فجر اليوم //
يواصل الجيش الإسرائيلي قصف قطاع غزة السبت بعد ليلة من الاشتباكات العنيفة على الأرض بين جنوده ومقاتلين من حركة حماس وضربات غير مسبوقة من حيث الكثافة منذ بدء الحرب.
وفي اليوم الثاني والعشرين للنزاع الذي أوقع آلاف الشهداء الفلسطينيين، بات قطاع غزة المحاصر من إسرائيل والذي يسكنه نحو 2,4 نسمة، مقطوعا عن العالم مع توقف الاتصالات وخدمة الانترنت.
وحذّرت الأمم المتحدة الجمعة من أنها تخشى “وابلا غير مسبوق من المآسي” في القطاع الصغير الممتد على مساحة 362 كيلومترا مربعا حيث يشن الجيش الإسرائيلي عمليات قصف مدمرة منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر ردا على هجوم غير مسبوق شنته حركة حماس داخل إسرائيل وأسفر عن مقتل 1400 شخص معظمهم من المدنيين بحسب السلطات.
وقالت الوزارة إن “الاحتلال ارتكب 53 مجزرة في قصف عنيف يوم امس (الجمعة)، وارتفع عدد الشهداء نتيجة العدوان الإسرائيلي إلى 7703 من بينهم أكثر من 3500 طفل حتى الآن”.
وأعلن الجيش السبت أنه ضرب 150 “هدفا تحت الأرض” في شمال غزة خلال الليل بعدما أشار مساء الجمعة إلى “توسيع” عملياته البرية” .
وجاء في بيان نشر بعد ليلة من الضربات الإسرائيلية الكثيفة على قطاع غزة “خلال الليل ضربت الطائرات المقاتلة (في الجيش الإسرائيلي) 150 هدفا تحت الأرض في شمال قطاع غزة من بينها انفاق يستخدمها الإرهابيون ومواقع قتال تحت الأرض ومنشآت أخرى. وقد قتل عدة إرهابيين من حماس”.
وقال الجيش الإٍسرائيلي من جهة أخرى إنه قتل المسؤول في حماس عصام أبو ركبة المكلف “المظلات الشراعية الآلية والمسيرات ومعدات الرصد والدفاع الجوي”.
وقال محمود بصل مدير إعلام الدفاع المدني في قطاع غزة لوكالة فرانس برس “مئات البنايات والمنازل دمرت كليا وآلاف الوحدات تضررت” جراء القصف الليلة الماضية ، مضيفا أن عمليات القصف الكثيفة أدت إلى تغير “معالم غزة ومحافظة الشمال”.
ولا يزال يسمع دوي انفجارات متفرقة صباح السبت على ما أفاد أحد صحافيي وكالة فرانس برس من داخل القطاع ناجمة عن ضربات جوية إسرائيلية وقصف مدفعي، ومن جهة البحر.
لكن الصحافي أكد أن كثافة الضربات الجوية والقصف المدفعي تراجع مقارنة مع الليلة الماضية.
– عائلات الرهائن “قلقة” –
غطى الدخان ورائحة البارود سماء عسقلان وسديروت في جنوب إسرائيل عند الحدود مع قطاع غزة واستمرت الطائرات المقاتلة بالتحليق على علو منخفض وتواصل سماع دوي الانفجارات من قطاع غزة.
وارتفعت أعمدة الدخان الأسود فوق مدينة غزة.
وخلال الليل قالت حركة حماس أنّ مقاتليها يخوضون “اشتباكات عنيفة” مع الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة.
وقالت كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري فيها إنها “تتصدى لتوغل بري في بيت حانون (شمال) وفي البريج (وسط). ثمة اشتباكات عنيفة تدور على الأرض”.
وبعدما أعلن تكثيف “ضرباته بشكل كبير” مساء الجمعة أكد متحدّث باسم الجيش الإسرائيلي السبت أنّ القوّات الإسرائيليّة “دخلت إلى قطاع غزة ووسعت عملياتها فيه” بعد توغلين محدودين في الليلتين السابقتين.
وقال دانيال هغاري “نستمر بالقصف من الجو والبحر” مؤكدا ان “القضاء (على مسؤولين في حماس) يضعفهم”. وشدد على عدم وقوع أي ضحية في صفوف الجيش.
وفي مواجهة الضربات الإسرائيلية، دعت حماس العالم إلى “التحرك الفوري” لوقف “القصف الجوي والبري ومن البحر”، بينما أكدت أنها “جاهزة” في حال وقوع هجوم بري إسرائيلي. وأعلنت إطلاق “رشقات صاروخية” على إسرائيل.
وبعد تكثيف عمليات القصف، أعربت عائلات الرهائن المحتجزين لدى حركة حماس وغالبيتهم من الإسرائيليين عن “قلقها” وطالبت الحكومة بتفسيرات بعد عمليات القصف الكثيفة للجيش على قطاع غزة.
