رئيس المنظمة البحرية الدولية يزور مصر وسط مخاوف من هجمات الحوثيين في البحر الأحمر

فجر اليوم//
يعتزم الأمين العام للمنظمة البحرية الدولية أرسينيو دومينكيز زيارة مصر الأسبوع المقبل لمناقشة مجموعة واسعة من القضايا، مع تنامي المخاوف بشأن هجمات الحوثيين في البحر الأحمر واضطرابات الحركة البحرية الدولية.

وحتى الآن، تسببت الهجمات في انخفاض حركة الشحن في قناة السويس، أسرع طريق بين أوروبا وآسيا والمصدر الرئيسي للعملة الأجنبية في مصر ، بنحو 70 في المائة، حيث تضطر السفن إلى التحويل إلى طريق رأس الرجاء الصالح الأطول.

ويؤدي استخدام نفس الطريق الأطول أيضًا إلى زيادة هائلة في الانبعاثات بنسبة 70 بالمائة، وفقًا للمنظمة البحرية الدولية.

وأضافت المنظمة أن الهجمات التي تشنها الميليشيات المدعومة من إيران في اليمن ، والتي تضامنت مع غزة وسعت إلى الضغط على إسرائيل لقبول وقف إطلاق النار، تدفع أيضا الارتفاع المتوقع في تكاليف الشحن إلى 0.6 في المائة.

وتعد الهجمات وتداعياتها المذكورة من بين القضايا التي سيناقشها رئيس المنظمة البحرية الدولية خلال زيارته لمصر مع المسؤولين هناك.

وقال دومينكيز للصحفيين في لندن في 15 ديسمبر/كانون الأول إنه سيناقش أيضا مصير 25 بحارا كانوا على متن ناقلة السيارات جالاكسي ليدر عندما اختطفت السفينة من قبل الحوثيين في نوفمبر/تشرين الثاني 2023 أثناء محاولتها التوجه إلى البحر الأحمر.

وقال إن محنة غالاكسي ليدر تمثل مشكلة بالنسبة للمنظمة البحرية الدولية.

ومن المتوقع أيضًا أن يفتتح دومينكيز أثناء زيارته لمصر المكتب الجديد لمنظمته في مدينة الإسكندرية الساحلية الشمالية.

ومن المقرر أن يعمل المكتب، الذي يقع داخل الهيئة المصرية لسلامة الملاحة البحرية بميناء الإسكندرية، على تعزيز حضور المنظمة البحرية الدولية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

وقت صعب
وتأتي زيارة رئيس المنظمة البحرية الدولية إلى مصر في الوقت الذي تسعى فيه الدولة العربية إلى التعامل مع آثار هجمات الحوثيين على سفن الحاويات في البحر الأحمر على إيرادات قناة السويس والاقتصاد المصري بشكل عام.

وتستهدف الميليشيات المدعومة من إيران، والتي تسيطر على ميناء الحديدة غربي اليمن، سفن الحاويات قبالة السواحل اليمنية منذ ما يقرب من عام الآن.

وتقول الحركة إنها تهاجم بشكل خاص السفن الأميركية والإسرائيلية تضامناً مع الفلسطينيين، الذين أصبحوا الآن في خضم الهجمات الإسرائيلية القاتلة على قطاع غزة.

لقد أدت الهجمات الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية الساحلية حتى الآن إلى مقتل أكثر من 50 ألف شخص، معظمهم من النساء والأطفال، وإصابة عشرات الآلاف من الآخرين. كما تسببت هذه الهجمات في تدمير معظم أجزاء غزة.

ومع ذلك فإن تضامن الحوثيين مع شعب غزة يأتي على حساب مصر وتكلفة التجارة الدولية والحركة البحرية في البحر الأحمر.

إنهم يحرمون مصر من الإيرادات التي تحتاج إليها بشدة من قناة السويس، مما يؤدي إلى تعطيل التجارة الدولية ودفع السفن إلى اختيار الطريق الأطول وهو طريق رأس الرجاء الصالح.

وفي أواخر ديسمبر/كانون الأول الماضي، قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إن القناة ستخسر نحو 7 مليارات دولار في عام 2024، أي ما يقرب من 60% من إجمالي إيراداتها السنوية.

