وستة من مساعديه القطرة التي أفاضت كأس الصبر.العالم كله يعيش حالة من الانتظار والرعب المزدوجة، وبلغت ذروتها أمريكيا واسرائيليا في الساعات القليلة الماضية، وباتت مثل الذي ينتظر تنفيذ حكم الإعدام في أي لحظة، ولعل حالة الزحام غير المسبوقة في مطار اللد (بن غوريون) في تل ابيب بسبب الاعداد الضخمة جدا من اليهود الذين يفرون من فلسطين المحتلة بحثا عن ملاذات آمنة هي أحد اوجهه، والصور المنشورة لا تكذب.إسرائيل ارادتها حربا إقليمية موسعة، تورط أمريكا والغرب فيها، وها هي أمريكا مثل الخروف تنقاد اليها وهي مفتوحة العينيين، وسيكون لاسرائيل ما ارادت، وستدفع ثمنا وجوديا غاليا وستفتح على نفسها أبواب الجحيم وعلى أكثر من خمس جبهات، ان لم يكن أكثر، فحرب الإبادة في غزة وقصف القنصلية الإيرانية في دمشق جثا ما قبلهما.التسريبات الإعلامية الامريكية تقول ان ايران اعدت خطة انتقامية لضرب حيفا، ومفاعل ديمونا، والبنىى التحتية للمياه والكهرباء في العمق الإسرائيلي المحتل بهجوم بمئة مسيرة ومئات الصواريخ الباليستية “فرط صوت” تصل الى أهدافها في 12 دقيقة، او مجنحة في غضون ساعتين، وهذا يعني نقطة النهاية للمشروع الصهيوني.دخول أمريكا هذه الحرب يعني تدمير معظم، ان لم يكن جميع، قواعدها في دول الخليج والأردن والعراق، ولهذا لم يفاجئنا طلب كل من قطر (قاعدة العديد) والكويت (قاعدة علي السالم، واحمد الجابر)، وإغلاق المجال الجوي في البلدين امام أي طائرات تنطلق منها لضرب ايران.***إدارة الرئيس بايدن الامريكية المحاطة بمجموعة من عملاء إسرائيل تتحمل المسؤولية الأكبر عن كل ما يمكن ان تشهده المرحلة المقبلة من دمار لمصالحها، ولدولة الاحتلال كنتيجة لحروب الإبادة التي تشنها دولة الاحتلال في غزة والضفة بمباركتها مشاركتها، فمن المؤسف ان امريكا لم تستطع لجم هذه الحروب والهجمات الإسرائيلية على سورية وفلسطين المحتلة، وبعد ان تورطت فيها، خاصة في الأخيرة، بدأت تطالب ايران بضبط النفس وعدم الرد سواء عبر الوسطاء “العرب” او من خلال تحريك حاملات الصواريخ الى الشواطئ الفلسطينية حماية لدولة الاحتلال.الرد الإيراني بدأ، واصبحنا نشاهد، بل ونلمس ثماره الأولى في الخليج، وربما قريبا جدا في قلب فلسطين المحتلة وفي أي لحظة، فزمن الرد في المكان والزمان المناسبين قد ولى الى غير رجعة، او هكذا نعتقد ونأمل، والقادم اعظم.. والأيام بيننا

Exit mobile version