الأريحية الإسرائيلية في مجلس الأمن: إفلات من العقاب وهشاشة الرد العربي
أخبــــــــــار ومقالات #فجر_اليوم // رهيب التبعي
تحدث مندوب “إسرائيل” في مجلس الأمن بكل أريحية وفوقية، مرددًا كلام نتنياهو حرفيًا حول حركة حماس في الدوحة، وكأن العالم العربي ليس إلا مسرحًا لإظهار القوة، وكأن كل الإدانات التي صدرت بحقه مجرد كلمات فارغة لا وزن لها ولا تبعات فعلية. هذه الأريحية لم تأتِ من فراغ، بل هي نتيجة تراكم طويل من الردود العربية الكلامية، التي لم تترافق يومًا مع فعل حقيقي يردع العدوان أو يحمي الحقوق. إسرائيل تعلم جيدًا أن الضجيج العربي مجرد ستار يخفي هشاشة الردع، وأن أي تهديد أو انتقاد لن يوقفها عن اتخاذ أي خطوة تريدها، في أي مكان وزمان تختاره.
المواطن العربي يعرف هذا الواقع، ويشعر بالإحباط أمام السياسات الرسمية التي تتحدث بصوت مرتفع وتعلن موقفًا واضحًا، لكنها في الواقع عاجزة عن مواجهة الاحتلال أو ردع اعتداءاته. هذا الفارق بين الكلام والفعل يعزز شعور إسرائيل بأنها فوق القانون، وأنها تتحرك بحرية كاملة دون رادع، في حين يبقى المواطن العربي مجرد شاهد عاجز على مشهد تصعيد مستمر واعتداءات متكررة.
النتيجة واضحة: الإفلات من العقاب أصبح سياسة إسرائيلية ممنهجة، والضجيج العربي مجرد كلام لا يغير شيئًا على الأرض. هذا الواقع يعكس فشل الاستراتيجيات العربية في إدارة ملفات الأمن الإقليمي، ويكشف هشاشة المواقف الرسمية أمام تحديات الاحتلال. غياب الفعل الحقيقي يفتح المجال أمام إسرائيل لممارسة سياسات انتقائية واعتداءات ممنهجة، واستغلال أي فراغ سياسي أو أمني لتحقيق أهدافها دون خوف من أي رادع.
كما أن إسرائيل توظف الإعلام والدبلوماسية بذكاء لإظهار نفسها كقوة لا تُقهر، مستغلة ضعف التحليل العميق والرد الفعلي العربي. كل بيان، وكل إدانة، تتحول أمام هذه الأريحية الإسرائيلية إلى مجرد صدى بلا تأثير، مما يزيد من جرأة الاحتلال في فرض سياساته العدوانية، ويضع العرب في مواجهة واقع مؤلم: أن الكلام وحده لا يحمي الحقوق، وأن استمرار هذا النمط يعني المزيد من الإفلات الإسرائيلي من العقاب.
الدرس صارخ وواضح: لم يعد الكلام كافيًا، والفعل أصبح ضرورة ملحة وعاجلة. على الدول العربية إعادة تقييم سياساتها، ووضع آليات فعالة للردع، سواء على المستوى العسكري أو الدبلوماسي أو الاستراتيجي، لضمان حماية الحقوق والسيادة الوطنية. الاستمرار في الصمت الفعلي سيتيح لإسرائيل المزيد من الحرية في اعتداءاتها، وستظل الإدانات مجرد كلمات لا توقف عدوانًا متصاعدًا. الحل الوحيد هو تحويل الكلام إلى فعل، وإعادة بناء الردع العربي قبل أن تتحول المعادلة إلى واقع لا يمكن إصلاحه، ويصبح الاحتلال في مأمن كامل من أي مساءلة أو عقاب.