رندة كعدي.. تمثيل بلا تكلّف وشهرة دون عناء الانغماس في الأضواء



أخبــــــــــار_فنية #فجر_اليوم //

من الدراما اللبنانية إلى الأعمال العربية المشتركة، حملت رندة كعدي ما راكمته على مدى عقود من نجاحات، وأيضًا من خيبات، لتضيف إلى سجلّ أعمالها أدوارًا أخرى لا تُنسى.

الفنانة التي أجادت التمثيل دون تكلّف، ولفتت الأنظار دون عناء الانغماس في الأضواء، تتحدّث عن الفن والإنسانية بوصفهما تجلّيًا للجوهر نفسه.

بشغف تستعيد، عبر بودكاست “كيف الحال”، محطّات من سيرة مهنية ثرية؛ تمرّ على الطفولة والحرب الأهلية، وتعاتب لبنان الأم، وتتوقّف عند الخيبات والإبداع والعلاقة المهنية مع ابنتها “تمارا”

وتقول للزميل ميلاد حدشيتي إن ما تحب أن تُذكَر به هو أن “رندة كعدي زرعت المحبّة، وتأمل أن تحصدها في قلوب كل الناس”.

علاقة إيمان وعشق
رندة كعدي ممثّلة لبنانية، تصف علاقتها بالفن والأداء التمثيلي بأنها علاقة إيمان وعشق ووفاء.

الممثلة هو الدور الذي غذّى روحها بشكل أكبر؛ فكلّما اختبرت شخصيات افتراضية موجودة على الورق واعتنقتها بكل صدق إلى حدّ التماهي، مكّنها ذلك من إيجاد ردود الفعل الصحيحة في الحياة اليومية.

تقول إن التمثيل هو الصدق والحقيقة بعينها:

“إن لم أغُص إلى هذا الحدّ في صدق الشخصية، لن أكون الإنسانة التي تواجه ما تتعرّض له في مجتمعها من مواقف مختلفة”.

وبرأيها، الممثل هو الإنسان الذي يسعى ليكون نظيف المظهر والداخل، ويحظى بمحبة الجمهور.

هل جعلك التمثيل أكثر تسامحًا مع الناس وظروفهم؟ تجيب: “بالتأكيد”، مشيرة إلى أنها تشكر الله على منحها الإيمان بأن الفن معتقد.

وتذكّر بأن المسرح في زمن الإغريق كان هو نفسه المعبد، وعليه فإن الفن ليس مجرد شهرة أو مرحلة تُقطَف ثمارها، أو أمرًا سخيفًا، بل إن جذوره طاعنة في التاريخ، ويخوّل الفنان التحلّي بإنسانيته.

وتستطرد شارحةً أن القيادة كما يُقال فن، وكذلك الطبخ والذوق، وكل ما في الحياة فن؛ فكيف إذا كان الفن هو فنّ التعبير والأداء وتناول الشخصيات الافتراضية لتصبح حقيقية، أي عملية ولادة دائمة.

غير أن الانفصال عن الشخصية مع انتهاء المشهد، الذي تجيده رندة كعدي، هو نتاج تقنيات مكتسَبة يصل إليها الفنان نتيجة الكثير من التعب والجهد.

نشأة رندة كعدي
نشأت رندة كعدي في كنف والد عاشق للفن، كان موظفًا في البريد ويكتب في الفن، صحبها إلى المسرح في الصغر وغرس فيها حلمًا كبيرًا.

تقول إن المشاعر نفسها تعود إليها كلّما دخلت إلى كواليس المسرح؛ ردّة الفعل نفسها والعشق نفسه.

والشهرة التي بلغتها تؤكّد أنها حقّقتها بعد نضال وتعب، إذ لم تكن بالأمر السهل، مستعيدة في هذا الإطار كلمات والدها الذي لطالما نبّهها إلى أن الطريق طويل وصعب، وعليها أن تعرف كيف تسير بين الأشواك.

