فجر اليوم //
الدكتور علي أحمد الديلمي
تعيش اليمن في خضم أزمة سياسية واقتصادية حادة تعمقت بفعل الحرب الدائرة منذ سنوات هذه الحرب ألقت بظلالها الثقيلة على الاقتصاد اليمني مضاعفةً من معاناة الشعب اليمني الذي يعيش بين سندان الفقر ومطرقة النزاع المسلح الوضع الراهن يشير إلى عدم استقرار سياسي مستمر مع غياب التكافؤ بين الأطراف السياسية المختلفة في البلاد.
يلعب الوضع الاقتصادي الصعب وانهيار العملة الذي تواجهه اليمن عاملاً مهماً في تأثيرات الصراع والانقسام الاقتصادي بين مناطق سيطرة الحكومة ومناطق سيطرة الحوثيين هذا من جهة ومن جهة أخرى الخلافات الكبيرة في جبهة الشرعية في ظل سيطرة المجلس الانتقالي على عدن ومناطق أخرى جنوب اليمن وتتشابك تعقيدات النزاع الدائر في اليمن مع الصراع في المنطقة خصوصاً في ظل ما يتم الحديث عنه من حوارات بين أطراف اقليمية كبرى حققت نتائج إيجابية في ميزان توازن القوة الاقليمي التى سيكون لها تأثير على مصالح كثير من دول المنطقة
يتمثل الصراع الرئيسي في اليمن بين قوات أنصار الله (الحوثيين) التي تسيطر على العاصمة صنعاء والحكومة الشرعية المعترف بها دولياً هذا النزاع تصاعد بشكل خطير خلال سنوات الحرب وعلى مختلف الأصعدة وفى ضوء التطورات الحاصلة في المشهد السياسي اليمني شنت جماعة الحوثي تهديدا ردًا على الإجراءات التي اتخذتها الحكومة الشرعية فيما يتعلق بالنظام المصرفي بالطلب من البنوك اليمنية الكبري من صنعاء إلى عدن هذه الاجراءات أدت إلى تهديدات متبادلة وزيادة التوتر بين الطرفين و الشعب اليمني يعيش حالة من الترقب والخوف من تفاقم الأوضاع نحو حرب أوسع هذه الحرب إذا اندلعت بشكل أكبر ستقضي على ما تبقى من آمال لدى الشعب اليمني في الخروج من دائرة الحروب المتجددة والأزمات المتلاحقة مثل انهيار سعر الريال ونقص الوقود وانقطاع التيار الكهربائي وزيادة أسعار السلع الأساسية التى جعلت الوضع المعيشي لليمنيين في غاية الصعوبة.
الوضع الراهن في اليمن يتطلب الانتقال من المسار العسكري إلى مسار الدبلوماسية وإجراء مباحثات مكثفة يقودها أطراف حريصون على مصلحة الشعب اليمني الذي يمكن ان يكون السبيل الوحيد لإنقاذ الوضع المتدهور والابتعاد عن الخلافات السياسية والشخصية مهما بلغت حدتها ويمكن أن يسهم في تحقيق تقدم نحو حل الأزمة وإذا لم يتم ذلك فإن اندلاع حرب واسعة في اليمن قد يقود البلاد إلى مصير مجهول ويبقى الشعب هو الضحية الأكبر لهذه الصراعات.
ان المسار الدبلوماسي للحل السياسي في اليمن مر بعدة مراحل وتطلب جهودًا مكثفة من المجتمع الدولي والجهات الفاعلة المحلية منذ اندلاع النزاع في 2014 بين الحوثيين والحكومة اليمنية وكانت هناك محاولات متعددة لتحقيق السلام والاستقرار أبرز هذه المحاولات شملت
اولا منظمة الامم المتحدة التى ًلعبت دورًا رئيسيًا في جمع الأطراف اليمنية المختلفة على طاولة الحوار وتم تعيين عدة مبعوثين أمميين بدءًا من جمال بنعمر إلى المبعوث الحالي هانس غروندبرغ لإدارة المفاوضات ومحاولة التوصل إلى تسوية سياسية وتم توقيع عدة اتفاقيات لوقف إطلاق النار أبرزها اتفاق ستوكهولم في ديسمبر 2018 والذي شمل ترتيبات خاصة بالحديدة وتبادل الأسرى وفتح ممرات إنسانية
ثانيا دور دول مجلس التعاون الخليجي إلى جانب الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي قدمت دعمًا دبلوماسيًا وجهود وساطة لإنهاء النزاع كذلك لعبت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة أدوارًا حيوية في هذا السياق
إلى جانب الجهود السياسية كان هناك تركيز كبير على توفير المساعدات الإنسانية للمتضررين من النزاع والتي تديرها منظمات دولية كالأمم المتحدة والصليب الأحمر وعلى الرغم من هذه الجهود ما زال الصراع مستمرًا ومعقدًا بسبب تعدد الأطراف المتورطة وتباين المصالح الإقليمية والدولية لان تحقيق السلام المستدام يتطلب تعاونًا وثيقًا بين جميع الأطراف وضغوطًا دولية مستمرة للوصول إلى حل شامل وعادل.
سفير بوزارة الخارجية