‏النداء الأخير.. غزة تنفصل عن العالم



مـــــــقالات #فجر_اليوم //
رهيب التبعي
في هذه اللحظة المفصلية، تعيش غزة واحدة من أكثر اللحظات دموية وقسوة في تاريخها، حيث اجتاحت الدبابات قلب المدينة، وانقطع شريان الحياة المتمثل في الإنترنت والاتصالات، بينما أُحكم الحصار حتى على أساسيات البقاء من طعام وماء ودواء. هذه ليست مجرد عملية عسكرية عابرة، بل محاولة متكاملة لخنق غزة وعزلها عن العالم، في مشهد يكشف عن إصرار الاحتلال على ارتكاب جريمة إبادة جماعية على مرأى ومسمع من الجميع.

المجزرة عند باب مستشفى الشفاء، أكبر مستشفيات القطاع وأمله الأخير في إسعاف الجرحى، ليست سوى رمز صارخ لنهج متعمد يستهدف كل ما له علاقة بالحياة، فالاحتلال يدرك أن ضرب المستشفى هو ضرب للإنسانية في عمقها، وأن إغلاق أبواب مستشفى الشفاء يعني إعلان الموت الجماعي بلا تردد.

ما يجري اليوم يعكس انتقال الحرب من مواجهة عسكرية إلى حرب وجودية، حيث يسعى الاحتلال، بدعم أمريكي وتواطؤ عربي، إلى فصل غزة عن جسد الأمة تمهيدًا لتصفيتها نهائيًا. فغياب الغذاء والماء، وقطع الاتصالات، والاقتحام البري إلى قلب المدينة، كلها خطوات تكشف أن الهدف لم يعد مجرد الضغط على المقاومة أو ابتزازها سياسيًا، بل اقتلاع غزة من الخريطة، وتجريد الأمة من آخر حصونها.

المأساة لا تكمن فقط في مشهد الدماء المسفوكة والأطفال المحاصرين تحت الركام، بل في الصمت العربي والدولي الذي يتعامل مع هذه الجريمة وكأنها شأن ثانوي. هذا الصمت يترجم في وعي الشعوب على أنه مشاركة غير مباشرة في المذبحة، وشرعنة للسكين الصهيوني الذي يقطع بلا رحمة.

إنه النداء الأخير بالفعل، ليس لغزة وحدها بل للأمة كلها. فغزة اليوم ليست مجرد مدينة محاصرة، بل آخر خطوط الدفاع عن كرامة العرب وأحرار العالم. إذا سقطت غزة بالصمت والخذلان، فلن يتبقى للأمة سوى الفراغ والعار، وستُفتح أبواب العواصم تباعًا أمام المشروع الصهيوني بلا مقاومة.

لهذا فإن السؤال لم يعد: “هل ستصمد غزة؟” بل أصبح: “هل ستصمد الأمة على عهدهـا معها؟”. إن نجدة غزة لم تعد خيارًا سياسيًا أو ورقة تفاوض، بل واجب وجودي وأخلاقي، إما أن يقوم به العرب اليوم، أو يسجل عليهم التاريخ أنهم تركوا آخر حصونهم تسقط وحدها.

Exit mobile version