فجر اليوم
في غزة، يموت الأطفال جوعًا، ليس لأنهم مقاتلون أو يشكلون خطرًا، بل لأنهم وُلِدوا في أرض تُعاقَب على الحياة.
الحرب في غزة لم تكتفِ بالقصف والدمار؛ فقد دمّرت الطائرات البيوت، لكن الجوع دمّر الأرواح. الناس هناك لا يسألون عن الكهرباء أو الإنترنت، بل يسألون عن لقمة، عن قطرة ماء، عن شربة حليب لطفل يُصارع الموت بين يدي أمه.
في مستشفى الشفاء، وفي مخيمات الشمال، وفي الأزقة المنسية من دير البلح وخان يونس، الأطفال ينامون على الأرض، يئنّون من الجوع، ولا دواء، ولا خبز، ولا أمل.
أمهات يُقطّعن أثوابهن ليصنعن حفاضًا لأطفالهن، وآباء يقفون عاجزين أمام دموع أبنائهم، لا يملكون إلا الدعاء.
في غزة، المجاعة ليست خطرًا… إنها واقع. أطفال يموتون كل يوم، لا لأنهم أُصيبوا بصاروخ، بل لأن لا طحين، لا ماء، لا حليب.
تخيّل أن يكون موت طفل ليس خبرًا في نشرة، بل تفصيلًا صغيرًا في حرب طويلة. تخيّل أن تكون “المجاعة” سياسة، وأن يُترك الناس ليموتوا ببطء، لأن العالم قرر أن يصمت. أين الضمير العالمي؟ أين الشعوب؟ أين الذين يتباكون على حقوق الإنسان بينما غزة تُذبح جوعًا وتُدفن وهي حيّة؟
نحن في عام 2025، لكن غزة تعيش في ظلام قرون مضت. ليس لأنها فقيرة، بل لأنها محاصرة. ليس لأنها لا تعرف الحياة، بل لأنهم قرروا أن لا تستحق الحياة.
في غزة، لا أحد يسأل “هل مات أحد اليوم؟” بل يسألون: كم مات؟ وكيف؟ وهل دفنوه أم ما زال تحت الركام؟
هنا يُولد الطفل، وتنتظره مجاعة بدل الحليب. هنا تنظر الأم لطفلها فيحرقها العجز قبل النار. هنا يموت الناس لأنهم اختاروا أن لا يركعوا.
بقلم/ علي السهاقي.