اتفاقيات سعودية جديدة مع حكومة عدن .

رغم الترويج الإعلامي لاتفاقيات الرياض الأخيرة بين الحكومة اليمنية والبرنامج السعودي “لتنمية وإعمار اليمن” إلا أن الواقع الخدمي والمعيشي في المحافظات اليمنية يؤكد غياب أي تأثير إيجابي ملموس لهذه الاتفاقيات، التي لا تختلف عن سابقاتها سوى في توقيعها المتكرر دون نتائج حقيقية.الاتفاقيات التي شملت دعم عجز الموازنة وتوفير مشتقات نفطية لتشغيل محطات الكهرباء، تعيد إلى الأذهان سلسلة من التفاهمات السابقة التي لم تنجح في تحسين مستوى الخدمات أو تخفيف معاناة المواطنين، بل تحولت إلى واجهات إعلامية لتلميع البرنامج السعودي والأداء الحكومي دون أي أثر فعلي على الأرض.في ملف الكهرباء تحديدا، فالواقع يشهد باستمرار الانقطاعات الطويلة في معظم المحافظات، رغم ضخ ملايين الدولارات في صفقات شراء الوقود، وعلى رأس هذه المدن “عاصمة التحالف عدن” حيث شابت تلك الاتفاقيات فضائح فساد واسعة.فقد كشفت مصادر مطلعة عن تورط مسؤولين في تمرير عقود توريد بأسعار مبالغ فيها، لصالح شركات محددة، دون رقابة أو شفافية، ما أدى إلى استنزاف الموارد دون تحسين فعلي في ساعات التشغيل أو كفاءة المحطات.وكانت تقارير أكدت أن البرنامج السعودي فرض في اتفاقيات سابقة على الحكومات المتعاقبة التابعة له شراء المشتقات النفطية حصرا من السعودية، تكريسا للتبعية الاقتصادية وحرمانا للحكومة من خيارات توريد بديلة قد تكون أقل تكلفة وأكثر شفافية.أما دعم الموازنة، فهو إجراء شكلي لا يعالج جذور الأزمة الاقتصادية، في ظل غياب إصلاحات حقيقية في إدارة المال العام، واستمرار الإنفاق غير المنضبط، وتضخم الجهاز الإداري، وتدهور الإيرادات المحلية.كما أن الاتفاقية الأخيرة لم تتضمن أي آلية واضحة لضمان توجيه الدعم نحو تحسين الخدمات أو حماية العملة الوطنية من الانهيار.وفيما يتعلق بمذكرة التعاون بين وزارة الداخلية والبرنامج السعودي، فإنها تندرج ضمن سلسلة من التفاهمات السابقة التي لم تسفر عن تطوير حقيقي في البنية المؤسسية أو رفع كفاءة الأداء، بل ظلت حبرا على ورق، في ظل غياب الإرادة السياسية والرقابة الفاعلة.الملف الأهم الذي يجب تسليط الضوء عليه هو غياب الشفافية في إدارة هذه الاتفاقيات، وعدم نشر تفاصيل العقود أو الجهات المنفذة، ما يفتح الباب أمام استمرار الفساد وتكرار الفشل في تحقيق أي نتائج ملموسة على الأرض.كما أن هذه الاتفاقيات، ليست سوى امتداد لنهج التمويل السياسي المقنع، الذي يفتقر إلى أي رؤية تنموية حقيقية، ويعكس فشل الإدارة الاقتصادية لحكومة التحالف، التي باتت عاجزة عن تقديم أي حلول فعلية لمعاناة المواطنين.ويرى مراقبون أن الاتفاقيات التنموية لن تصنع فرقا ما لم تقترن بإصلاحات حقيقية، ومحاسبة صارمة، ورقابة مستقلة على تنفيذ المشاريع، وهو ما تفتقر إليه حكومة التحالف حتى الآن، ما يعكس الفشل الشامل في الإدارة الاقتصادية تبعا للتباينات السياسية بين الفصائل التابعة للتحالف التي تسعى للحصول على أكبر قدر ممكن من أي مساعدات لها، بمعزل عن احتياج المواطنين الذين يمثلون آخر هم للفصائل المتصارعة، والأنظمة الداعمة لها.كما يؤكد مراقبون أن هذا الشكل من الاتفاقيات ليس سوى تمويل مبرر من قبل السعودية لحلفائها عبر الاتفاقيات، لأنها تدرك تماما أن هذه الأموال لن تذهب إلى المواطنين أو الخدمات، بل أصبحت هذه الاتفاقيات ممرا لدعم الموالين لها سياسيا واقتصاديا.

Exit mobile version