
في تصريح لافت ومثير للتأمل، قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب لرئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو: “إسرائيل لا يمكنها أن تحارب العالم”، وهي عبارة كررها أكثر من مرة، ما يدل على أنها ليست مجرد تعبير عابر، بل تحمل دلالات سياسية واستراتيجية عميقة.هذه الجملة، في سياق ما بعد اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، تعكس تحولا في الخطاب الأميركي تجاه الكيان الصهيوني، وتكشف عن تغيرات جوهرية في المزاج الدولي بعد عملية “طوفان الأقصى”.هذه العبارة تمثل اعترافا ضمنيا بعزلة الكيان الصهيوني المتزايدة على الساحة الدولية، فترامب، الذي كان يوما من أبرز داعمي نتنياهو، يقر الآن بأن “إسرائيل” باتت في مواجهة مع العالم، ليس فقط على المستوى السياسي، بل أيضا على مستوى الرأي العام العالمي، ما يعني أن الكيان الصهيوني فقدت الكثير من تعاطف الدول الغربية، وأن صورتها كـ”دولة ضحية” بدأت تتلاشى لتحل محلها صورة “قوة احتلال عنيفة”، وهو تحول غير مسبوق في الخطاب الدولي.هذه العبارة أيضا يمكن اعتبارها بمثابة إدانة غير مباشرة لسياسات نتنياهو، الذي فشل في إدارة الأزمة الأخيرة، وأدى بأسلوبه العسكري إلى إحراج هذا الكيان أمام المجتمع الدولي، حيث أن ترامب بات يدرك أن استمرار “إسرائيل” في نهجها العدواني سيجعلها عبئا على حلفائها، وعلى رأسهم الولايات المتحدة، التي بدأت تشعر بثقل الدفاع عنها أمام موجة الانتقادات العالمية.كما تعكس هذه العبارة انتصارا للرواية الفلسطينية، التي استطاعت بعد عملية “طوفان الأقصى” أن تخترق الحواجز الإعلامية والسياسية، وتصل إلى وجدان الشعوب في مختلف أنحاء العالم، وهذه أول مرة منذ عقود، باتت فيها وسائل الإعلام الغربية تنقل معاناة الفلسطينيين بشكل أكثر واقعية، وتسلط الضوء على الجرائم الإسرائيلية، مما أدى إلى تغير في نظرة العالم تجاه القضية الفلسطينية.كما تشير عبارة ترامب إلى أن “إسرائيل” لم تعد اللاعب الوحيد الذي يحدد شكل المنطقة، وأن موازين القوى بدأت تتغير، فحديثه عن “سلام في الشرق الأوسط” و”دور إيران في العملية” يعكس أن التحالفات الإقليمية بدأت تتشكل من جديد، وأن الكيان الصهيوني لم يعد يحتكر القرار السياسي في المنطقة، هذا التحول يعني أن كيان الاحتلال سيضطر إلى إعادة تقييم استراتيجيته، لأن الدعم الدولي لم يعد مضمونا كما كان في السابق.نتنياهو خسر علاقته بالعالم، أو على الأقل أضعفها بشكل كبير، فالعالم بدأ يرى كيان الاحتلال على حقيقته، ككيان استيطاني عنصري يمارس القتل والتدمير بلا رادع، وهذا من أهم إنجازات “طوفان الأقصى”، الذي لم يكن مجرد عملية عسكرية، بل كان زلزالا سياسيا أعاد تشكيل المشهد الإقليمي والدولي، وفضح الكيان أمام العالم.