وبعيدا عن التأثيرات الأخرى الناجمة عن الحرب في غزة، فإن فقدان العائدات من قناة السويس بسبب هجمات الحوثيين يدفع مصر إلى حافة الدمار الاقتصادي، وهو ما قد يفسر سبب سعي الدولة المكتظة بالسكان للحصول على الدعم من صندوق النقد الدولي ومؤسسات الائتمان الدولية الأخرى.

وتؤثر الاضطرابات في البحر الأحمر أيضاً على التخطيط الاقتصادي المستقبلي لمصر، حيث تقع منطقة قناة السويس في قلب التطلعات الاقتصادية للبلد المكتظ بالسكان.

واستثمرت الحكومة المصرية مليارات الدولارات في تطوير القناة منذ عام 2014، وسط آمال في زيادة الإيرادات من الممر المائي الحيوي، وهو الممر الرئيسي لنحو 12% من التجارة العالمية، بما في ذلك 30% من تجارة الحاويات الدولية.

وتتطلع مصر أيضًا إلى تحويل منطقة قناة السويس إلى مركز لوجستي وصناعي دولي يجذب عشرات المليارات من الدولارات من الاستثمارات في السنوات المقبلة.

اختيارات صعبة
وأصبحت هجمات الحوثيين مصدر قلق، لا سيما بالنسبة للقوى الغربية.

في ديسمبر/كانون الأول 2023، شكلت الولايات المتحدة تحالفا من عشر دول لمواجهة الهجمات المضادة التي يشنها الحوثيون.

ويأتي تشكيل التحالف بعد أن أنشأت الولايات المتحدة قوة المهام المشتركة 153 في أبريل/نيسان 2022 لتحسين الأمن البحري في البحر الأحمر ومضيق باب المندب وخليج عدن.

ورغم خسائرها من نفس الهجمات، لم تشارك مصر في التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة والمكون من عشر دول، على الأقل علناً، حتى مع كونها عضواً في قوة المهام المشتركة.

ومع ذلك، دعا جنرال متقاعد في الجيش المصري إلى تشكيل قوة عمل لحماية حركة الملاحة البحرية في البحر الأحمر من هجمات الحوثيين.

وقال مهاب مميش ، القائد السابق للبحرية المصرية والرئيس السابق لهيئة قناة السويس، وهي الوكالة الحكومية التي تدير قناة السويس، في ديسمبر/كانون الأول 2023، إن القوة الجديدة يمكن نشرها قبالة سواحل إحدى الدول المجاورة للبحر الأحمر لمرافقة السفن على الطريق من وإلى قناة السويس.

وفي سعيها لحماية مصالحها الاقتصادية ضد هجمات الحوثيين، تتحرك مصر على خط رفيع.

صحيح أن الدولة العربية تخسر عائدات ضرورية للغاية من قناة السويس بسبب هذه الهجمات، لكن المحللين في القاهرة قالوا إن العمل العسكري المصري ضد الحوثيين سوف يفسر في الداخل وفي المنطقة على أنه يأتي دفاعا عن إسرائيل، الهدف الرئيسي لهجمات الحوثيين.

وقالت أماني الطويل، الباحثة في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، لـ« العربي الجديد » : «مصر قد تدفع فاتورة سياسية وعسكرية باهظة غير مرغوب فيها، إذا تورطت في هجمات ضد الحوثيين».

ولعل هذا هو السبب الذي يجعل مصر على الأرجح لن تتخذ أي إجراءات ضد هجمات الحوثيين في المستقبل، بل ستركز على الدبلوماسية كما فعلت في الأشهر الماضية.

ومن الواضح أن القاهرة تتحرك بهذا الشكل انطلاقا من اعتقادها بأن هجمات الحوثيين هي نتيجة للحرب الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل على غزة .

وقال الطويل “إذا كانت هجمات الحوثيين في البحر الأحمر تسبب ضررا لإسرائيل فهذا يعني أن على تل أبيب إعادة النظر في سياساتها في الأراضي الفلسطينية والمنطقة”.

وأضافت أن “تعليق الهجمات الإسرائيلية على غزة سيؤدي في نهاية المطاف إلى وضع حد لهجمات الحوثيين في البحر الأحمر”.

Exit mobile version