طرد إسرائيل من الاتحاد الافريقي.. لماذا نقول شكرا كبيرة لأهل الجزائر والأشقاء في جنوب افريقيا؟ ولا عزاء للحكومات العربية المطبعة
عبد الباري عطوان
الحدث الأهم اليوم السبت في رأينا قيام مجموعة من الحراس والمنظمين، وقبل لحظات من افتتاح أعمال قمة الاتحاد الافريقي في اديس ابابا بطرد الدبلوماسية الإسرائيلية شارون بار لي نائبة مدير الشؤون الافريقية في وزارة الخارجية من القاعة التي “تسللت اليها” وإصطحابها الى الباب الخارجي، وسحب بطاقة الدخول كعضو مراقب التي وضعتها على صدرها، وحصلت عليها بطرق غير قانونية.
لا مكان لدولة الاحتلال العنصرية الفاشية في أوساط الدول الافريقية وقادتها الشرفاء، هذه الدولة الإرهابية التي كانت الحليف الأكبر لنظام الفصل العنصري في القارة، وزودته بالمال والتكنولوجيا النووية، هذه الدولة التي ترتكب المجازر في حق الشعب الفلسطيني بصفة يومية، وتنهب ارضه، وثرواته، وتقتل الأطفال دون رحمة، بكل غطرسة وغرور، وبحماية من يطلق على نفسه العالم الديمقراطي الحر بزعامة الإرهاب الأمريكي.
***
وزارة الخارجية الإسرائيلية التي فتحت سرادق العزاء، ولم تجد افريقيا واحدا يواسيها في مصابها، اتهمت الجزائر وجنوب افريقيا، بالوقوف خلف عملية الطرد المهينة والمذلة هذه، ولكنها لا تعرف ان هذه التهمة تشّرف الجزائر دولة وشعب المليون شهيد، وجنوب افريقيا حامية ارث الزعيم الخالد نيلسون مانديلا، ومعظم، ان لم يكن كل، الشعوب الافريقية.
دولة الاحتلال، وفي ذروة الهيمنة الامريكية والخنوع العربي الرسمي، حصلت في آب (أغسطس) عام 2021 على صفة عضو مراقب في الاتحاد الافريقي وبقرار من رئيسه موسى فيكي محمد للأسف، ودون الرجوع للدول الأعضاء، ولكن انتفاضة الجزائر وجنوب افريقيا الغاضبة، وهبتهما، نجحتا في تجميد هذا القرار، وإصدار قرار بالإجماع من الاتحاد في هذا الصدد، وتشكيل لجنة من سبع رؤساء بتحويل التعليق الى طرد دائم.
الأمانة العامة للاتحاد سحبت دعوة وجهتها للحكومة الإسرائيلية، وطلبت فيها عدم ارسال أي مندوب للحضور، ولكنها كعادتها، أي الحكومة الإسرائيلية، تجاهلت هذه الخطوة، وارسلت مندوبتها المذكورة آنفا الى اديس ابابا لتتسلل على حين غفلة الى قاعة الاجتماع، ونحمد الله انها فعلت ذلك، حتى يتحول هذا التسلل الى فضيحة سياسية عالمية.
طرد إسرائيل وسحب عضويتها كمراقب من الاتحاد الافريقي، يتصدر القضايا المطروحة على جدول اعمال هذه القمة التي شارك فيها 36 رئيسا، واربع رؤساء حكومات، وكل المؤشرات تؤكد، وبفضل جهود رئيسي الجزائر وجنوب افريقيا، ودعم جميع القادة المشاركين، ومن بينهم السيد غزالي عثماني رئيس دولة جزر القمر رئيس الدورة الحالية، وزعماء وممثلي مصر وتونس وليبيا وموريتانيا علاوة على جزر القمر والصومال وجيبوتي.
شهر العسل الإسرائيلي في القارة الافريقية جاء اقصر بكثير مما توقعه قادتها، وداعميها في أوروبا وامريكا، بل وحتى في بعض، العواصم العربية المطبعة التي وقعت معها اتفاق “سلام ابراهام” المغشوش والمسموم.
القارة الافريقية تستعيد قوتها، ومكانتها، وتضع قيم العدالة ومصالح شعوبها الوطنية فوق كل اعتبار، وها هي تقطع اشواطا طويلة لإصدار عملتها الخاصة، ودينارها الذهبي، وتحرر اقتصادها من التبعية الغربية، وتعزز تحالفاتها مع اقطاب النظام العالمي الأمني والمالي الجديد بزعامة الصين وروسيا، والفضل في ذلك يعود الى قياداتها الوطنية الجديدة.
***
نقول شكرا من القلب لأهلنا في الجزائر وقائدها ووزير خارجيتها الذين لعبوا دورا كبيرا في اغلاق أبواب القارة الافريقية في وجه هذا التسلل الصهيوني الخبيث، ونقول شكرا ايضا الى الأشقاء في جنوب افريقيا الذين حافظوا على عهد زعيمهم، والعالم الثالث بأسره، نيلسون مانديلا، ووقفوا دائما وبصلابة في خندق القضية الفلسطينية العادلة، ولم يتخلوا عن هذا العهد مطلقا رغم الضغوط الكبيرة والمغريات الأكبر.
افريقيا تنتصر لفلسطين وشعبها وقضيتها وحقوق شعبها، في هذا التوقيت الصعب حيث تتفاقم المجازر الإسرائيلية، وعمليات الاستيطان، ومخططات الطرد والابعاد، وتهويد الثروات، فشكرا لشعوبها الشقيقة وقياداتها الوطنية، ونحن على ثقة انها، وبسبب هذه المواقف المشرفة ستستعيد مكانتها كعضو دائم في مجلس الامن الدولي، وفي مكان بارز في خريطة القوى الأهم عالميا، فالمسيرة انطلقت نحو الهدف المأمول ولن تتوقف.. والأيام بيننا