..مقالات ||محمود المغربي زمان كانت الدول الكبيرة تستعمر الدول الصغيرة بالطريقة التقليدية والمعروفة منذ مئات السنين وهي الاستعمار العسكري والذي كان شائعاً حتى وقت قريب. ومع تطور الفكر البشري أدركت الدول الاستعمارية أن هذه الطريقة مكلفة وتحتاج إلى جيوش وإمْكَانيات كبيرة وتخلق نوعاً من المقاومة لدى الشعوب المستعمرة، وتوصّلوا إلى طريقة جديدة للاستعمار تحافظ على بقاء الدول الصغيرة مستعمرة وخاضعة لهيمنة ووصاية الدول الاستعمارية دون جيوش ودون أن يكون هناك أي تواجد عسكري أَو مدني للدول الاستعمارية في الدول المستعمرة. والفكرة بسيطة وسهلة وهي وضع حكام في تلك الدول المستعمرة عملاء وتابعين لتلك الدول، من أرذل وأفشل القوم ووضع حولهم حراساً ومستشارين وحاشية هم أشد منهم عمالة وحقارة وولاء لتلك الدول لمراقبة أعمالهم وللحرص على تنفيذ أجندة ورغبات الدولة الكبيرة وحماية مصالحها، وفي حال أخفق أَو فشل الحاكم يتم القضاء عليه سواء عن طريق الاغتيال أَو الانقلاب أَو ما يسمى الثورات ووضع شخص آخر مكانه يكون أكثر ولاء وقدرة على تنفيذ أجندة ورغبات الدولة الكبيرة. وتقريبًا كافة الدول العربية هي دول خاضعة للاستعمار بهذه الطريقة الجديدة، وكافة الحكام العرب هم من العملاء والخونة وموظفين لدى الدول الاستعمارية باستثناء اليمن أَو جزء من اليمن ما يعرف بالشمال والذي كان بلداً مستقلاً وذا سيادة عجزت الدول الاستعمارية عن استعماره قبل 26 من سبتمبر 1962 ولجأت إلى الأدوات لإسقاط النظام وإدخَال الاستعمار الجديد إلى اليمن وقد تم التخلص منه في الـ 21 من سبتمبر 2014 لتعود اليمن كما كانت مستقلة، وقد تحالفت كافة الدول الاستعمارية ودفعت بكل ما لديها من أدوات داخلية وخارجية لإحباط هذا التمرد ومعاقبة اليمن على ذلك وإعادتها إلى بيت الطاعة، وقد فشلوا في ذلك عسكريًّا، لكن لا يزال لديهم وسائل أُخرى أهمها جهل وتخلف وعصبية الشعوب العربية التي دائمًا ما تستخدم من قبل الدول الاستعمارية وتحَرّك بواسطة العملاء والخونة لإسقاط ومعاقبة من يحاول الخروج من بيت الطاعة أَو من يفشل في تأدية المهمة تحت ذريعة الحرية والديمقراطية. ومن المضحك أن من يوضع ليكون البديل عن ذلك الحاكم هو أكثر قمعاً ودكتاتورية وتعلم الشعوب بذلك لكنها مغيبة فكريًّا وعقليًّا أَو تحت ذريعة الفقر والجوع الذي تتسبب به الدول الاستعمارية. يحدث اختلاف وتضارب مصالح وقد يصل الأمر إلى حصول صراع عسكري بين الدول الاستعمارية يؤدي إلى تغيير واستبدال مستعمر قديم بمستعمر جديد لكن الاستعمار باق.