ووفقا للجيش، تحتجز حماس 229 رهينة، من إسرائيليين ومزدوجي الجنسية وأجانب، وقد أفرجت الحركة عن أربع نساء. وأعلنت حماس الخميس مقتل “نحو 50” من هؤلاء جراء القصف الإسرائيلي.
وأكد نائب رئيس المكتب السياسي لحماس موسى أبو مرزوق الذي يزور موسكو، السبت أن الحركة الفلسطينية تحاول تحديد مكان وجود ثمانية رهائن يحملون الجنسيتين الروسية والإسرائيلية تمهيدا للإفراج عنهم.
وبخلاف الولايات المتحدة، لا تصنف روسيا حماس منظمة إرهابية، وأقامت دائما علاقات مع الحركة الفلسطينية.
– “تستر” –
وترافقت عمليات القصف الليلية غير المسبوقة من حيث حجمها وكثافتها منذ بدء الحرب، مع قطع الاتصالات والانترنت عن غزة.
وأفاد صحافيو وكالة فرانس برس في القطاع أنه لا يمكنهم إجراء الاتصالات إلا في المناطق التي تلتقط فيها الشبكة الإسرائيلية
وقال الهلال الأحمر الفلسطيني ووكالات تابعة للأمم المتحدة من بينها منظمة الصحة العالمية، إنها فقدت الاتصال بفرقها في غزة.
وحذرت ديبورا براون المسؤولة في منظمة هيومن رايتس ووتش من أن “قطع الاتصالات قد يستخدم غطاء للتستر على فظائع جماعية والمساهمة في الافلات من العقاب عن انتهاكات حقوق الإنسان”. وفي بيان، أسفت لقطع الاتصالات “ما يمنع سكان غزة من التواصل مع أقاربهم والحصول على الخدمات الطبية الحيوية”.
وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس إن الوضع “يمنع سيارات الإسعاف من الوصول إلى الجرحى”.
وقد أحكمت إسرائيل الحصار البري والجوي والبحري الذي تفرضه على القطاع منذ 16 عاما، مانعة عنه الماء والكهرباء والمواد الغذائية منذ التاسع من تشرين الأول/أكتوبر.
وحذّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الجمعة من أنه “بدون تغيير جوهري، فإن سكان غزة سيتكبّدون وابلاً غير مسبوق من المآسي الإنسانية”.
بدوره، قال المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) فيليب لازاريني الجمعة من القدس “سيموت كثير من الأشخاص قريباً… جراء تداعيات الحصار المفروض على قطاع غزة”، مضيفا “الخدمات الأساسية تنهار والأدوية تنفد والمواد الغذائية والمياه تنفد. بدأت شوارع غزة تفيض بمياه الصرف الصحي”.
والسبت، أكد الناطق باسم الجيش الإسرائيلي أن الجيش “سيسمح اليوم بدخول المواد الغذائية والأدوية والمياه لسكان” غزة.
– “أوقفوا هذا الجنون” –
منذ 21 تشرين الأول/أكتوبر، دخلت 84 شاحنة محملة مساعدات إنسانية من مصر إلى غزة، بحسب الأمم المتحدة في حين أن هناك حاجة إلى مئة شاحنة على الأقل يوميا، وفق المنظمة الأممية. وقد توقف 12 مستشفى من أصل 35 في قطاع غزة عن العمل.
في نيويورك، أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة الجمعة قرارا غير ملزم يطالب ب”هدنة إنسانية فورية”. وقد رحبت حركة حماس بالقرار الذي رفضته إسرائيل التي تستمر بقصف عنيف لقطاع غزة وبتنفيذ توغلات برية.
والسبت، طالب الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إسرائيل السبت ب”وقف هذا الجنون فورا” و”وضع حد لهجماتها”، في رسالة عبر منصة “اكس”.
وقال الرئيس التركي “عمليات القصف الإسرائيلية التي تكثفت مساء أمس (الجمعة) على غزة استهدفت مجددا نساء وأطفالا ومدنيين أبرياء وعمقت الأزمة الإنسانية الحالية. على إسرائيل أن توقف هذا الجنون فورا وتضع حدا لهجماتها”.
ويثير شبح الهجوم البري في قطاع غزة المكتظ بالسكان، قلق المجتمع الدولي وتتزايد الدعوات الموجهة إلى إسرائيل لحماية المدنيين.
ويخشى المجتمع الدولي اتساع نطاق النزاع في الإقليم، في حين وجهت إيران الداعمة لحماس تحذيرات عدة للولايات المتحدة.
والتوتر مرتفع جدا أيضا في الضفة الغربية المحتلة، حيث استشهد أكثر من مئة فلسطيني في أعمال عنف منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، وكذلك عند الحدود الشمالية لإسرائيل مع لبنان، حيث تَحدث عمليات قصف وإطلاق نار يومية بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله المدعوم من إيران وحليف حماس.