وتشرح أن الصعوبات التي يواجهها الفنان نوع من أنواع الشوك، لأنها لا تُقدَّر بثمن، لا ماديًا ولا معنويًا.

وتتوقّف عند العمل على الأدوار التي تُسنَد إليها، فتقول:

“أنظر إلى جوهر الشخصية، أصدّقه وأتابعه وأبلوره. أيًا كان حجم الدور، أنحت عليه ليكتسب وجودًا”.

لمَ تلاحقني الحرب؟
بعيدًا عن الأضواء، تقطن الفنانة رندة كعدي في مدينة زحلة شرقي لبنان، تهتم بعائلتها وتنصرف إلى كتبها.

تتحدّث عن المكان الذي تعيش فيه، الهادئ حيث السهل الواسع، والسماء القريبة، والشمس التي تلقي التحية صباحًا، مشيرةً إلى ما فيه من عمق وفضاء.

وتضيف:

“هذا المكان اختاره الله لي، فما لي بالصخب وقد وجدت هذا المكان الأنسب والأكثر طمأنينة، ويساعدني على الحفاظ على سكينتي لأنقل معي إلى العمل كل قوتي، لأفجّرها حيثما يجب؟”.

لكن رندة كعدي تلحظ جرحًا لن يُنسى، خلفته الحرب الأهلية في لبنان. برأيها، الإيجابية التي يمكن الحديث عنها من تلك السنوات أنها أخرجت الكثير من الإبداع والمبدعين.

ما يؤلمها هو الانقسام الذي طال أيضًا الجغرافيا، لتأخذ كل منطقة طابعًا خاصًا، فيما لبنان بلد واحد بكل ألوانه؛ ليس عليها أن تراه مقسَّمًا. وتسأل:

“لماذا تلاحقني الحرب والأصوات المرعبة في كل مراحلي العمرية؟”.

وكأم لابنتين، تقول إن إحداهما في المهجر والثانية ربما تغادر أيضًا، وتتساءل: “لبنان الأم، هل ترضين بأن يغادر أبناؤك؟”.

وعلى الرغم من الخيبات، تذكّر بأن البشر قادرون على التأقلم ويرغبون بالاستمرار، وأن الألم هو ما يولّد الإبداع.

وتلفت إلى أن اللبنانيين يبدعون في كل المجالات نتيجة ما عاشوه من ألم وخيبات، وبمقدار ما ذرفوه من دموع على أحبة سرقتهم الحرب، وتتبع ذلك بالقول:

“نحن نتطلّع إلى الفرح والانتصار، ننتظر ونستعمل قوتنا الداخلية للمجابهة كي لا نستسلم”.

رندة كعدي والأعمال المشتركة
استقبلت رندة كعدي الشهرة الواسعة التي تأخّرت لبعض الوقت، ثم حان موعدها مع مشاركتها في أعمال عربية مشتركة حظيت بالنجاح والانتشار، بحب وفرح.

لم تفكّر يومًا إلى أين ستصل شهرتها، وفق ما توضح، بل بمقدار ما ستراكمه من سلام واكتفاء داخلي.

وبينما كانت تستاء من تخصيصها في دور الأم بعدما أجادته في المرة الأولى، تلفت إلى أنها رضيت بذلك بعدما باتت تلوّن الدور الذي يُسنَد إليها بطريقة مختلفة.

وفيما تتحدّث عن حبّها الكبير لابنتيها، تقول إن “حبيبة قلب أمها”، تمارا، درست التمثيل في الجامعة اللبنانية وأتبعته بدراسة إعداد ممثّل.

تمارا ترافق والدتها، أستاذة التمثيل، في الغوص في الشخصيات وتعاونها في الاستعداد لتقديم الأدوار.

بدأ الأمر عندما لعبت رندة شخصية الموت في مسرحية تخرّج ابنتها، وفوجئت بعمق العمل معها، وهو ما استمرّ بعد ذلك للغوص أكثر في الشخصيات وإعادة تركيبها خارج الورق.

Exit mobile version